الكوليسترول والدماغ بين الضرورة والأثر على الذاكرة

غالبًا ما يُنظر إلى الكوليسترول باعتباره مكوّناً ضاراً بالجسم، خصوصاً عند الحديث عن أمراض القلب والشرايين. لكن خلف هذه الصورة الشائعة، يلعب الكوليسترول دوراً محورياً في الدماغ، حيث يُعتبر عنصراً أساسياً في بنية الخلايا العصبية ووظائفها. فما علاقته بالذاكرة والقدرات المعرفية؟ وهل يمكن أن يكون التوازن فيه عامل حماية من الخرف، أو العكس سبباً في تسريع التدهور المعرفي؟

 

الكوليسترول لبنة أساسية في الدماغ

الكوليسترول ليس مجرد دهون في الدم، بل هو عنصر حيوي يدخل في تكوين الأغشية الخلوية للدماغ، ويساعد على بناء الميالين الذي يُسرّع من نقل الإشارات العصبية. كما أنه يساهم في تكوين المشابك العصبية الضرورية للتواصل بين الخلايا، ويُعزّز نموّ الخلايا العصبية والمرونة الدماغية. نقص الكوليسترول قد يعرّض الدماغ لمشكلات في تكوين الروابط العصبية ويزيد خطر الإصابة بأمراض تنكسية مثل الزهايمر وباركنسون.

 

تقلّبات الكوليسترول وخطر الخرف

رغم أن ارتفاع الكوليسترول في الدم ارتبط تاريخياً بتراجع القدرات الذهنية وزيادة احتمال الخرف، إلا أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن التقلبات الكبيرة في مستوياته قد تكون العامل الأكثر خطورة. فالتغيّرات المفاجئة أو غير المستقرة في الكوليسترول والدهون الثلاثية ارتبطت بزيادة ملحوظة في احتمالية الإصابة بالزهايمر أو التدهور المعرفي مع التقدم في العمر.

 

أدوية خفض الكوليسترول وتأثيرها

أثيرت تساؤلات حول ما إذا كانت أدوية خفض الكوليسترول (مثل الستاتين) قد تؤدي إلى ضعف الذاكرة أو البطء الذهني. غير أن الأبحاث الأحدث لم تجد رابطاً قوياً بين استخدامها واضطرابات الدماغ. بل على العكس، هناك أدلّة متزايدة على أن الستاتين قد يحمل تأثيراً وقائياً، حيث أظهرت بعض الدراسات أنه يقلّل من خطر الخرف بنسبة تصل إلى 20%، مع فوائد إضافية لمن يعانون من مستويات منخفضة من الكوليسترول الضار (LDL).

 

كوليسترول الدماغ مستقل عن كوليسترول الدم

من الحقائق اللافتة أن الدماغ ينتج الكوليسترول الخاص به، ولا يعتمد على الكوليسترول القادم من الدم عبر الغذاء أو الدورة الدموية، إذ يمنع الحاجز الدموي الدماغي مرور الكوليسترول الخارجي. هذا يعني أن ما نرصده في تحاليل الدم لا يعكس بالضرورة مستويات الكوليسترول داخل الدماغ نفسه.

 

المزيد
back to top button