تعدّ تكون الجنين وحتى عمر السنتين، فترة حرجة في حياة كل طفل وتطوره. وتشير منظمة اليونيسيف إلى تلك السنوات بكونها فترة الفرص الفريدة التي تتشكل فيها الأسس المثلى للصحة والنمو والتطور العصبي على امتداد حياته. فعلى سبيل المثال، يكون نشاط دماغ الطفل في عمر السنتين ضعف نشاط دماغ الشخص البالغ من حيث العمل على بناء الروابط بين الخلايا العصبية للاستخدام المستقبلي. كما أن القدرة على معالجة الصور (البصر) والصوت (السمع) والتعرف على اللغة وتذكّرها واستذكار الصور كالوجوه تتطور جميعاً في أول 1000 يوم من حياة الطفل.
وركّزت النصائح الموجهة للرعاية الصحية مؤخراً على أهمية تغذية المرأة الحامل والطفل حديث الولادة، فيما تسلط الحكومات حول العالم – من الفلبين إلى الهند - الضوء على الحاجة إلى تحسين الرعاية المقدمة للطفل خلال تلك الفترة. إلا أن الأبحاث الحديثة تبين أن الهواء النظيف يشكل أساساً للنمو الجسدي والعقلي السليم لدى الطفل. ونظراً للتطور الصناعي المستمر وازدياد انبعاثات المركبات وارتفاع مستوى الضرر البيئي، فقد أصبح المزيد من الأطفال معرضين لمستويات مرتفعة من تلوث الهواء مما يؤثر على صحتهم بعدة طرق.
الربو
هو أكثر مشاكل الرئة المزمنة شيوعاً بين الأطفال حول العالم، حيث أن استنشاق الهواء الداخلي والخارجي الملوث يزيد من خطر الإصابة بالربو في الطفولة. وتشير دراسة أجريت في أكتوبر 2019 إلى أن 190 طفلاً مصابين بالربو ويعيشون في أحياء مدينة نيويورك التي تشهد تلوثاً مرتفعاً عانوا من تكرار نوبات الربو بشكل أكبر واحتاجوا للرعاية الطبية الطارئة بشكل متكرر مقارنة مع المقيمين في مناطق أقل تلوثاً.
نمو الرئة وتطورها الوظيفي يتعرض للتأخير عندما يستنشق الطفل الهواء الملوث، وفقاً لدراسة أجرتها لانسيت حول الصحة العامة. فتلوث الهواء يعيق تطور الرئة ووظائفها، فيما تقل سعة الرئة بما يصل إلى 10 بالمائة لدى الأطفال بين عمر 8 و 10 سنوات وفقاً لدراسة أجريت على أطفال يقيمون في مناطق عالية التلوث في لندن. ويشير الباحثون إلى أنهم قد لا يستعيدون سعة الرئة الكاملة طوال حياتهم بسبب ما أصاب رئاتهم خلال نموها.
السمنة
يساهم التعرض المبكر لمستويات مرتفعة من الملوثات الدقيقة وثاني أكسيد النيتروجين من محركات الديزل، وبخاصة خلال العام الأول من العمر، في التعرض للسمنة في مراحل الطفولة. ويبين تقرير أعده باحثون من جامعة ساذرن كاليفورنيا أن الأطفال الذين يتنفسون أدخنة محركات الديزل أكثر ميلاً لزيادة الوزن، كما يرتفع لديهم مؤشر كتلة الجسم في سن 18 عاماً ويكونوا أكثر عرضة للربو من غيرهم.
التعلّم
تقدّر منظمة اليونيسيف بأن 17 مليون طفل رضيع دون سن العام الواحد يعيشون في مناطق يبلغ فيها تلوث الهواء ستة أضعاف الحدود الدولية الموصى بها على الأقل، حيث يؤدي استنشاق الهواء الملوث بالسموم للتأثير على نمو الدماغ وتطوره. فمن الممكن أن يؤدي التعرض لتلوث الهواء إلى تلف في بعض وظائف الدماغ وقدرات التعلم بشكل دائم بسبب الالتهابات التي يسببها التلوث بالمواد فائقة الدقة والتي تدخل مجرى الدم وصولاً إلى الدماغ.
حماية الأطفال من تلوث الهواء
ما لا يعرفه الكثيرون هو أن الهواء في المساحات الداخلية والمغلقة يمكن أن يكون ملوثاً أكثر من الهواء الخارجي بما يصل إلى خمسة أضعاف. ومن حسن الحظ، فإن هناك عدة طرق يمكن من خلالها التحكم بالهواء في المنزل، حيث يقضي الأطفال الصغار معظم وقتهم – وستساعد القائمة التالية في تحسين جودة الهواء الداخلي وجعله أكثر أمانًا للأطفال الرضّع:
تجنب ما يلي:
- دخان السجائر- لا تسمح بالتدخين في الأماكن المغلقة ، المنظفات الكيماوية للمنزل
- منتجات العناية الشخصية ذات الروائح القوية والمركزة، كالعطر ومثبت الشعر، الشموع المعطرة
- إشعال النار (بدون تهوية جيدة)، السجاد وأغطية الأرضيات من الفينيل واللينوليوم، الأقمشة غير الطبيعية
أحرص على ما يلي:
- غسل ثياب الطفل الرضيع قبل استعمالها بمنظف لطيف ،تهوية كافة قطع الأثاث الجديدة جيداً وقبل مولد الطفل بفترة كافية، عدم طلاء المنزل أو وضع السجاد في فترة الأشهر الستة التي تسبق مولد الطفل ، مراقبة جودة الهواء في غرفة الطفل،استخدام جهاز تنقية الهواء على مدار الساعة
- اقتناء الألعاب الخالية من البلاستيك فقط، كالمصنوعة من الخشب أو المطاط الطبيعي، استعمال الأقمشة والمنسوجات العضوية والطبيعية.
على الرغم من أن التلوث الصناعي والعوامل المناخية خارجة عن نطاق سيطرتنا، إلا أن بوسع الوالدين اتخاذ الإجراء المناسب لتحسين صحة الطفل الرضيع، فمن غير الملائم أن يتنفس الطفل الهواء الملوث بمستويات خطرة.