كنتُ أنا وأمين مثل عصفوريْ الحب، وكان يُطلق علينا لقب روميو وجوليات. حسدنا الجميع على علاقتنا الغرامية إذ كان هو محور حياتي وكنت أنا حبيبته الغالية. كنت أسعد امرأة في الدنيا يوم زفافنا.
ولكن بعد شهر العسل مباشرةً بدأ زوجي "يختنق"، وأخذ يضجر من كل الناس ومن كل الأشياء وسرعان ما استرجع عادات أيام العزوبة إذ راح يخرج مع أصدقائه. من قبل، كان يصطحبني معه لنلعب الورق ونشاهد الأفلام، ثمّ صار يقدّم لي الأعذار: "نحن شبّان فقط ليس هناك فتيات فلا مكان لكِ بيننا"، وكأنّه يريد التخلّص منّي.
وصار يرجع إلى المنزل متأخراً وثملاً ثمّ راح يبيت خارجاً. لم أفهم سلوكه...
بالرغم من ذلك، حافظت في منزلنا الصغير على الأجواء الدافئة وكنت أحضّر الأطباق الشهية وأهتمّ بجمالي على الدوام من أجله...
لشدّة يأسي، فتحت قلبي لحماتي التي أحبّها كثيراً وأقدّرها، وهي الاخيرة نصحتني بالتحلّي بالصبر وقالت لي إنّ طباع ابنها صعبة ولكنّه سيهدأ قريباً. غريب أنّني لم ألحظ هذا الطابع في شخصيته خلال السنوات الطويلة التي اختبرناها قبل الزواج!
هل تبدّل إلى هذا الحدّ أم هو أخفى عنّي وجهه الحقيقي؟ لا فرق بهذا...
أمّا ما كنت أجهله، وكذلك أمّه، فهو أنّ زوجي كان قادراً على أن يكون عنيف. وخلال هذا الوقت، اقام زوجي الغالي علاقة مع صديقتي المفضّلة، بلا علمي طبعاً!
تلك الماكرة راحت تتظاهر بأنّها تحاول مساعدتي على حل مشاكلي الزوجية بينما كانت تنقل كل أسراري وكل اعترافاتي لأمين.
يوماً بعد يوم، ازدادت شراكتهما وتبلور تواطؤهما فسيطرت عليهما فكرة وحيدة: التخلّص مني!
توعّكت صحة والدتي فذهبت للاعتناء بها لبضعة أيام، ولدى عودتي وجدت أمين وساندرا معاً في سريري. لا داعي لأن أصف إحساسي حينها، فقد أصبت بالصدمة ورحت أصرخ كالمجنونة: "اخرجا من منزلي! "
وخلافاً لما توقعّته، قفز "روميو" من السرير وأمسكني بشعري وجرّني إلى مدخل المنزل ثمّ رماني خارجاً وهو يصرخ: "اخرجي أنتِ يا قذرة...". حاولت منعه من إقفال الباب ولكنه لكمني فوقعت عن الدرج وأغلق الباب بقوة. وقفت بصعوبة وركبت سيارتي وتوجّهت إلى منزل حمويّ لأخبرهما بما جرى. شعرا بخيبة كبيرة وغرقت حماتي في الدموع متسائلة كيف يتمكّن ابنها من الوصول إلى هذا الحد؟ وعرضا عليّ الإقامة عندهما إلى أن تهدأ الأمور قليلاً.
أخفيت الحقيقة عن عائلتي وعن المحيطين بي، وهذا لأنّني شعرت بالخجل ولأنّني في قرارة نفسي كنت آمل أن يرجع زوجي إلى طبيعته. وحين كان الناس يسألونني عن عيني المتورّمة الزرقاء كنت أخبرهم بأنّني تعثّرت وضربت نفسي بالباب... فكان يبدو جلياً من نظراتهم أنّهم لا يصدّقون.
بعد مرور أسبوع، قرّرت العودة إلى المنزل برفقة حماتي ولكنّ كل محاولاتي لفتح الباب باءت بالفشل لأنّ القفل كان قد تبدّل. كانت سيارة أمين مركونة أمام المبنى لذا قرعت الجرس فسمعت خلف الباب صوت ساندرا وهي تصرخ: "ارحلي من هنا! لا نريد رؤية أحد". تأكّدت من أنّ قصة حبي الجميلة قد انتهت، وعلى الأرجح لم تكن موجودة أصلاً.
بعد مرور بعض الوقت، باع زوجي الشقة التي كنت قد دفعت نصف ثمنها وطار مالي معها إذ لم يكن عندي أية سندات تُثبت حقي. لم يتأخر طلب الطلاق في الوصول. وافقت عليه بأسرع وقت لأنّني ما عدت أرغب بذاك الوحش في حياتي. فلتأخذه ساندرا لأنّها لن تتأخر في ملاقاة المصير نفسه بعد أن تصبح زوجته.
لم أكن مخطئة! فقد تزوّجا السنة التالية وحملت ساندرا. ولكن بعد ولادة الطفل، رحل أمين ولم يرغب في رؤية ابنته. لم أشعر بالشفقة حيال تلك المرأة فقد نالت ما تستحقه. وهو كذلك حكمت عليه الحياة بالافتقار إلى السعادة.
أمّا أنا، فكانت الحياة عادلة معي، فبعد فترة قاسية من التعب والإرهاق، استرجعت قوتي. كذلك باع حمواي قطعة أرض وقدّما لي المال تعويضاً عن سلوك ولديهما، وبفضل ذاك المال تمكّنت من أن أفتح محلاً للألبسة الجاهزة، الأمر الذي خوّلني السفر إلى كل أنحاء العالم لأؤمّن البضاعة للمحل.
هكذا، بعد أن ختمت جروحي وبعد أن أصبحت أكثر نضوجاً واستقلاليةً، وقعت في غرام شاب رائع ولكنّني حرصت على التمعّن بتلك العلاقة الجديدة على ضوء تجربتي السابقة.
سامي رجل مذهل وأنا أعشقه وأعشق ابننا، وحين أفكّر في ما حصل لي مع أمين، أجد أنّ تلك التجربة سمحت لي بمقابلة زوجي الثاني واختبار السعادة الحقيقية.
حاورتها بولا جهشان