إن اتباع نمط حياة صحي والحفاظ عليه ليس بالأمر الهين في الأوقات العادية، وما من شك بأن الأمر يصبح أكثر صعوبة خلال شهر رمضان. ولكن، ولحسن الحظ، فإنه يمكن الجمع ما بين الصيام وممارسة الرياضة دون التسبب بأي ضرر للجسم.
يؤكد أحمد مدكور، مدير اللياقة البدنية في فيتنس فيرست الشرق الأوسط، أن ممارسة التمارين الرياضية بشكل معقول خلال فترة الصيام، يمكن في الحقيقة أن تساهم في رفع مستويات الطاقة وتحسين اللياقة البدنية وبناء العضلات وقوة المفاصل وتعزيز تكوين الجسم. كما يكمن أن تساعد أيضاً بالتحكم بوزن الجسم، لتضمن الحفاظ على صحته وقوته.
مع تزايد الوعي عالمياً بأهمية الحفاظ على الصحة الجسدية، يحرص العديد من الناس على مواصلة تدريباتهم خلال شهر رمضان وتطوير نظام تدريبات رياضية آمن وفعال. ويشارك أحمد مدكور مجموعة من النصائح والتعليمات حول التمارين التي يمكن ممارستها، والتمارين التي يجب تجنبها، والوقت الأمثل لممارسة الرياضة خلال اليوم في شهر رمضان المبارك:
زوّدي جسمك بالطاقة
إذا كنت تخططين لممارسة الرياضة خلال شهر رمضان، فمن الضروري تزويد جسمك بالغذاء المناسب. قبل التدريب أو بعده، قومي دائماً بزيادة مخزون الطاقة المستنفدة (الجليكوجين) عن طريق تناول الكربوهيدرات. اختاري الأصناف الصحية مثل الخضار وبدائل الحبوب الكاملة مثل المعكرونة والأرز، وأضيفي البروتين، مثل اللحوم الخالية من الدهون أو العدس أو مخفوق البروتين لإصلاح العضلات.
حدّدي موعداً للتدريب
من الأفضل التدرب خلال شهر رمضان، قبل الإفطار مباشرة أو بعد الإفطار بمدة تتراوح من ساعة إلى ساعتين. اختيار الوقت المناسب يعتمد فقط على التفضيل الشخصي فلكل من هذين الخيارين مزايا وعيوب.
قد يبدو التدريب قبل الإفطار في حالة الصيام صعباً، ولكن معظم الناس يستمتعون به، خاصة بعد مرور أول يومين من العود على هذا النمط، إذ يعتاد الجسم على التدريب في حالة الصيام، ويزيد التركيز الذهني وتحمل صعوبة التدريب. ويرجع ذلك إلى انخفاض مستويات الأنسولين أثناء الصيام، وهذا ما يؤدي إلى إنتاج المزيد من الناقلات العصبية. تساعد الناقلات العصبية في التركيز بشكل أفضل وتكثيف التدريبات، مع استخدام الدهون المخزنة بمستوى أعلى من الكفاءة أثناء التدريبات.
يؤدي التدريب أثناء الصيام (قبل الإفطار) إلى تقسيمٍ أفضل للعناصر الغذائية التي يتناولها الشخص عند الإفطار. وبعد يوم كامل من الصيام، سيكون الجسم بحاجة للمغذيات، لذلك تخزن الكربوهيدرات المستهلكة بسهولة حيث ينتقل الجليكوجين العضلي والبروتينات بسرعة إلى ألياف العضلات التالفة لبدء الإصلاح والنمو.
أما بالنسبة للتدرب بعد الإفطار، فيكون الجسم في حالة شبع، وبالتالي يكون بحالة مثالية لجدولة التدريبات، ولكنها تتطلب تخطيطاً دقيقاً. وهناك الكثير من الناس الذين يشعرون بنشاط أكبر للتدرب بعد الأكل مقارنةً بالتدرب بعد الصيام، وإذا كنت من هؤلاء الأشخاص فعليك تناول وجبة خفيفة صغيرة مثل الماء والتمر والفاكهة، ثم القيام بتمرين سريع لمدة 20-30 دقيقة، يليه عشاء مع العائلة.
نصيحة: إذا جمعت بين الإفطار في منزلك والعشاء، فمن الناحية الواقعية قد لا يكون لديك وقت لممارسة الرياضة حتى الساعة 10 مساءً. إذا كنت من الأشخاص الذين يشعرون بالكسل بعد الإفطار وتجدين صعوبة في النوم بعد جلسات التدريب المكثفة في المساء، فحاولي القيام بتدريباتك أثناء الصيام قبل الإفطار.
تمارين المقاومة
تعتبر تمارين المقاومة من أفضل أشكال التمارين في رمضان. ويمكن ممارسة تمارين المقاومة إما باستخدام الأوزان الحرة أو باستخدام وزن الجسم. جميع الحركات المركبة مثل القرفصاء، والاندفاع، والخطوات، والرفعات الميتة، والسحب، والدفع، والتمارين مثل سحب الجسم، والضغط، ورفع الجسم هي أفضل أنواع تمارين المقاومة.
من المرجح أن يكون الجسم خلال شهر رمضان في حالة تقويض، وهذا ما يجعل من الممكن فقدان كتلة العضلات والشعور بالضعف. سيساعد هذا النوع من التدريب في الحفاظ على كتلة العضلات الحيوية وقوتها وتحسين مستوى الهرمونات (التستوستيرون والكورتيزول والأنسولين وهرمون النمو) وتحسين الحالة النفسية عن طريق إنتاج هرمونات السعادة التي تسمى الإندورفين.
يمكن أن تساعد تمارين المقاومة أيضاً في علاج مرض السكري الحدودي، حيث إنها تحسن حساسية الأنسولين وتثبت مستويات السكر في الدم عن طريق زيادة حجم خلايا العضلات وعدد مستقبلات الأنسولين، ما يجعلها متاحة أكثر لتخزين الكربوهيدرات على شكل جليكوجين.
نصيحة: يمكن القيام بكل هذه التمارين في المنزل. إذا كان لديك أوزان حرة مثل الأثقال أو الكرات الحديدية، يمكن إضافتها حتى تكون مقاومة الحركات أكثر صعوبة. وفي حال عدم وجود أوزان، يمكن الارتجال عن طريق إضافة مقاومة على شكل أكياس ثقيلة أو زجاجات ماء ثقيلة أو حقائب. تأكدي من الحفاظ على إجمالي وقت التدريب لمدة 40-45 دقيقة.
تجنبي تمارين الجهد المكثفة
أثناء الصيام تجنبي القيام بتمارين الجهد المكثفة أو التدريبات الدائرية المكثفة. يعتمد هذا النوع من التدريب بشكل كبير على الجليكوجين المخزن كركيزة للطاقة، وهو غير متوفر بسهولة بسبب الصيام لفترات طويلة. يمكن أن يؤدي عدم وجود كميات كافية من الجليكوجين إلى فقدان كتلة العضلات، حيث يتحول البروتين إلى جلوكوز، من خلال عملية تكوين الجلوكوز لدعم متطلبات الطاقة السريعة. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي هذا النوع من التدريب إلى زيادة التعرق، ما يؤدي بالتالي إلى فقدان الماء والشوارد - وهو أمر غير محبذ خلال شهر رمضان.