يتساءل الكثيرون عن كيفية التعامل مع أرق النوم، إذ إنّها مشكلة شائعة ترتبط بعوامل كثيرة، من بينها التفكير الزائد، واستهلاك الكافيين وتناول وجبات غير صحيّة في وقت متأخّر من اليوم، أو المعاناة من مشاكل صحيّة، أو نفسيّة، وغير ذلك. وتختلف الطرق التي يمكن اتّباعها لحلّ هذه المشكلة والتمكّن من الاستغراق في نوم عميق وفقًا للعامل المؤدّي لها، وإنّ التركيز على التمتّع بصحّة نفسيّة يساعد كثيرًا بذلك. ولذا، يلجأ الخبراء في مجال الطبّ النفسيّ إلى اتّباع نهوج مختلفة في هذا الإطار، ومن أحدثها، ما يُعرف باسم العلاج بالقبول والالتزام، الذي يركّز على تحويل علاقة الفرد بالألم وعدم الراحة التي تنشأ في حياته، نحو ما هو مهم بالنسبة له.
ما هو العلاج بالقبول والالتزام؟
العلاج بالقبول والالتزام هو نوع حديث من العلاج السلوكيّ المعرفيّ (CBT)، والذي يركّز على تقليل العوارض، وهو يعمل وفقًا لفرضيّة مفادها أنّ الجهد الذي نبذله يوميًّا بهدف التخلّص من الألم وقلّة الراحة، يزيد الأمور سوءًا. فمثلًا، إذا كنت تشعرين بالقلق، قد تكون إحدى طرق العلاج السلوكيّ المعرفيّ هي التنفّس بعمق للتخلص من ذلك وما يرافقه من عوارض، ورغم ذلك، لا ينجح هذا دائمًا في منتصف الليل، إذ يمكن للدماغ والجسم الاستجابة بشكل مختلف. ولكن، إنّ تمّ اتّباع نهج العلاج بالقبول والالتزام، فسنجحين أكثر بالتخفيف من هذه المشكلة، إذ تتمكّنين من خلاله من تغيير الطريقة التي تتعاملين بها مع المحتوى المؤلم في حياتك، ومع كلّ الأفكار والمشاعر والأحاسيس والهموم التي تصاحبها، بدلاً من تغيير المحتوى نفسه.
كيف يعمل هذا العلاج؟
يتألّف هذا العلاج من ثلاثة عناصر أساسيّة، وهي القبول، والانفتاح، والعيش. يعمل الجزء الأوّل، أي القبول، على ترسيخ نفسك في اللحظة طوال اليوم وأثناء الليل، فإذا كان الوقت ليلًا، قد يكون الأمر بسيطًا مثل ملاحظة الشعور بالاتّصال بين جسمك والسرير، وهذا يساعدك في تنمية الوعي باللحظة الحاليّة، لتصبحي قادرة بشكل أفضل على رؤية ما تمرّين به من خلال عدسة موضوعية، وعلى إبعاد تفكيرك عن الحاجة إلى النوم.
أمّا الجزء الثاني، وهو الانفتاح، فهو معرفة أنّ صعوبة النوم التي تواجهينها تتعلّق بعقلك، ولذا عليك التوقّف عن التركيز على محاولة النوم، وعمّا سيحدث في اليوم التالي إن لم تنامي. وبالنسبة للجزء الأخير، وهو العيش، فهو يتمّ عبر تواصلك مع قيمكِ، لأنّك تشعرين بالإحباط ونفاد الصبر عندما تسيطر اللوزة الدماغيّة، وهي الجزء من الدماغ المسؤول عن المشاعر والذاكرة، عليك. وللتواصل مع قيمكِ، عليك أن تسألي نفسك كيف تريدين أن تستجيبي لهذه الأفكار، ومن الحلول، قول بعض الكلمات الرحيمة واللطيفة لنفسك، معترفة مثلًا أنّك تريحين جسدك، وهذا جيد بما فيه الكفاية.