مبرّراً كان أم لا، بات الخوف من رؤية فيروس إيبولا يستيقظ من جديد بعد غفوة دامت 40 عاماً، يطال العالم بأسره لا أفريقيا فقط. هناك فقط "سبعة أيام للتحرّك"؟ هذا كان عنوان السلسلة التلفزيونية الشهيرة التي أظهرت نوعاً من فيروس إيبولا ينتقل عبر الهواء ويقضي على 98 في المئة من شعوب العالم في ظرف أسبوع واحد! من حسن الحظ أنّنا لا نعيش في ظلّ تلك المجزرة الخيالية لأنّ الفيروس لا ينتقل حقيقةً عبر الهواء والتنفّس. ولكن حتّى لو لم يكن أمامنا فقط سبعة أيام للتحرّك علينا أن نعلم أنّنا لا نملك الحياة بكاملها!
بطاقة هوية
أُطلقت على هذا الفيروس تسمية إيبولا استناداً إلى نهر يمرّ بالقرب من مدينة يامبوكو شمال جمهورية الكونغو الديمقراطية التي كانت تسمّى زائير. في مستشفى هذه البقعة بالتحديد اكتُشفت أول حالة إيبولا مترافقة مع الحمّى النزفية في أيلول/ سبتمبر 1976، فأُعلن بذلك عن أول وباء أصاب 318 شخصاً وقضى على 280 منهم.
طريقة الانتقال
تنتقل العدوى بهذا الفيروس عبر الاحتكاك المباشر مع السوائل الموجودة في جسم المريض (الدم، المنيّ، الإفرازات، اللّعاب). ونسبة خطر تفشّي هذا الفيروس تكون مرتفعة جداً بين أفراد الطاقم الطبّي ولا سيّما مع غياب التعقيم الإلزامي الكافي للمعدّات المستعملة. والعادات الجنائزية لدى بعض شعوب أفريقيا الوسطى –التي تقضي بتنظيف الجسم ثمّ غسل الأيادي في حوض مشترك – قد عزّزت انتشار الفيروس بين أفراد عائلة الميت وأصدقائه.
كيف يتجلّى الفيروس؟
منذ لحظة دخول الفيروس إلى جسم الإنسان، يكون أمام هذا الأخير بين يومين و21 يوماً قبل أن تبدأ المؤشّرات بالظهور: حمّى، أوجاع في العضلات، إسهال، تقيّؤ... بعد أسبوع على الأعراض الأولى، تجتاح الجزيئات الوبائية الدم والخلايا لدى الشخص المصاب. وبوجه الإجمال، يؤدّي تطوّر المرض إلى تفتّت الأعضاء الحيوية وخاصّة الكلى والكبد، وهذا يتسبّب بنزف داخلي حادّ. أمّا نسبة الوفيات الناجمة عن هذا الفيروس فمرتفعة للغاية وتراوح بين 60 و90 في المئة.
ما العمل؟
خسر المجتمع الدولي أول معركة له مع فيروس إيبولا ولكن إذا اتّحد "العالم بأسره" فسيتمّ القضاء على الفيروس، كما تشرح رئيسة جمعية أطباء بلا حدود جوان ليو. "نحن نعلن فشلنا. ينتشر الوباء ويزداد عدد الإصابات والآن صار العاملون في المجال الإنساني مصابين..."، حسب السيدة ليو.
لسوء الحظ، ليس هناك أيّ علاج ولا أيّ لقاح لهذا المرض، وعلى ما يبدو، وحدها الإجراءات الوقائية تصلح كسلاح أساسي لمحاربة الفيروس ومنعه من الانتشار.
وفي ظلّ الانتشار الهائل لحالات الحمّى النزفية في أفريقيا الغربية، قرّرت السلطات الصحّية أن تسمح بالاستعانة بالعلاجات الاختبارية. وحالياً، توضع العديد من الأدوية قيد التجربة.
اختبار جديد
طوّر باحثون يابانيون طريقة جديدة لاكتشاف وجود فيروس إيبولا في الجسم خلال ثلاثين دقيقة بواسطة تقنيّة قادرة على اكتشاف المرض بسرعة حتى في البلدان التي تفتقر إلى المعدات الطبية اللازمة. ويؤكّد البروفيسور جيرو ياسودا وفريقه من جامعة Nagasaki أنّ مسارهم ليس فعالاً وحسب في مهل قصيرة جداً بل إنّه أقلّ ثمناً من الاختبارات الموجودة حالياً والتي تتطلّب ساعتين من الوقت. "من جهتها، لا تستلزم التقنيّة اليابانية الجديدة إلّا عدة تحمية بسيطة تغذّيها بطارية وكلّ ذلك لا يكلّف سوى مئات الدولارات وهو ثمن لا بد من أن تتمكّن البلدان التي تعدّ في طور التقدّم أن تدفعه"، كما حدّد جيرو ياسودا. "لم نتلقَّ حتى الآن أيّ طلبية ولكنّنا سنسعد بتقديم وسيلة التحليل هذه الجاهزة للاستعمال"، كما قال. بانتظار ذلك، يتقدّم الفيروس... بالتالي، فإنّ المجتمع الدولي مدعوّ اليوم لأن يقدّم كبرى إمكانيّاته.
د. سميرة سامر