وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يُعّرف "المرض المهني" بأنه مرض يصيب الفرد نتيجة لطبيعة عمله أو نشاطه المهني الذي قد يعرضه إلى عدّة إصابات، وتلعب عدة عوامل دوراً كبيراً في تطور الأمراض المتعلقة بالمهنة، كما أنها يمكن أن تنجم عن عدة عوامل خطرة أخرى يتعرض لها الموظفون أثناء تواجدهم في بيئة العمل أو نظراً لتكرارها على فترات زمنية معينة.
وتنطوي اضطرابات الأطراف العلوية على مجموعة من الأمراض الهيكلية والعضلية التي تؤثر على الكتف والرقبة والمرفق والساعد والرسغ واليد والأصابع. وتشمل مشاكل الأنسجة والعضلات والأوتار والأربطة إلى جانب مشاكل الدورة الدموية واعتلال التغذية العصبية للأطراف العلوية. وإذا لم تتم معالجتها في الوقت المناسب فإنها تتفاقم بشكل كبير بحيث تسبب ألماً مزمناً يتطور إلى اضطرابات في الأطراف العلوية. وقد كانت هذه الاضطرابات في الماضي معروفة على نطاق واسع باسم اصابات الإجهاد المتكرر، والآن تمّ الاتفاق على أن هذه الإصابات يمكن أن تصيب الأفراد حتى دون قيامهم بأنشطة متكررة. وفي الواقع فإنّه مع وجود تشخيص دقيق للكثير من اضطرابات الأطراف العلوية فلا زال هناك بعض آلام الأطراف العلوية التي يصعب علاجها وتحديد أسبابها.
إقرأي أيضاً
5 أطعمة للتخلص من مشاكل الدورة الشهرية!
وهنالك عدّة عوامل تتسبب في اضطرابات الأطراف العلوية مثل وضعيات الجسم غير السليمة خاصة الذراع تعد من العوامل الرئيسية المؤدية لإصابة الفرد بهذه الإضطرابات. وعلى سبيل المثال، فإنّ الرسغ والذراع يعملان بشكل أفضل عندما يكونان في وضعية مستقيمة، فعند تعرضهما للإلتواء أو الاستداره فإن ذلك قد يولد المزيد من الضغط على الأوتار والأعصاب التي تمر من خلال الرسغ إلى اليد. كما أنّ المهن التي تنطوي على مثل هذه الأنشطة المتكررة مثل المصانع، تعد من المسببات المعروفة لاضطرابات الأطراف العلوية لأن الإجهاد غير المتكافىء يكون موزعاً على أجزاء مختلفة من الجسم. ويعتبر تعرض الأعصاب والأربطة للقوة المفرطة أو الشدّ من بين العوامل الأخرى التي تسهم في ظهور اضطرابات الأطراف العلوية، حيث تتطلب مثل هذه الأنشطة لف الذراع أو الرسغ (مثل طي الصناديق أو لف الأسلاك) وبالتالي فإنها تسهم في ظهور اضطرابات الأطراف العلوية. وبالإضافة إلى ذلك، فإنها تعتمد على الفترة الزمنية التي تعرض فيها الشخص لهذه الأنشطة أو عدد المرات التي يقوم فيها بهذا النشاط.
ويقول دكتور بوفانيشوار ماشاني، استشاري جراحة العظام المتخصص في علاج الأطراف العلوية بمستشفى برجيل للجراحة الطبية المتطورة: "يشهد نمط الحياة الحديث قضاء الأفراد لساعات طويلة في مقر العمل، وقد ترتب على ذلك زيادة معدل الأمراض الهيكلية العضلية لاضطرابات الأطراف العلوية ذات الصلة بالمهنة. وتوثر عدة عوامل تشمل المشقة البدنية والعوامل النفسية والاجتماعية والخصائص الفردية بشكل كبير في تطور اضطرابات الأطراف العلوية. ولا تقتصر هذه الاضطرابات على مهنة بعينها أو قطاعات محددة، حيث تتواجد في معظم الصناعات والخدمات. وجدير بالذكر أن اضطرابات الأطراف العلوية تتسبب بالآلام والأوجاع ضمن أي جزء من الجسم بدءً من الكتف إلى الأصابع، كما يمكن أن تشمل مشكلات الأنسجة والعضلات والأربطة والأوتار والدورة الدموية واتصال العصب مع الأطراف العلوية. ويعد الألم من الأعراض الشائعة لاضطرابات الأطراف العلوية، وفي نفس الوقت فإنّ هذه الأوجاع شائعة لدى الأفراد بشكل عام. وبالتالي فإنّ الشعور بالألم في الأطراف العلوية ليس مؤشراً بحد ذاته على الإصابة بالمرض، وفي العادة فإنّ مثل هذه الأعراض من الصعب نسبتها إلى العمل بصورة مؤكدة."
وتشمل الأنواع الشائعة من اضطرابات الأطراف العلوية ذات الصلة بالمهنة التهاب غمد الوتر في المعصم أو الكتف أو اليد، متلازمة النفق الرسغي (الضغط على العصب المتوسط في المعصم)، ومتلازمة النفق المرفقي (ضغط العصب الزندي عند المرفق)، والتهاب المرفق الداخلي والخارجي "اللقيمة" (مرفق لاعب التنس, ومرفق لاعب الغولف)، وألم الرقبة، إلى جانب بعض الأعراض غير المحددة لألم الذراع واليد.
ويضيف دكتور ماشاني: "أعتقد بأنّه على الإدارة والمسؤولين في المؤسسات المشاركة بفعالية في التقليل من مخاطر اضطرابات الأطراف العلوية عبر اعتماد نهج إداري إيجابي. كما يتوجب أن يكون لديهم وعي بخصوص هذه الاضطرابات والالتزام نحو وقاية الموظفين منها. ومن هذا المنطلق، فإنه عليهم تثقيف العاملين في المؤسسة حول هذه الامراض عبر تقديم ورش عمل تدريبية للوقاية منها وكذلك تقييم وضعية جسم الموظفين أثناء العمل والإبلاغ عن هذه الاضطرابات في وقت مبكر. ويتوجب على الموظفين اللذي يستشعرون أعراض تشير إلى اصابتهم باضطرابات الأطراف العلوية استشارة الطبيب وابلاغ المسؤولين في المؤسسة خلال أقرب وقت ممكن لإجراء التدخل المبكر والحصول على العلاج. وتعد هذه أفضل وسيلة لتجنب تفاقم المشكلات على المدى الطويل."
إقرأي أيضاً
10 علامات مبكرة للخرف