هل يزعزع تبدّل الهرمونات الناجم عن انقطاع الطمث حياة الثنائي الحميمة؟ على ما يبدو، لا تقوم الحياة الجنسيّة عند المرأة على موضوع الهرمونات وحسب. تفسيرات العلماء وأجوبتهم.
عن هذا التساؤل، كان الجميع يجيبفي السابق بالتأكيد بمن فيهم مَن هم من الدائرة الطبّية والعلميّة. واستناداً إلى الاستنتاجات والفرضيّات المنطقيّة ولكن ليس إلى دراسات واقعية، كان علماء الأمس يحبّون إقامة الرابط بين تزعزع الهرمونات بسبب انقطاع الطمث والمشاكل الجنسيّة الملحوظة. أخيراً، حاول باحثون من سويسرا وبريطانيا الإجابة عن هذا السؤال.
هل من رابط مباشر؟ إنّ الحياة الجنسيّة لدى المرأة معقّدة وتتأثّر بالعديد من العوامل وهي تخضع لعلم الأحياء وعلم النفس وغيرهما من السياقات الأخرى في الحياة. في الواقع، إنّها هيكليّة شاملة قد تزعزعها الاضطرابات المرتبطة بالهرمونات.
تؤدّي نهاية مرحلة الخصوبة لدى المرأة وتوقّف الدورة الشهريّة التي تطرأ في معظم الأحيان بين 45 و55 سنة، إلى ظهور تغيّرات فيزيولوجيّة ونفسيّة عديدة تترافق مع أعراض انتقاليّة مثل نفحات الحرارة والتعرّق الليلي والأرق وجفاف الرحم وتبدّل المزاج. كما قد يطرأ انخفاض في الشهوة الجنسيّة. فهل ترتبط هذه المشاكل مع ما يسبّبه انقطاع الطمث مثل تدنّي مستويات الهرمونات أو غيرها؟ نشر الباحثون أندريا بوري وبيتر هيلبير وتيموثي سبيكتور في 4 أيّار/ مايو 2015 نتائجهم في The Journal of Sexual Medicine (Longitudinal Evaluation of Sexual Function in a Cohort of Pre-and postmenopausal Women). وقد كانوا انطلقوا من مجموعة من الدراسات السابقة التي تظهر أنّ "تدنّي الاستجابة الجنسيّة" فضلاً عن ارتفاع "المشاكل الجنسيّة" هما بمثابة نتيجة للشيخوخة وانقطاع الطمث.
عوارض انقطاع الطمث بين الصحّ والخطأ
في السابق كما في اللاحق
خلال أربع سنوات، تابع الباحثون 507 نساء بريطانيّات من بينهنّ 178 امرأة في المرحلة التي تسبق انقطاع الطمث و329 سيّدة في مرحلة انقطاع الطمث بحدّ نفسها. وقد قارنوا أداءهنّ الجنسي: 22،2% من النساء اللاتي لم يدخلنَ بعد في مرحلة انقطاع الطمث قد طوّروا مشاكل جنسية فيما كان الرقم بنسبة 23،2% في مجموعة النساء المنقطعات الطمث، وقد كانت النتيجة متقاربة جدّاً. من ناحية أخرى، إنّ نسبة النساء اللاتي تدنّت لديهنّ الرغبة الجنسية كانت نفسها في المجموعتين: 7،4% للنساء المنقطعات الطمث و7،6% لغيرهنّ.
خلال أربع سنوات، بقيت وظيفة الحياة الجنسيّة لدى النساء اللاتي تُجرى عليهنّ الدراسة في مستوى "ثابت باعتدال"، حسب الدراسة. وإنّ أهمّ المؤشّرات التي تتوقّع تلك التغيّرات هي الرغبة والإثارة الجنسيّة، وهما عاملان يفسّران على الأرجح حياة المرأة الجنسيّة.
على الرغم من التأثيرات المرتبطة بانقطاع الطمث، يمكن لرغبة المرأة في أن تستمرّ بالتطوّر بعد انقطاع الطمث كما يقول الباحثون. أمّا المشاكل الجنسيّة فتُستوعب تلقائيّاً. ليس العمر عامل خطورة بالنسبة لتعطّل الوظيفة الجنسيّة، كما تشير الدراسة أيضاً إلى أنّ المرأة المنقطعة الطمث قد تكون أكثر ارتياحاً مع حياتها الجنسيّة.
دور الشريك
بموازاة تقلّب الهرمونات، لا بدّ من البحث عن تأثير الرجل. في ما جرى عند المرأة في الواقع، إنّ موقف الشريك مهمّ جداً في هذا المجال. وإنّ رؤية الشريك حيال انقطاع الطمث وموقفه حيال التغيّرات التي يسبّبها لها تأثير مهمّ للغاية. فهو يدعم ويطمئن بوجوده. والشريك الذي يكون في معظم الأحيان أكبر سنّاً قد يعاني من مشاكل صحّية (كداء السكر والكوليسترول ومشاكل في البروستات والإرهاق) قد تؤثّر على نوعيّة الأداء الجنسي. فالرجل، أمام مشاكله وفشله، يغرق في معظم الأحيان في مرحلة من التخلّي والتجنّب. وتُترجم هذه المرحلة بطريقة سيّئة لدرجة أنّها تترافق أحياناً بفقدان تعابير الحنان والانتباه من قبل رجل يشعر بالضعف. وقد أثبتت دراسات عديدة أنّ المشاكل الذكوريّة تؤثّر على نوعيّة الحياة الجنسيّة عند الشريك. في المقابل، إنّ معالجة هذه المشاكل تحسّن نوعيّة حياة أولئك النساء.
فراغ الحياة
ليست الصعوبات مع الشريك مرتبطة بالجانب الجنسي على الدوام، فإنّ مشكلة تطوّر العلاقة على مرّ الوقت هي في قلب العلاقة الجنسيّة في هذه السنّ. لكنّ هذا التطوّر يميل في معظم الأحيان إلى التدهور. لا تقوم المسألة على تراجع الرغبة بسبب الروتين وحسب بل أيضاً على اضطرابات تكون أحياناً أعمق من ذلك. وإنّ خسارة عناصر مهمّة كانت تشكّل الحياة مثل المهنة والأولاد تكشف عن مصاعب اللقاءات المباشرة "وجهاً لوجه" وعدم توازن التطوّر مع ظهور مراكز جديدة للاهتمام لا يقبلها الآخر بسهولة. إنّ اجتياح رجل تقاعد أخيراً للمنزل لمدّة 24 ساعة في اليوم قد يؤدّي إلى مناخ متفجّر بين الثنائي ولا سيّما إن كان الأولاد كبروا ورحلوا، ولا سيّما إن كان الرجل يشعر بأنّه جُرّد من هيبته المهنيّة. في المرّة الأولى التي يلتقي فيها الثنائي وجهاً لوجه لا يكون عند أيّ منهما ما يقوله للآخر، وحين يقحمان نفسيهما بالفراغ نفهم سبب انطفاء الرغبة الجنسيّة.
وصفات لزيادة الرغبة الجنسية
وصفة الحبّ
لحسن الحظّ، إنّ كلّ النساء في عمر انقطاع الطمث لا يقعنَ في فراغ الحبّ والحياة. كثيرٌ من الأزواج يفيضون براعةً وإبداعاً، كي لا يضعوا حدّاً نهائيّاً لحياتهم الحميمة. وهم يصلون إليها من دون صعوبة كبرى. إنّ الحياة الجنسيّة بعد انقطاع الطمث موجودة وقائمة لا بل إنّها تنمو مع الوقت. حاليّاً، 90 في المئة من النساء اللاتي يزيد عمرهنّ عن 50 سنة قد أقمن علاقات حميمة خلال السنة، بمعدل خمس مرّات كلّ شهر. وهذه لم تكن الحال في السبعينيّات حيث كانت امرأة واحدة من عشر تقريباً تعيش حياةً جنسيّة في هذه السن! والأفضل من ذلك أنّ ممارسة الجنس مفيدة على كافة الأصعدة فهي تضمن السعادة والسلامة. تشعر المرأة بأنّها جميلة حين تعرف أنّها مرغوبة، فالعلاقة الحميمة تثير الرغبة. وكما تقول حكمة شعبيّة "تأتي الشهيّة عند الأكل". ونعرف أيضاً أنّ هذا الأمر مرتبط كذلك بارتفاع بسيط في نسبة التيستوستيرون أثناء العلاقة كما بالأفكار والحركات المثيرة. من جهة أخرى، ينشّط الجنس الأوعية الدمويّة ويحافظ على مطاطيّة المهبل ويعمل على تفادي جفافه من خلال القليل من الأستروجين الموجود في السائل المنوي.
النوم مفيد
حلّل باحثون من North American Menopause Society المعطيات القادمة من 93668 امرأة بين 50 و79 سنة.
انخرطت كلّ المشاركات ضمن مجموعة واسعة مخصّصة لصحّة المرأة: مبادرة الصحّة النسائية. وقد أظهرت النتائج رابطاً بين مدّة النوم ومستوى الرضى الجنسي وعمر المرأة:
- إنّ المرأة التي تنام أكثر من ستّ ساعات هي الأكثر نشاطاً جنسيّاً من تلك التي تنام أقلّ من خمس ساعات. إنّ المشاركات الأكبر سنّاً في المجموعة كنّ أقلّ حماسةً من النساء الأصغر سنّاً لعيش حياة جنسيّة إذا حصل أن نمنَ أقلّ من 7 إلى 8 ساعات.
- إنّ السيّدات اللاتي تبلغ أعمارهنّ أكثر من 70 سنة وينمنَ أقلّ من خمس ساعات كنّ أقلّ رغبةً في ممارسة العلاقات الجنسيّة المنتظمة مع الشريك من اللاتي ينمنَ 7 ساعات واللاتي ينتمينَ إلى شريحة العمر ذاتها.
- كلّما كانت الليالي أطول والنوم أفضل تحسّنت الحياة الجنسيّة لدى النساء المنقطعات الطمث، وذلك حسب هذه الدراسة الأميركيّة التي نشرت في شباط/ فبراير 2017.
بعبارة أخرى، لا يمكن للسرير إلاّ أن يكون نافعاً في كلّ الأحوال! نامي لتستيقظ حواسّك!