مقابلة مع صانع العطور الكبير Francis Kurkdjian

عندما يتعلّق الأمر بمسائل الأنف، لا أحد يضاهي فرنسيس كوركدجيان. صانع العطور الكبير يتحدّث مع ELLE Arabia عن مسيرته المهنية المثيرة للإعجاب، وعن صياغة الروائح التي تحاكي الحواس وعلم استحضار الذكريات.

 

تأسّست Maison Francis Kurkdjian عام ٢٠٠٩ لتسليط الضوء على الإبداع وفنّ صناعة العطور. كيف تطوّرت هذه الرؤية على مرّ السنين؟ 

في هذه الآونة، أنت تعرفين عدد العلامات التجارية والعطور التي أقوم بإطلاقها كلّ عام، ومنذ ١٥ عاماً يبدو الأمر كما لو كان بالأمس فقط! أما بالنسبة لعلامتي التجارية الخاصة، فلم يحدث ذلك بين ليلة وضحاها. استغرق الأمر الكثير من الوقت. لقد عملت أنا وشريكي في العمل بجدّ وخصّصنا الكثير من الوقت والطاقة لذلك. لدي أيضاً فريق رائع، لأنّنا نحن الاثنان لم نكن قادرين على القيام بذلك بمفردنا. عندما انضممنا إلى مجموعة LVMH عام ٢٠١٧، لم أكن أتوقّع حصول هذا الأمر. لا أشعر بأي ندم، لكنّني لم أكن أريد أن أفشل أيضاً. أعتقد أنّ النجاح الحقيقي يتعلّق بالسعادة الخالصة، وليس بحجم الشركة أو الشهرة. يتعلّق الأمر بإيجاد التوازن بين حياتي الشخصية والمهنية.

 

غالباً ما تصف إبداعاتك بأنّها "إطلالة عطرية". كيف تتعامل مع تصميم العطور كما لو كانت خزانة ملابس؟ 

قبل العمل لدى Dior، عملت أيضاً لدى علامات تجارية أخرى مثل Burberry عام ٢٠١٤، لذا فالأمر ليس بالصعوبة التي قد يتصوّرها الناس. الأمر كلّه يتعلّق بالشغف وقوّة الإرادة للقيام بهذا النوع من العمل. إنّه مثل الجمباز ـ يبدأ جسمك في الدخول في روتين أثناء العمل على مشاريع مثيرة. لقد سعدت بالمشاركة فيها جميعاً وبإتاحة الفرصة لي لتقديم مساهمة إيجابية لكلٍّ منها.

 

من بين جميع العطور التي ابتكرتها، هل هناك عطر يحتلّ مكانة خاصة في قلبك؟ 

جميعها. ومع ذلك، يعتبر عطر Rouge واحداً من أكثر العطور شهرةً ـ فقد كان حرفياً ظاهرة على وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن يصبح العطر رائجاً على تيك توك. لم يكن نجاح Rouge بين ليلةٍ وضحاها، بل استغرق بعض الوقت وقد تأثّرت لأنّ نجاح هذه العلامة التجارية لم يأتِ من الإعلانات التجارية أو سفرائها أو مصدر إلهامها بل من العطر نفسه. يعتبر Rouge دليلاً حيّاً على أنّ العطر يمكن أن ينتشر بسرعة بسبب رائحته فقط ـ وأنا سعيد جداً بذلك. إنّه يوضح أنّ التسويق يمكنه فعل كلّ شيء وأنّ الرائحة تتمتّع بقوّة كبيرة.

 

ما هي العملية التي تتّبعونها للحصول على المكوّنات وللتأكّد من أنّها تلبّي أعلى معايير الجودة والإبداع؟ 

يعتبر الحصول على المكوّنات أمراً صعباً لأنّه يتعيّن عليك التأكّد من الحصول على أفضل المكوّنات جودة. طبعاً السعر الجمالي بالنسبة لي هو نفسه، مثلاً أغلى زيت ليمون نحصل عليه هو ١٠٠ يورو للكيلو وهو أغلى بكثير من خلات البنزيل وهي رائحة الموز والياسمين والتي تكلّف ٦ يورو ولكن عاطفياً أحتاج كلاهما. عليك أن تجد أفضل مصدر مستدام ومن ثمّ عليك التأكّد من الكمية بسبب حجم العمل. لدينا حوالي ٦٠ نقطة مبيعات في منطقة الشرق الأوسط في الوقت الحاضر، و١٢ نقطة في دبي. في جميع أنحاء العالم نقاط المبيعات هي ٨٠٠، لذلك يتعيّن علينا أن يكون لدينا كمية كافية من المكوّنات. بالمعنى الحقيقي، يعتبر تحديد المصادر مهمّة صعبة للغاية وعلينا التعامل مع العوامل الجيوسياسية مثل التغيّرات المناخية في إيطاليا والبحيرات المتجمّدة في جنوب فرنسا ـ إنّها حقاً صعبة للغاية.

 

هل هناك أي مكوّنات تنجذب إليها بشكلٍ خاص أو تشعر أنّها أصبحت سمة مميّزة لتوقيعك الإبداعي؟ 

لا، الأمر لا يتعلّق بالمكوّنات على الإطلاق. هناك بعض المكوّنات التي لم أستخدمها من قبل، مثل المرّ ـ إنّه غامض للغاية وأنا أحبّ التاريخ وراءه، لكنّني لا أحبّ رائحته لأنّه يحتوي على رائحة الفطر. هل أفتقده؟ لا. يتعلّق الأمر أكثر بما يجب أن أحقّقه خلال عام بمجموعة جيدة. وهذه بداية قصتي.

 

لماذا ومتى بدأت صناعة عطور العود؟ 

أعتقد كان ذلك عام ٢٠١١ أو ٢٠١٢، في البداية على الأرجح. لم أكن أرغب حقاً في القيام بذلك، لكن شريكي التجاري أراد منّي أن أتعامل مع عطور العود لأنّه كان يعمل في المنطقة لصالح قناة الجزيرة. وهو لبناني فرنسي، ولد ونشأ في لبنان ثمّ انتقل إلى فرنسا. أمضى الكثير من الوقت في دبي وقطر. وعندما أنشأنا الدار بعد بضع سنوات، طلب منّي أن أصنع شيئاً للعود، وكان ردّ فعلي الأول هو لا! لكنّه الآن أحد أكثر المنتجات مبيعاً للعلامة التجارية ـ وأنا سعيد جداً به.

 

يلعب مفهوم "المنزل" دوراً مهمّاً في إبداعاتك. ما الذي ألهمك لترجمة المساحات الشخصية والذكريات إلى عطور؟ 

بدأ الأمر كلّه بمنتجات الغسيل ورغبتي في غسل ملاءات الأسرّة والبياضات وجعل رائحتها طيبة. خطرت لي الفكرة عندما كنت أعيش في نيويورك وكانت رائحة منتجات الغسيل الخاصة بهم قوية جداً وفي مرحلة ما، لم أتمكّن من التعايش مع سوائل الغسيل، لذلك ذهبت إلى المعمل وطلبت منهم منتجات غير معطّرة وأضفت إليها منتجاتي الزيتية لأصنع رائحتي الخاصة لأنّني كنت بحاجة إلى شيء يمكنني التعايش معه. وهكذا، بدأ الإعداد لمفهوم "المنزل". لدي أيضاً صابون، ومنتجات غسيل، ومنعّمات، وشموع، ومعطّرات منزلية، والآن نطلق الجلود المعطّرة (محافظ صغيرة وحاملات بطاقات) وأنا متأكد من أنّه سيُرحّب بها بشكلٍ جيد جداً في منطقة الشرق الأوسط.

 

تمتدّ تعاوناتك إلى ما هو أبعد من صناعة العطور لتشمل الباليه والمسرح والمعارض. كيف شكّلت هذه المشاريع الفنّية إبداعاتك العطرية؟ 

إنّه قليل من كلّ شيء. أعتقد أنّني فعلت ذلك لأنّني أدركت في مرحلة مبكرة من مسيرتي المهنية أنّ العطور الموجودة في الزجاجة ليست فنّاً. الفنّ ليس هدفه الإرضاء، بل خلق المشاعر، سواء كانت جيدة أو سيئة. أما العطر، فيهدف إلى خلق مشاعر إيجابية. نحن لا نصنع عطراً لنشمّ رائحة كريهة، أو لنشعر بالاكتئاب، أو نضع عطراً لنشعر بالقبح. لكن الفنّ يمكن أن يجعلك تشعرين بالحزن، أو الرومانسية، أو التشاؤم ـ لأنّه يتعلّق بملامسة كلّ مشاعرك، في حين أنّ العطر يعني الأجزاء الجميلة من الحياة.

 

مع أكثر من عقدين من الخبرة، ما هي المشاريع أو عمليات التعاون السابقة التي تفتخر بها أكثر، وما هي المساعي المستقبلية التي تثير اهتمامك أكثر؟ 

أنا فخور بقدرتي على تحقيق التوازن بين حياتي الشخصية والمهنية. لدينا قريباً عطر Le Beau Parfum، والجلود المعطّرة، والمزيد في طور الإعداد. هناك عطر جديد قادم في أبريل/مايو. إنّه أمر لا نهاية له بطريقة ما، ولكنّه نعم، رحلة ممتعة بلا شك.

المزيد
back to top button