تميز الطفل الإماراتي أديب البلوشي- 12 سنة- صاحب لقب "أصغر عالم عربي"، بكياسته منذ الصغر، فقدم أكثر من 10 اختراعات لخدمة الإنسانية، منها اختراعه كرسياً خاصاً بذوي الإعاقة من المصابين بشلل الأطفال وجعله ضد الماء يتصل عبر الأقمار الصناعية بالشرطة والمنزل، واختراع عصا لفاقدي البصر تتفرد بنغمات خاصة لتنبيههم أثناء المشي، كما ابتكر حزام أمان يقيس نبض قلب السائقين ينذر الشرطة أو أسرة السائق في حالة توقف قلبه أو تزايد ضرباته.
بدايةً تتحدث أم أديب عن ولادة العالم الصغير أديب، وتقول: " تغيرت حياتي منذ أن كان أديب جنيناً في احشائي وكأن شيء يقول لي أن هذا الطفل سيكون مختلفاً عن بقية الأطفال، والبداية كانت عندما اكتشف الأطباء في أثناء الحمل اصابتي بفيروس التكسوبلازما، الذي يصيب الجنين بتشوهات خلقية تصل إلى 70%، ولكن إيماني بالقضاء والقدر دفعني لرفض فكرة الاجهاض، وما شجعني أكثر على الاحتفاظ به، والده المصاب بشلل الأطفال منذ الصغر، وأذكر أنه قال لي: ( والدي لم يتركني وأنا صغيراً، لماذا أتخلى عن ابني؟)، وبعدها بدأت أتردد على الأطباء ولدي أكثر من 17 جهه طبية وعلمية تؤكد أن الجنين هو أنثى ومصاب بالفيروس، وبعدها سافرت إلى ألمانيا وكنت عندها حامل بالشهر الخامس، وأخبرني الطبيب وهو رجل مسن أن الطفل سليم وهو ذكر ولا يعاني من أي إعاقة، إلى أن ولد أديب واطمئن قلبي برؤيته وهو معافى ولله الحمد".
حياة أديب مليئة بالمفاجأت الغريبة، فاكتشف الوالدين ذكاء ونبوغ أديب منذ الصغر، تقول والدته: " لم يكن أديب مثل باقي الأطفال، فتميز بهدوءه ودهاءه، فهو طفل ذكي ودقيق في كل خطواته، وأدركنا نبوغه وقدرته على الإبداع عندما كان في سن الخامسه، وكان عندها يرافق والده في نزهة على شاطئ البحر، وطلب أديب من والده النزول معه للبحر، ولكن والده اعتذر كونه يرتدي جهاز بساقه. عندها فاجئ أديب والده بأنه سوف يخترع جهازًا ضد الصدأ، وبالفعل ابتكر جهاز طبي شبيه بالذي يستخدمه والده ولكن بمضاد للماء حتى يسبح بدون التعرض للأذى، وفكر بإستبدال الحديد بمعدن آخر أخف وزناً، وبدأ بالبحث والقراءة، ليكون بذلك شرارة الإبداع الأولى لإطلاق العنان لمخيلته وابتكاراته".
منذ الصغر لم يفارق أديب شقيقته دانه وتجمعهما علاقة متينه، إلى أن اختارت دانة الخوض في علوم الفضاء، وتقول أم أديب: " كنا نعيش في منزل صغير ومتواضع، وكان زوجي يقترض من البنوك دائماً ويكتب في استمارة البنك " الإستثمار في عيالي"، وقررت عندها الاستقالة من عملي، لمنح الوقت والاهتمام الكافِ لأطفالي، وكان عندها أديب يلقى المحاضرات في جامعة الإمارات، وتلازمة شقيقته بكافة خطواته، إلى أن تشربت منه التميز والإبداع في كل شيء، فهي اليوم أول وأصغر طفلة إماراتية تدرس هندسة علوم الفضاء وتصميم الصواريخ وإطلاقها وأول طفلة تخضع لتدريبات خاصة كرائدة فضاء في أجواء من التدريبات الصارمة قلة قليلة من النخبة تستطيع إجتيازها".
الطفل النابغة
اختارت شبكة سي إن إن الأميركية، أديب البلوشي بين 8 أطفال نوابع في مجال الاختراعات والمساهمات الطبية. ويتحدث والد أديب ويقول: " وقتي كله لأولادي، وفقدت وظيفتي بسبب أديب ودانة، وفخور بهذه التضحية كون أبنائي هم الاستثمار الحقيقي في حياتي، فهم يحتاجان الوقت والاهتمام والمتابعة".
ويضيف: " ربيت أولادي على مخافة الله، وبر الوالدين، والأخلاق، وحب الوطن، فعندما كانا في سن صغير، كنت أقصص عليهما قصص ما قبل الإتحاد ومنها مسيرة عطاء المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان- طيب الله ثراه- فنشأ طفلاي على حب الوطن وعشق القيادة والأرض والوطن".
أوضح والد أديب أن اسرته تعتمد على التعاون في جميع مناحي الحياة، ويقول أن أبناءه هما من يتخذان القرار في الكثير من أمور الحياة.
البحث العلمي والقراءة
تحتل القراءة جانب كبير من حياة أسرة البلوشي، فيحتوي منزلهم على مكتبة كبيرة، عدا عن ترددهم للمكتبة المجاورة للمنزل، يقول أديب: " اقراء بمعدل ساعة يومياً في كتب الأدب الإنجليزي والعلوم والتكنولوجيا، بالإضافة إلى البحث العلمي من خلال الكتب والإنترنت التي تستغرق حوالي 6 ساعات يومياً ، لذلك أمضي وقتي بالقراءة والبحث والتجربة والدراسة، وأجد السعادة في كل شيء أقوم به". ويهوى أديب القراءة والسباحة والتكنولوجي، ويتمنى أن يصبح عالماً نابغًا ليخدم بلاده الإمارات الحبيبة، ولينفع علمه بالخير كل البشر.
يقول ابو أديب: " تقع على الأب مسؤولية كبيرة في تربية الأبناء، ولكن زوجتي لها الفضل الأكبر في تربية أولادي، فهي المدبر الأول لرحلة اكتشاف وتنمية مواهبهم، وهي التي سخرت لنا جميعاً الطريق الآمن نحو التخطيط السليم، وكيفية استخدام التكنولوجيا بطريقة آمنه أكثر".
ويتحدث أبو أديب عن اجازة ابناءه، ويقول: " دائماً نختار قضاء الإجازة في اكتشاف الأماكن العلمية، فنسافر لزيارة المتاحف العلمية والأماكن الثقافية فأولادي يجدون المتعة والسعادة بهذه الأجواء".
ونُصب أديب البلوشي مؤخراً، سفيراً دولياً للتعليم والسلام لمنظمة إيما للسلام على مستوى العالم، وحصل البلوشي على هذا المنصب تقديراً لأهمية الجيل الصاعد من أبناء دولة الإمارات، بتاريخها العميق ومجهوداتنا الدولية في نشر السلم والسلام بين شعوب العالم، عبر برامجها الخيرية المتعددة، بالإضافة إلى حصوله على عدة ميداليات وجوائز في الابتكار والمنافسات العلمية كان أهمها تكريمه ضمن أوائل الإمارات من نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. كما تم إطلاق "مركز أديب البلوشي لمحاكاة الأجيال" بدعم واستضافة مركز حمدان للإبداع والإبتكار بمؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
رنا إبراهيم