لفترة طويلة، بقيت عمليات التجميل تنحصر في إصلاح أو إخفاء أو حتى التقليل من الضرر الذي أصاب أحد أعضاء الجسم الظاهرة نتيجة مرض أو حادثة أو غير ذلك من العوامل التي تؤدّي إلى تشوه العضو. أما في المرحلة الأخيرة التي بدأت مع دخول القرن العشرين وبلغت أوجها في منتصفه، كان من العادي جداً إجراء جراحات تجميل لأشخاص يتمتعون بصحة جيدة، ومظهر مقبول فقط للحصول على مظهر أكثر كمالاً، أو الوصول إلى مظهر معين يريده الشخص لنفسه بدلاً من شكله الحالي.
هذا التحول له أسباب عديدة مثل:
- تطور تقنيات الطب بشكل كبير و ظهور أساليب تقلل مخاطر هذه العمليات إلى أدنى حد ممكن، مثل اكتشاف المطهرات والمعقمات ووسائل التشخيص مثل الأشعة وأجهزة الفحص، ومواد التجميل مثل البوتوكس والفيلر كالهيالورنيك أسيد.
- إنتشار ثقافة الإهتمام والعناية بالجسد والمظهرنتيجة لظهور السينما والتلفاز وانتشار الجرائد والمجلات ووسائل الإعلام التي أصبحت تقدم صورة نمطية عن الرجل الوسيم والمرأة الجميلة عن طريق استعراض أجسام الممثلين والعارضين والمغنيين والرياضيين، مما دفع قطاعات عريضة من الناس إلى محاولة تجميل أجسامهم للوصول إلى هذه الصورة المثالية التي يرونها من حولهم على الدوام.
- إرتفاع مستويات المعيشةحيث لم يعد اهتمام الناس محصوراً بتوفير الطعام والشراب والمأوى، بل برزت اهتمامات كانت تعتبر ثانوية في ما مضى، مثل الإهتمام بشكل الجسم والمظهر، ومن الملاحظ أن معدل إجراء جراحات التجميل يتناسب بشكل طردي مع مستوى الدخل.
- عمليات التجميل وسوق العمل فبروز أهمية المظهر في الحصول على وظائف في مجالات مربحة بشدة مثل العمل في التمثيل أو الدعاية والإعلان أو عرض الأزياء، أو حتى في وظائف عادية لا علاقة لها بالمظهر، لكن المظهر المثالي فيها يعتبر واحداً من عوامل النجاح والترقي.
وللأسباب السابقة، وصلنا لحد الهوس بالتجميل وهنا يأتي دور الطبيب للحد من هذا الهوس واعطاء الاستشارة الضرورية لتحديد الاجراءات التجميلية اللازمة فقط. بالاضافة لمسؤولية المريض باختيار مراكز طبية مرخصة وعدم الانصياع للاعلانات التجارية غير المرخصة وبطبيعة الحال غير آمنة.
في النهاية، وصلنا لزمن اصبح فيه التجميل ضرورة ونتمنى أن لا يكون هوس .