الخوف من الفشل هو التهديد الذي نستخدمه لا شعورياً في حالات النقد الذاتي وهي حقيقة موجودة ومؤلمة ولا يمكننا إنكارها. وليس من السهل أبداً التغلب على الخوف من الفشل وعدم السماح لهذا الشعور بالتأثير على حياتنا. وقد يشعر الكثيرون أنهم محاصرون بالفشل وغير قادرين على الإنجاز. لكن طريقة تعاملنا مع الإحساس بالفشل هي العامل الحاسم الذي يقودنا إما إلى تحقيق النجاح أو التخلي عن الأهداف.
فكل الشخصيات الناجحة التي أعرفها واجهت تجارب فاشلة خلال مسيرتها للوصول إلى النجاح، حيث ترك بعضهم المدرسة أو تم رفضه أو طرده من العمل، إلا أنهم لم يستسلموا على الإطلاق. فكل ما نحتاجه لتحويل الفشل إلى نجاح هو المرونة النفسية والقدرة على التأقلم. وهذا ما تشير إليه دراسة نشرتها مؤخراً مجلة الطب النفسي الاجتماعي التجريبي، حيث وجد الباحثون أن النجاح في مواجهة الفشل يأتي نتيجة التركيز على الأهداف بدلاً من محاولة تجنب الفشل. ومن الطبيعي أن نحاول تجنب الفشل، لكن الحقيقة أن الأشخاص الذين يتبعون هذا الأسلوب يخفقون أكثر مقارنة بالأشخاص الذين يركزون على أهدافهم بشكل إيجابي.
فصنّاع التاريخ هم من يرون الفشل كمحطة انطلاق نحو النجاح، وتوماس أديسون خير مثال على ذلك، حيث مرّ بألف محاولة فاشلة قبل اختراع المصباح الكهربائي. وعندما سأله أحدهم عن شعور الفشل 1000 مرة، قال: "أنا لم أفشل 1000 مرة، بل اخترعت المصباح الكهربائي في ألف خطوة".
وللاستفادة من حكمة أديسون، لنتعرف كيف يمكننا التركيز على تحقيق الأهداف بدلاً من الخوف من الفشل. وفيما يلي 7 نصائح للمساعدة على تحقيق الأهداف مع بداية العام الجديد:
النظر إلى المحاولة الفاشلة من زاوية مختلفة
تلعب اللغة والمفردات دوراً أساسياً في تشكيل الصورة التي ننظر بها إلى أنفسنا. ويمكننا مثلاً استخدام كلمات إيجابية مثل "تجارب" و"محاولات" للإشارة إلى تجربة فاشلة. وكما يقول توماس أديسون، مخترع المصباح الضوئي: "أنا لم أفشل 1000 مرة بل اكتشفت 1000 طريقة لا تؤدي إلى اختراع المصباح".
التعامل مع الفشل بفضول
عندما نتعامل مع الحياة من منظور فضولي، يدفعنا هذا الفضول إلى النهوض والمحاولة مجدداً عند مواجهة تجربة فاشلة. ومن المفيد في هذه الحالة أن نسأل أنفسنا عن الدروس التي استفدناها من هذه المحاولة. وما الذي يمكننا تغييره في المرة القادمة؟ وكيف جعلتنا هذه التجربة أفضل؟ وما الذي تعلمناه عن العالم أو الآخرين؟ فالحكمة هي ثمرة تجارب الحياة التي مررنا بها.
التركيز على نقاط القوّة والشجاعة
الخوف من نظرة الناس إلينا هو السبب الحقيقي وراء خوفنا من الفشل. ولتجاوز الخوف من نظرة الناس، يكفي أن نتذكر دائماً أن من يراقبنا من بعيد يسهل عليه إطلاق الإحكام لأنه لا يدرك التفاصيل التي نواجهها. وأن مجرد قيامنا بهذه التجربة أو هذه المحاولة لتحقيق هدف معين يتطلب الكثير من الشجاعة والجهد الذي لا يراه الآخرون. وهذا ما عبّر عنه الكثيرون في لحظات حياتهم الأخيرة، حيث أشاروا إلى أن أكثر ما يندمون عليه هو الاهتمام برأيي الآخرين أكثر مما يجب.
الفشل ليس نهاية الطريق
من الخطأ أن ننظر إلى المحاولات الفاشلة على أنها دليلٌ على عدم قدرتنا على الإنجاز أو الاستمرار، وأن نسمح لها أن تقودنا للاستسلام والتوقف عن المحاولة. بل علينا التعامل مع الفشل على أنه خطوة من خطوات رحلتنا نحو النجاح.
النظر للصورة عن بعد وتحليلها بعمق
كيف نعرف أن خوفنا من الفشل يسبب لنا مشكلة حقيقية؟ عندما نصاب باليأس ونتوقف عن المحاولة. فبدلاً من الغرق في دوامة من المشاعر السلبية، يمكننا النظر إلى التجربة من منظور بعيد وتحليلها بشكل مفصّل. وتذكير أنفسنا بكل الإنجازات السابقة التي نجحنا في تحقيقها، كي لا نسمح لليأس بالسيطرة علينا. يكفي أن نتقبل التجربة الفاشلة ثم نتجاوزها ونتعامل معها كحالة مفردة دون أن نسمح لها بالتأثير على بقية قراراتنا.
التصالح مع الأخطاء
يعتبر الدفاع عن النفس غريزة بشرية طبيعية، حيث يميل الأفراد إلى التبرير لأنفسهم وإلقاء اللوم على الآخرين. لكن التصالح مع الأخطاء يعتبر من أساسيات النجاح، فلا يمكننا التعلّم من الأخطاء دون تقبّلها، بل علينا الاستفادة منها لتجنب تكرارها مرة أخرى.
المحاولة مراراً وتكراراً
من الضروري أن نتحلى بدافعٍ قوي للنجاح يتفوق على الخوف من الفشل. ولتحقيق ذلك، علينا القيام بخطوات جريئة والخروج عن المألوف في محاولة لتحقيق أهدافنا. وتشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الناجحين هم من ينتهزون الفرص حتى بعد مواجهة تجربة فاشلة، حيث ينظرون إلى هذه التجربة كمحطة من محطات رحلتهم نحو النجاح.
فالفشل أمر طبيعي، أو بالأحرى إيجابي. وعند مواجهة الفشل، علينا الحفاظ على الهدوء وتحليل الأسباب، ثم وضع خطة عمل والمضي قدماً. وقد كان العام الماضي مليئاً بالخيبات على كافة المجالات، بدءاً من تفشي الوباء العالمي الذي أثرّ على الشركات في جميع أنحاء العالم، ووصولاً إلى فترة الحجر الصحي التي تركت أثراً على علاقات الناس وحالتهم العاطفية، حيث شهدنا خلال عام 2020 مجموعة من العقبات التي لا يمكن تجنّبها. ومع اقتراب عام 2021، علينا أن نستفيد من البدايات الجديدة لنعيد تقييم أهدافنا الحالية، بالإضافة إلى وضع أهداف جديدة وتجاوز أحداث العام الماضي والنظر إلى المستقبل بروح من الأمل والقوة والمثابرة.