ما كانت تخفي زوجتي في ذلك الدرج؟

كم كانت فرحتي كبيرة عندما قبِلَت زوجتي سامية أن تسامحني على علاقتي مع تلك المرأة. للحقيقة، كنتُ أحبّ سامية مِن كل قلبي ولكنّني على غرار الكثير مِن الرجال, وقعتُ ضحيّة ظروف أوصلَتني إلى الخيانة. وعندما كُشف أمري، خفتُ أن أبقى لوحدي وأن أخسر عائلتي الصغيرة. ولكن شريكة حياتي، قرّرَت أن تعطيني فرصة ثانية وأقسمتُ لها أنّني لن أخذلها أبداً. كنتُ أعني ما قلتُه لها ولكي أثبت لها حسن نيّتي، تركتُ عملي لكي لا أكون قرب عشيقتي السابقة. ولكنّني لم أستطع إيجاد عملاً آخراً على الفور ومكثتُ في البيت بينما كانت سامية تذهب إلى عيادتها للإهتمام بأسنان مرضاها. لذا أخذتُ مكان ربّة البيت، أشرف على سير الأمور وأعتني بإبنتها البالغة العاشرة مِن عمرها حتى أن تعود زوجتي مِن عملها. في البدء سار كل شيء على ما يرام، فكنتُ سعيداً أن أريح التي تحمّلَتني وأن أقضي بعض الوقت مع إبنتي بعد أن تعود مِن المدرسة ولكن تصرّفات سامية بدأت تزعجني. فمِن إمرأة حنونة وطيّبة، أصبحَت قاسية ومتسلّطة، توبّخني على كل ما أفعله وتهزأ مِني:

- ما هذا البيت؟ أهكذا كنتُ أهتمّ به؟ أنتَ جالس هنا طوال النهار ليس لديكَ شيئاً آخراً تفعله، بينما أقضي نهاري في العيادة! هل ستُخفق بكل شيء؟ لا أريد أن تهمل مهمّاتكَ مجدداً!

وسكتتُ لأنّني فهمتُ أنّها تعاقبني على غلطتي وأنّ عليّ تحمّل هذا القصاص حتى أن تنسى ما فعلتُ وترجع المياه إلى مجاريها. فبدأتُ أرتّب المِنزل كما يجب وأراقب أدقّ التفاصيل لأتجنّب الملاحظات اللاذعة وأثبت لها حسن نيّتي. ولكن كان مِن الواضح أنّ هذا لم يكن ليرضيها، فإزداد تذمّرها لدرجة أزعجَت إبنتها التي سألتني لماذا أصبحَت أمّها بهذا المزاج القبيح. أجبتُها:

- لا تقلقي يا صغيرتي... أمّكِ تتعب كثيراً في العيادة، فهناك أناس كثر لا يهتمّون بأسنأنّهم ويأتون إليها بحالة يُرثى لها.

- أبي... أنا لستُ غبيّة... مِن الواضح أنّها تصب غضبها عليكَ بالذات... لو كان ما تقوله صحيحاً لكانت تصرخ عليّ أيضاً... المِنزل ليس كبيراً كفاية لكي يحجب أصواتكما عندما تتشاجران...

- لا تشغلي بالكِ بهذه الأمور... أعدكِ بأنّها ستهدأ قريباً.

ولكي أجنّب إبنتي مشاكل لا دخل لها فيها، قررتُ أن أزيد مِن إهتمامي بسامية، فدعوتها إلى العشاء في مطعم فخم بعدما إشتريتُ لها خاتماً جميلاً على أمل أن تفهم أنّها الوحيدة التي أحببتها فعلاً.

ولكن هذا لم ينجح، فبعدما وصلنا إلى المطعم وقدّمتُ لها الهديّة نظرَت إليها وضحِكت:

- أتظنّ أن بإستطاعتكَ شراء عاطفتي بهذا؟ أنا متأكّدة أنّكَ إشتريتَ الكثير مِن الهدايا أيضاً لعشيقتكَ.

- دعينا مِن هذا الماضي الأليم... أريد أن أبدأ مِن جديد معكِ... أخطأتُ بحقّكِ وأفعل جهدي لأنسيكِ ما حصل... أنظري إلى هذا المكان الجميل...

- لا تتعب نفسكَ... هذا لن يُجدي...

- ما الذي تريدينه إذاً؟

- أريد أن تتعذّب كما تعذّبتُ...

- إلى متى؟

- إلى حين أقرّر أنّني إكتفيتُ.

ورجعنا إلى البيت دون أن نتناول عشاءنا ودخلَت سامية غرفتنا وأقفلَت الباب وراءها بالمفتاح ولم يبقى لي سوى الأريكة لأنام عليها. وبدأَت فترة عصيبة جداً، بحثتُ فيها عن عمل دون جدوى وأنام خارج غرفة النوم وأنظّف المِنزل وأطهو وأدرّس إبنتنا. وكنا سنبقي هكذا لولا ذلك النهار الذي فهمتُ فيه أشياء كثيرة.
كنتُ أنظّف غرفة نومِنا حين رأيتُ ثياباً تخرج مِن الخزانة، فقررتُ أن أرتّب ما في داخلها وإكتشفتُ درجاً مقفلاً بالمفتاح وإستغربتُ كثيراً لأنّني لم أذكر أنّ لهذا الدرج مفتاحاً. حاولتُ فتحه ولكنّني لم أستطع، فجلستُ على السرير أنظر إليه وأفكّر عن وسيلة لمعرفة ما في داخله. فمِن الواضح أنّ زوجتي وضعَت فيه شيئاً لا تريديني أن أراه. فإنتظرتُ عودتها مِن العمل وتفحّصتُ مفاتيحها بينما كانت تستحمّ، فوجدتُ مفتاحاً صغيراً معلّقاً مع الآخرين وعلمتُ أنّه ما أبحث عنه. لم أجرؤ على أخذه خوفاً مِن أن تبحث عنه لتستعمله وتلاحظ غيابه، لذا قررتُ أن أفعل هذا في الصباح، قبل ذهابها إلى العيادة لأنّه مِن المؤكّد أنّها لن تعتازه خلال النهار. وهكذا حصل وبعد أن ركبَت سيّارتها ورحلَت، ركضتُ إلى الغرفة وفتحتُ الدرج. لم أكن فخوراً بما أفعله ولكنّني كنتُ قد سئمتُ مِن معاملة زوجتي لي وأردتُ أن أعرف إن كان لديها أسراراً هي الأخرى لأضع حدّاً لممارساتها معي. وما إكتشفته أذهلَني. وجدتُ بداخل الدرج ثياباً داخليّة لم أرَها مِن قبل لأنّها كانت مثيرة جداً وكنتُ لأتذكّرها لو إرتدَتها معي. وإلى جانبها علبة فيها عدد مِن الواقيات الذكريّة. كدتُ أن أقع على الأرض مِن شدّة إندهاشي، فكانت سامية تتناول حبوب منع الحمل لأنّها لم تكن تريد الإنجاب وإستعمال الواقي لا يعني سوى شيء واحد وهو أنّها تمارس الجنس مع أحد آخر وتريد أن تتوقّى مِن إلتقاط أمراضاً جنسيّة. لم أتوقّع أبداً هذا مِنها، خاصة بعد ردّة فعلها عندما إكتشفت خيانتي. وظننتُ أنّها أرادَت الإنتقام مِنّي فخانتي بدورها. وفي هذه الحالة لم يكن بإستطاعتي توبيخها أو محاسبتها، لأنّني كنتُ أنا مَن بدأ بالإساءة. فكّرتُ مليّاً وقررتُ مواجهتها بما علمتُ وإقناعها بالكفّ عن لعبة الإنتقام هذه ومتابعة حياننا سويّاً. وعندما أتى المساء وإنتهينا مِن العشاء وذهبَت إبنتنا إلى فراشها، طلبتُ مِن سامية أن نجلس ونتكلّم بهدوء. في البدء تحجّجَت بالتعب، ظانة أنّني سأعتذر مِنها مجدّداً لِما فعلتُ لها في السابق ولكنّني قلتُ لها أنّه موضوع آخر هام جداً لا يحمل التأجيل. عندها دخلنا الغرفة سويّاً وطلبتُ مِنها أن تجلس على السرير وتسمعني حتى الآخِر. بدَت عليها علامات الإنزعاج ولكنّني إستقطبتُ إنتباهها الكامل عندما أخرجتُ مِن جيبي المفتاح الصغير. وإصفرّ وجهها ثمّ بدأَت تصرخ:

- مِن سمح لكَ؟

- لا أحد... أنا سمحتُ لنفسي لأنّكِ زوجتي ولأنّه مِنزلي.

سكتَت مطوّلاً ثمّ قالَت:

- قل ما لديكَ.

أخذتُ نفساً عميقاً ثمّ قلتُ:

- حبيبتي... ما بداخل الدرج يدلّ على أنّ لديكِ علاقة مع أحد... دعيني أكمل مِن فضلكِ... ربّما هذا مِن حقّكِ بعدما خنتكِ... لستُ بوضع يسمح لي بإعطائكِ المواعظ... ولكن هذا ليس الحلّ المِناسب... أنا مستعدّ أن أنسى ما إكتشفتُ إن فعلتِ مثلي... لا نستطيع مواصلة هذه اللعبة... أحبّكِ كثيراً وأريد أن أسترجع ما كان لدينا.

- هذا مستحيل... مِن الجيّد أنّكَ فتحتَ الدرج لأنّني لم أعد قادرة على إخفاء الحقيقة.

- لا تخافي فأنا سامحتكِ

- لا أريد مسامحتكَ! ألا تفهم؟ لا أريدكَ! أنتَ مخطئ بإعتقادكَ أنّني أخونكَ لأنّكَ أنتَ فعلتَ... علاقتي بدأت منذ وقت طويل... عندما إكتشفتُ قصّتكَ فرحتُ لأنّني  وجدتُ عذراً لأترككَ... فعلتُ المستحيل لكي تكرهني وترحل ولكنّكَ بقيتَ! كل الإهانات لم تكن كافية أن تأخذ أمتعتكَ وتترك البيت! أليس لديكَ أي كرامة؟ أحبّ عشيقي وأريد أن أكون معه! وأنتَ تقف في طريقي!

نظرتُ إليها وكأنّني في حلم مزعج أنتظر أن أستفيق مِنه. كل تلك الفترة، كنتُ أشعر بالذنب حيال زوجتي، بينما كانت مع  شخص آخر! كيف إستطاعَت إخفاء الأمر عنّي طوال كل هذه المدّة؟ كيف لم أنتبه إلى شيء؟ عانيتُ مِن تصرّفاتها معي وتحملّتُ كل شيء لأنّني أحبّها وأريد الحفاظ على عائلتي، بينما كل ما كانت تريده هو التخلّص مِني. يا لِغبائي! عندها صرختُ بها:

- تريدين أنّهاء علاقتنا؟ سيكون لكِ ما تريدين! خذي أمتعتكِ على الفور وغادري المِنزل! وإيّاكِ أن تأخذي إبنتنا فأنتِ لستِ جديرة بأن تكوني أمّاً!

تفاجأت بردّة فعلي، فهي لم تنتظر أبداً هذا مِني وبدأت بالبكاء ثم أخذَت حقيبة وملأتها بالثياب والحاجات الخاصة وبعدما إنتهَت خرجَت مِن البيت بصمت. وعندما إستفاقَت إبنتي في الصباح ولم تجد أمّها قلتُ لها:

- رحلَت أمّكِ ولا أظنّ أنّها ستعود... لا تخافي حبيبتي فلن أترككِ أبداً.

حاورته بولا جهشان

المزيد
back to top button