"أعدك بألا يتكرّر الأمر، اصبري يا حبيبتي." هذا ما قاله لي زوجي عندما علمت بأنه مُثليّ يتعاطى الجنس مع الرجال. وللحقيقة، لم تُطمئنني جملته هذه. فكما هي حاله الآن، لن يتغيّر أبداً.
لقد تزوجنا حديثاً ولم أرد أن أهدم زواجي دون أن أحاول اصلاح الأمور. لكن كيف؟ لست أدري. ما كنت أعرفه هو أن زوجي لم يكن يرغب بلمسي وهذا كان واضحاً لأنه كان يقوم بواجباته الزوجية رغماً عنه، وهذا ما أثار شكوكي منذ البداية. فكيف له أن يرفض فتاة مثلي وقد تمّ انتخابي كأجمل فتاة في الجامعة؟
على الرغم من قلّة ممارستنا الجنسية، أصبحت حاملاً. لم أكن مسرورة كما توقعت أن أكون، عندما علمت بالخبر. اذ كنت أنوي أن أطلق جودت في أسرع وقت وطبعاً كنت أرفض فكرة الاجهاض، فصبري متأملة أن وصول الطفل سيؤثر على انحراف زوجي.
لكن ما حصل هو العكس تماماً. عندما ولدت ابنتي، اغتنم جودت الفرصة ليخرج بكثرة ولأوقات متأخرة من الليل. فانشغالي بالطفلة أتاح له المجال للتغيّب عن المنزل. تحملت هذا الوضع مركزة على حبي لهذه الفتاة البريئة التي لا ذنب لها بما يجري. انتقلت للنوم في غرفة أخرى مع ابنتي كي لا يزعجه صراخها في الليل ولأن لا جدوى من النوم بقربه.
ذات ليلة، رجع جودت ومعه رجل. قال لي:
- "حبيبتي، هذا صديقي طارق، سينام الليلة عندنا فالوقت متأخر ومكان سكنه بعيد."
لم ينتظر جوابي، دخل الغرفة هو وصديقه وأقفل الباب. عند الصباح، لم أجد أي منهما في البيت. مرّت أيام على هذه الحادثة إلى أن جلب معه صديق آخر وأعطاني الحجة نفسها. دخل الغرفة وذهب الضيف في الصباح. كنت أعلم ماذا يجري في تلك الغرفة ولكن لم يكن بيدي حيلة.
قبلت بالوضع، وليتني لم أفعل. فبات جودت يجلب أناس كثر كل ليلة، حتى ثبُت على أحدهم "أيمن". كان هذا الرجل المفضّل لديه، بدأ يتردّد بشكل منتظم إلى أن حضر يوماً ومعه حقيبة. عندما سألت زوجي عما كان يجري قال لي:
- "سينتقل أيمن للعيش معنا."
- "الى متى؟"
- "الى أن أقرّر أن يرحل."
جلست على الكرسي من كثرة اندهاشي. تابع زوجي:
- "ستعاملينه كفرد من العائلة."
- "واذا رفضت؟؟"
- "لا تجبريني على الاختيار بيني وبينه. لن يعجبك جوابي. فأنت لا تفيدينني بشيء. أما هو..."
- "وابنتك؟ لا تعني لك شيء أيضاً؟"
- "ابنتي تصرخ وتبكي وهذا يزعجني ويزعج ضيوفي. أنت تعلمين أنها جاءت الى هذه الدنيا عن طريق الصدفة لم أردها يوماً. لا، لا تعني لي شيء."
لم أصدّق أن انساناً يمكنه أن يفكّر بهذا الشكل وأن يكون معدوم الاحساس والعاطفة. لقد تزوّجت من وحش لا يفكر الا بلذّته. لماذا بقيت معه؟ لأن حالتي المادية لم تسمح لي بأن أتخلى عنه ولأن عائلتي ومحيطي يريدون من المرأة أن تتحمّل أيّ شيء من أجل زوجها تجنّباً للفضيحة. فعندما أخبرت أمي بما يحصل قالت لي:
- "صبراً يا ابنتي، لديك ابنة الآن، اعتني بها وحسب."
لم أفهم كيف أرادوا أن تذهب حياتي سدى خوفاً من الناس. ألم يكن من حقي أن أحظى بزوج حنون ومحبّ وبحياة زوجية سليمة؟ ألم يكن من حقّ ابنتي أن يكون لها أب يعتني بها ويدلّلها؟ وكيف ستكون حياتها وسط هذا الجو غير السليم؟
بقيت. وعندما سألتني ابنتي عن هذا الرجل الذي يعيش معنا وينام في سرير أبيها، قلت لها: "انه العم أيمن، صديق أباك، ليس لديه منزل لذا يعيش معنا." وبما أنه لا أحد يستطيع اغماض عيون الناس، بدأوا يتكلمون عن وضعنا العائلي. الكل كان يرى أيمن ليلاً نهاراً، لكن لم يخطر ببال أحد أنه هنا من أجل جودت. الكل كان يعتقد أنه عشيقي وأن زوجي رجل مسكين رضي بالوضع رغماً عنه. فأصبحت الزوجة الخائنة التي تأوي حبيبها أمام زوجها وطفلتها. امتنع الجيران عن التحدث اليّ وبتّ أسمعهم يتهامسون عليّ: "يا للعيب، ألا تخجل من نفسها؟ لماذا لا يطلّقها هذا المسكين؟ وابنتها؟ لا يجدر بها أن تكون أماً...
لم أعد أخرج من البيت بتاتاً، حبست نفسي بين أربع جدران خوفاً من العار. عندما اخبرت جودت بما كان يجري ضحك قائلاً: "هذا هو المطلوب!"
عندما كنت في أوج يأسي عُرض فيلم على شاشة التلفزيون يتحدث عن أم تخاف من ترك ابنتها مع المربية فوضعت كاميرا لمراقبتها عندما تكون خارج البيت. فخطرت ببالي فكرة قد تساعدني على تخطي محنتي. قصدت متجراً للالكترونيات وطلبت من البائع ما أريد مشددة على أن تكون الكاميرا صغيرة جداً بحيث لا يستطيع أحد أن يراها. عدت الى البيت وانتظرت أن أكون لوحدي لأضع الجهاز في غرفة نوم الحبيبين ووجهته مباشرة على السرير. ثم وضعت شاشة المراقبة وجهاز التسجيل في غرفتي وانتظرت حتى يسود الليل لأرى ماذا يحدث.
لن أنسى أبداً ما رأيت! لم أكن أعلم بالتحديد ما يفعله رجلان عندما يقيمان علاقة وما شاهدته أثر فيّ كثيراً. لم يكن لديّ حلّ آخر لانقاذ حياتي وحياة ابنتي التي كلما كبرت في السن، كلما بدأت تفهم الأمور أكثر وبات الوقت قريباً لتفهم ماذا كان يجري في البيت. سجلت ما حصل خلال الليل وفي الليلة التي تلتها وليالي كثيرة لاحقة. عندما شعرت بأن لدي ما يكفي من الأدلة انتظرت أن يخرج زوجي وعشيقه حتى غيّرت قفل الباب ووضعت مغلّفاً فيه تسجيل واحد خارج الباب وأقفلته. عاد العشيقان وحاول زوجي فتح الباب بواسطة مفتاحه لكنه لم يفلح. صرخ لي بأن أفتح له بعد ان قرع جرس الباب عدة مرات. فقلت له من وراء الباب:
- "لا تتعب نفسك، لقد غيرت قفل الباب. لن تدخل البيت مجدداً."
- "لا تستطيعين فعل هذا! هذا بيتي وأريد الدخول والا..."
- "أنت مخطىء، هذا بيتي أنا! أنظر الى محتوى المغلّف الذي بقربك وبعدها قل لي من يهدّد الآخر. ولديّ الكثير بعد، الآن ارحل والا..."
سمعته يفتح المغلّف ثم رحل مع أيمن. بعد ساعة رنّ هاتفي:
- "ماذا تريدين؟"
- "أريد الطلاق ونفقة شهرية لي ولابنتي مع تعهّد بأنك لن تراها أو تطالب فيها يوماً. سئمت منك. واذا لم تفعل ما أطلبه منك سأستعمل الشريط في المحكمة وأنشره عبر الانترنت. أنت أجبرتني على القيام بذلك. أنت تحصد الآن ما زرعت. أما فيما يخصّ طلاقنا، فأنا سأطلب الطلاق بحجة أنك تخونني مع نساء أخريات ولا أريد أن تتشوّه سمعتي. سأرسل أمتعتك عند أهلك."
- "لا، فهناك أمتعة أيمن أيضاً، دعيها أمام الباب سآتي لجلبها بنفسي. سأعطيك ما تريدين، لقد اسخففت بك وهذه غلطتي."
- "غلطتك أنك تزوجتني وأنت تعلم أن لديك ميول شاذة، غلطتك أنك استعملت البيت الزوجي لمتعتك، غلطتك أنك لم تحب حتى ابنتك ولم تكن بجانبها ونعم غلطتك أنك اعتقدت أنني مسكينة سأقبل بأن تًهدم حياتي هكذا."
أعطاني كل ما أريد. أعطاني حقي ولم أره منذ أن حصلت على الطلاق. علمت أنه سافر الى بلد آخر واستمرّ بدفع النفقة شهرياً. وأنا الآن أعيش مع ابنتي الحبيبة. قلت لها أن أبوها سافر ليعمل في الخارج وأنه لن يعود في وقت قريب. عندما تكبر سأقول لها الحقيقة لكي تعلم أن لا شيء مستحيل وأنها تستطيع المطالبة بحقّها بالعيش بكرامة.
حاورتها بولا جهشان