كنت أعيش أجمل حياة على الإطلاق! تزوّجت من الرجل الذي أُغرمت به وورثت شقة بعتها بمبلغ 300 ألف دولار وضعته في البنك. باختصار، كنت غارقة في السعادة.
لم أطلع أحداً على ثروتي تفادياً لرؤية "أصدقائي" الذين اختفوا من حياتي يعودون إليها بدافع المصلحة. حتى زوجي سامي لم يعرف بالأمر لأنّني كنت واثقة من أنّه، بمعاشه كموظف، لن يقبل بالزواج من امرأة أغنى منه. فبالكاد وافق على العيش في منزلي...
عرفنا سعادة عارمة ولم يكن ينقصني إلاّ طفل لتتمّم فرحتي. تكلّمت زوجي عن الأمر ولكنّه كان يشكّك في قدرته على أن يكون والداً صالحاً بسبب طفولته البائسة. قرّرت أن أترك المسألة تسير بشكل طبيعي فلم أكن مستعجلة لأنّنا بعمر الشباب وعندنا الحياة بطولها أمامنا.
في إحدى الأمسيات، وخلافاً للعادة، دخل سامي إلى المنزل منكسراً وبقي على هذه الحال لمدة أسبوع رافضاً أن يخبرني عن مشكلته إلى أن أجبرته على إطلاعي:
- قبل أن أقابلك كنت أخرج مع أشخاص سيئين وبقي عليّ من تلك الفترة ديون يطالبونني بها الآن. ولكن لا تقلقي سأعالج الأمر. وضعت نفسي في هذا المأزق وسأخرج منه بمفردي.
إنّ الكلام سهل... ولكن كيف يسعني رؤية زوجي يغرق في المشاكل من دون أن أبالي؟ ولكنه طلب مني أن أثق به وهذا ما فعلته. لم نعد نتكلّم عن الموضوع فظننت أنّ المسألة قد انتهت بيد أنّني أخطأت فتلك كانت البداية. أخذ سامي يتحول إلى رجل عصبي، يخرج من البيت ليلاً ولا ويعود إليه إلاّ فجراً، وصار الكلام معه صعباً: لقد تبدل جذرياً.
بعد مرور بعض الوقت جاء ليخبرني أنّه لم يجد حلاً سوى العودة إلى لعب القمار لتسديد الديون. جنّ جنوني فأنا لن أسمح له بأن يغرق! لذا عرضت عليه أن أسدّد المبلغ.
- ومن أين لك المال؟
- ادّخرت مبلغاً أرجوك أن تأخذه وننتهي من الأزمة.
- ولكنه مبلغ كبير ومالك لن يكفي.
- سنعطيهم قسماً ونطلب منه أن يصبروا قليلاً وسنرى لاحقاً.
توسّلت إليه ليقبل، فوافق على أخذ عشرة آلاف دولار وعدنا إلى حياتنا الطبيعية ولكن ليس لفترة طويلة. بعد أسابيع، بدأت الاتصالات الهاتفية تنهال علينا ليلاً وأصوات السيارات تدور حول منزلنا ورحنا نحس أن أشخاصاً يتبعوننا حين نخرج. لم أعد أحتمل الوضع وصرت خائفة طيلة الوقت.
في أحد الأيام رجع سامي متورماً فقد انقضّوا عليه في شارع ضيق وضربوه وهدّدوه بجعلي أرملة إذا لم يدفع المبلغ بكامله على الفور.
- لنتصل بالشرطة!
- ماذا؟ هل أنتِ مجنونة؟ تريدين القضاء عليّ؟
- بكم تدين لهم؟
- يريدون 300 ألف دولار...
- ستحصل على المبلغ غداً. إنّ مال الدنيا بأسرها لن يعوّضني عن خسارة الرجل الذي أحبه.
- ولكن كيف؟ سألني.
- أنا سأهتم بالأمر.
في اليوم التالي، لدى وصولي إلى المصرف، فوجئت برؤية زوجي يخرج سعيداً من مكتب المدير. سألت السكرتيرة فأجابتني أنّ هذا عادي جداً: "لأنّ السيد سامي هو أفضل صديق للمدير".
وهنا توضّح كل شيء. تلك الديون المفاجئة، السوقيّون غير المرئيين، مبلغ 300 ألف دولار المطابق تماماً لحسابي... توجّهت على الفور إلى محامٍ كان صديق والدي فنصحني برفع دعوى ضد مدير المصرف وضد زوجي بتهمة انتهاك نظام السرية المصرفية والاختلاس. كذلك، خاف على حياتي فإن حصل لي مكروه يرث سامي كل ممتلكاتي. عندئذٍ، قررت حل المسألة على طريقتي.
اتصلت بزوجي وأخبرته أنّني فكرت جيداً ولكي لا نقع ضحية الابتزاز المستمر أعلمت الشرطة وستؤمّن لنا حماية 24 ساعة كما ستسرع في إجراء التحقيق للتعرّف إلى أولئك الأشخاص. وأخبرته أنّ محققين سيأتون لأخذ أقواله عند المساء. أصيب بالجنون وراح يقسم إنّه سيُقتل بسببي.
أنهيت المكالمة وتوجّهت إلى البنك لمواجهة صديقه. أعلمت المدير أنّني كشفت المؤامرة وأنّني مصرة على رفع دعوى ضده إلاّ إذا قدّم استقالته وأقنع سامي بتوقيع معاملات الطلاق. وحذّرته من ألاّ يحاول إلحاق الأذى بي لأنّ شخصيات عالية المستوى صارت على علم بما يجري. أخبرني أنّه أطلع سامي على حسابي ولكنّه لم يعرف إلى أين ستصل الأمور بالرغم من أنّ صديقه لطالما كان سوقياً وكسولاً. لدى عودتي إلى المنزل كان زوجي قد أخذ أغراضه وهرب وسار الطلاق بلا مشاكل ولم أعد أسمع عنه شيئاً ولا عن المدير.
اليوم، عادت حياتي إلى مجراها الطبيعي وقد استثمرت مالي في محل لي. وصحيح أنّه صار من الصعب منح ثقتي لأي كان ولكنّني مستعدة لأبني حياتي من جديد ولكن هذه المرة مع الشخص المناسب.
حاورتها بولا جهشان