تعد الدكتورة ريم آل سعود Dr. Reem Bint Mansour Al Saud أخصائية في تطوير المرأة وخبيرة في التنمية المستدامة لدى الأمم المتحدة، تنطلق في عملها من شغفها بفعل الخير والارتقاء بالواقع الإنساني للمحرومين.
وتلعب الدكتورة آل سعود دوراً محورياً في تغيير الثقافة المؤسسية السائدة، حيث أوضحت من خلال أبحاثها حول الطرق الفعالة لدعم النساء الطموحات اللواتي يرغبن في تحقيق أداء رفيع المستوى على الصعيدين الشخصي والمهني أن تمكين المرأة يمكن أن يثمر عن نتائج فعالة. ولا يقتصر دور التمكين على دعم رفاهية المرأة، بل يمكن أن يقود أيضاً إلى نمو واسع النطاق وأداء مالي جيد ونتائج حسنة على صعيد الأعمال.
وتقترح الدكتورة آل سعود برنامجاً شاملاً يأخذ بعين الاعتبار القيم والأهداف التي تم اعتمادها عالمياً والواردة في خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030. وسيعالج البرنامج بفاعلية العوامل الهيكلية التي تعيق المرأة من استغلال كامل إمكاناتها، والأهم من ذلك، تعزيز وصون رفاهيتها البدنية والعقلية والاجتماعية.
كان لElle Arabia فرصة إجراء هذه المقابلة الشيقة معها..
حدثينا عن نفسك - لماذا وكيف اخترتِ هذا المجال؟
أنا شغوفة بتطوير المرأة من ناحية شخصية ومهنية, اجتماعية واقتصادية.
يتمثل هدفي في تمكين المرأة لتزدهر عبر أبحاثي في تطوير و إنشاء سياسات لتعزيز مشاركة المرأة في صفوف القوى العاملة. أنا شغوفة أيضا بتوجيه الشابات كي يغتنمن فرصا ضخمة بحجم طموحاتهن.
لقد كنت منجذبة إلى هذه القضية لأن حركة تطوير المرأة ما تزال بطيئة. تستحق المرأة العيش بكرامة والتمتع بفرص متكافئة مع الرجل. فبغض النظر عن تطورها ما زلت متأخرة عما يجب أن تحصل عليه من حيث الأجور, الفرص وظروف العمل.
من خلال عملك ومركزك الاجتماعي ما هي الرسالة التي تحبين توجيهها للمرأة العربية اليوم؟
رسالة واحدة لكل النساء: لكي تستفيدي من قدرتك الكاملة ( بشكل شخصي ومهني ) عليك أن تعالجي تقدمك وتطورك بشكل كلي. فنموك الجسدي, العاطفي, العقلي ورفاهيتك الاجتماعية مرتبطة ارتباطا وثيقا مع بعضها البعض.
غالبا ما تعمل المرأة بدوام كامل في وظيفتها إضافة إلى كونها الراعية الأساسية لشؤون بيتها. وعادة ما يجعلها ذلك تهمل رفاهيتها مستنزفة كل طاقتها.
كل ما انضمت المزيد من النساء العرب إلى القوة العاملة وتحصلن على وظائف قيادية ينبغي عليهن أن يدافعن عن بعضهن البعض لكي يتمكنّ من الإسهام الكامل في ميدان العمل. عليهن العمل مع منظماتهن على دمج سياسات دعم تضمن تلبية احتياجاتهن الصحية.
بمعالجة الجذور العربية - وما الذي يميزها عن المرأة الغربية؟
تفصلنا الجغرافيا, لكن لدينا أهداف, قيم وتحديات مشتركة. ومن خلال تجربة عملي الدولية وتعاملي مع النساء من كل الدول في الأمم المتحدة, تعرفت على أحلامنا المشتركة.
تريد النساء من كل أنحاء العالم إحداث فرق في العالم وهن يسعين تجاه تحقيق ذلك بالتطوير الذاتي والاستثمار في مهاراتهن لتطوير العمل وجعله أكثر إنسانية.
حدثينا عن مشروعك الحالي ومشاريعك القادمة؟
أركز حاليا في الأمم المتحدة على التنمية المستدامة. والهدف من ذلك القضاء على الفقر, وضمان السلام و الازدهار. وتطوير حياة البشر حول العالم., بمعالجة الجذور المسببة للفقر.
يجب أن تطبق التنمية المستدامة بشكل شمولي فالأبعاد البيئية, المجتمعية والاقتصادية كلها مترابطة مع بعضها البعض.
كما يجب دمج منظور الوعي بأثر التعامل مع الآخر على أساس نوع الجنس وأهمية الرفاهية أمر ضروري جدا لتطوير الحياة لا للنساء فقط بل للجنس البشري بأكمله.
أريد المواصلة في هذا الدرب لأدعم النساء الطموحات الراغبات في تحقيق أعلى مستوى من الأداء على الصعيد الشخصي والمهني. فالتمكين لن يساعدهن بدعم الحفاظ على رفاهيتهن فقط ولكنه سيقودهن لنمو متزايد من ناحية الاداء المالي, ومخرجات العمل المناسبة.
سأكون سعيدة بعقد شراكة مع شركات وتنظيمات دولية لديها مكاتب في الشرق الأوسط تدرك قيمة الاستثمار في رفاهية موظفيها من ناحية شخصية ومهنية, وتطمح لخلق بيئة عمل متنوعة وشاملة.
وتدرك ان التنمية لا تتم بتنمية الأداء المالي وحسب ولكن بتنمية موظفيها أيضا.
الشركات والمنظمات التي تنفذ ذلك تستطيع خفض معدل التغيب عن العمل, الضغوط, الإصابات الجسدية, انخفاض قيمة التأمين الصحي. وتستطيع زيادة الانتاجية.
من هي السيدة العربية التي تعجبك؟ لماذا؟
تعجبني أي امرأة شغوفة بهدفها ولا تخشى من السعي نحو تحقيقه. التي تكسر القوالب وتشكل واقعها.
التي تستطيع المحافظة على حياة متوازنة وهي تحقق أهدافها. الكثير من النساء يُنهَكن ويتوقفن في النهاية بسبب الإرهاق. يستقلن من أعمالهن ويتوقفن عن ملاحقة شغفهن.
ولتغيير ذلك علينا أن نعالج تطورنا بشكل كلي- جسديا, عقليا, عاطفيا واجتماعيا.
برأيك ما هو مفتاح النجاح ؟ وماهي نقطة التحول في حياتك العملية؟
لا يوجد مفتاح وحيد للنجاح. أنا لا أؤمن بمقياس واحد لتحقيق النجاح. بصفتنا نساء, نهمل كثيرا رفاهيتنا مستنزفين طاقاتنا. لقد تعلمت من تجارب الحياة المضنية فلم أدرك أنني أدمر حياتي دون وعي قبل أن أصاب بحادثين.
كنت مرهقة وعالقة في دائرة من العادات السيئة وخيارات أسلوب الحياة غير الصحي فعلى سبيل المثال أشرب قهوة طوال اليوم, أتناول أطعمة معلبة وسكرية, آكل بسبب الانفعال العاطفي, وأنام بشكل مضطرب. لا أعرف متى أقول " لا " لتدفق المهام والتحديات اليومية.
ولكن عندما بدأت بتطبيق نظام حمية متوازن وشامل, لاحظت تغيرا جذريا في جسدي وامتد أثره على جوانب أخرى من حياتي الشخصية والمهنية. قمت بتطوير أنشطة تصالحية*1 ساعدتني في الحصول على المزيد من الوضوح والطاقة, بينما كنت أخفف من إجهادي وتعبي.
تطور مستوى انتاجي في العمل, وكذلك حالتي الذهنية والعاطفية بشكل عام. لقد جعلني أدرك أهمية الاعتناء بنفسي بشكل كلي.
هل تواجهين أي مشاكل في عملك لأنك سيدة؟
كثيرا ما تضطر المرأة أن توافق بين كونها الراعية الأساسية لشؤون الأسرة وممارسة دور قيادي وفاعل في سوق العمل. ومع ذلك فهي حاضرة بشكل غير كاف في المناصب العليا أو فاعلة في عملية صنع القرار.
غالبا ما تمنع الحواجز البنيوية والثقافية المرأة من التقدم على الجانب الشخصي والمهني. مازالت النساء متأخرات من حيث الأجور, الفرص وظروف العمل. ولتغيير ذلك يجب على الشركات الكبرى أن تقدم المزيد لمعالجة التمييز في المعاملة القائم على الانحياز لجنس معين بصورة منظمة وغير منظمة. يجب على الشركات أن تأخذ نوع الجنس بعين الاعتبار.
مقولة أو قدوة تتمثلين بها؟
لا تجعل (الكمال) عدوا (للحسن)*2
أن تبذل أفضل ما لديك لا يعني أنك (كامل ) عليك أن تتقبل أن كل شيء تقوم به هو " عمل تحت التنفيذ" إن انتظرت حتى تبلغ الكمال ستعيق نموك وتقدمك. يجب عليك عدم التقليل من قيمة ذاتك كامرأة أو الاستهانة بالأثر الذي يمكن أن تحدثه مساهمتك الكبرى بالمجتمع. مما يجعلك تفوتين الفرص, لا سيما في الأدوار القيادية , لأنك جعلت ذاتك تشعر بعدم أهليتها للقيام بذلك.
ما رأيك بموجة مواقع التواصل الاجتماعي في مجالك؟ ما هو التأثير السلبي والإيجابي؟ وكيف تتعاملين مع هذا الموضوع؟
هناك بضعة أمور في الحياة لا يمكن النظر إليها باعتبارها قيمة نهائية مطلقة: صواب أو خطأ, جيدة أو سيئة. وهذا الأمر ينطبق على وسائل التواصل الاجتماعي. علينا التركيز على كيفية الحصول على اعلى استفادة ممكنة من هذا التقنيات. من الممكن ان تستخدم صاحبات المشاريع عناصر وسائل التواصل الاجتماعي لدفع حياتهم المهنية بشكل كبير.
كما أن النساء حول العالم يستخدمنها لمشاركة أصواتهن.
لقد كانت مفيدة جدا للنساء المهمشات. خصوصا للنساء في الشرق الأوسط. حيث أتاحت لهن كتابة حكاياتهن الخاصة. والتعبير عن الحياة التي يريدونها أن تُرى بدلا من السماح للآخرين بالكتابة عن شؤونهن.
كما أن وسائل الاتصال تعتبر أداة احصائية لجمع البيانات ووسيلة للوصول الى من يصعب الوصول اليهن. لا يجب إهمال هذه الرسائل الاجتماعية والسياسية. فهي تساعدنا على فهم ما يهم المجتمع في الوقت الراهن, وكيف يمكننا التطور من خلال مراعاة احتياجات الناس بدلا من تجاهلها.
كلمة أخيرة لقراء Elle Arabia؟
تتقاسم النساء بكل مكان الآمال والأحلام, يجب عليهن أن يقدن الطريق بالترويج لسياسات داعمة تساعدهن على الازدهار على الصعيد الشخصي والمهني. ولقد حان الوقت لتتبنى الشركات والمنظمات مثل هكذا سياسات. انها سياسات مربحة لكل الأطراف.
- الأنشطة التصالحية عبارة استراتيجيات من علم الاجتماع تهدف الى اصلاح العلاقات المتضررة مبنية على ثنائية الندم والتسامح.
- "الكمال" عدو "الحسن " قول ايطالي مأثور اقتبسه فولتير في قاموسه الفلسفي.