في هذه المقابلة الحصرية، وبمناسبة عيد الأم، نلتقي كيكا صعب، زوجة ايلي صعب الابن، والتي تميّزت رحلتها في الأمومة بطابعها الشخصي العميق. تشاركنا كيكا صعب تفاصيلَ التغيير الجذري الذي أحدثته الأمومة في حياتها، والتحديات والمكافآت التي تواجهها يوميًا، وكيف تُوازن بين حياتها العامة وحياتها الأسرية الخاصة. برقةٍ وتواضع، تُفكّر كيكا في الدروس المُستفادة، من نشأتها إلى طريقة تربيتها لأطفالها اليوم، ومن خلال كلماتها، نُدرك الرابطة القوية التي تجمعها بعائلتها وكيف يُشكّل دورها كأمّ كل ما تفعله. كذلك، تُقدّم نصائح قيّمة للأمهات الأخريات، وخاصةً في منطقتنا، مُشدّدةً على أهمية الثقة بحدس المرء وتقبّل رحلة الأبوة الفريدة.
الأمومة هي رحلة عميقة، فكيف غيّرت شخصيّتك؟
قبل أن أصبح أمًّا، كنتُ مُكرّسةً وقتي كليًا لمهنتي كمستشارة مالية، وقد خطّطتُ لأخذ إجازة أمومة والعودة لمزاولة مهنتي بعد ستة أشهر، ولكن مع ولادة صوفيا، تحوّلت أولوياتي بشكل طبيعيّ. أصبح تركيزي عليها أكثر، واعتدت أن أستمتع بكل لحظةٍ معها، وانغمستُ تمامًا في عالم الأمومة. مع مرور الوقت، وجدتُ إشباعًا هائلًا في التواجد معها ومع عائلتي، مُحتضنةً هذا الفصل الجديد بنفس التفاني والشغف الذي غمرتُ به مسيرتي المهنية. لقد كانت الأمومة أعمق رحلةٍ وأكثرها تحوّلًا في حياتي، وهي عمّقت شعوري بالتعاطف والرحمة والصبر بطرقٍ لم أتخيلها أبدًا. لقد منحتني شعورًا بالمسؤوليّة، ليس فقط تجاه أطفالي، بل أيضًا تجاه الشخص الذي أرغب في أن أكونه. ومهما اشتدّت الحياة، تُعلّمنا الأمومة أن ننهض بقوةٍ ومرونة، لأن أطفالنا يتطلعون إلينا طلبًا للحب والتوجيه والدعم الثابت، فهم يصبحون دافعنا الأكبر، ويذكّروننا كل يوم بأننا قادرون على أكثر ممّا كنا نعتقد. لقد منحتني الأمومة تقديرًا جديدًا لأمي، والتي لطالما كانت أكثر من مجرد أمي، إنها قدوتي وأفضل مثال على معنى أن تكوني والدة محبًة ومخلصة، وأنا قد أدركت حقًا التضحيات التي قدمتها لنا ولسائر أفراد العائلة. بغض النظر عن التحديات التي واجهتها والدتي، كانت دائمًا تواجه ذلك بقوة وابتسامة دافئة، وتذكّرنا برؤية الخير في كل موقف. إنّ لطفها وقوتها وصمودها ودعمها هي صفات أُعجَبُ بها بشدة، وأشعر بامتنان كبير لوجودها كمرشدة لي في هذه الرحلة.
ما هو الجزء الأكثر مكافأة في كونكِ أمًّا؟ وما هو الأكثر تحديًا؟
عندما أنظر إلى أطفالي وأرى سلوكهم في حياتهم الخاصة والعامة، أشعر بفخر كبير. كأهل، ندرك مدى أهمية مشاركتنا النشطة في حياتهم في تشكيل شخصياتهم بما يعكس معتقداتنا وقيمنا وانضباطنا. يُدهشني حقًا أنهم، على الرغم من صغر سنهم، يستطيعون مرافقتنا إلى أسابيع الموضة وعروض الأزياء والاجتماعات من دون إثارة ضجة أو إساءة تصرف، وهذا المثال البسيط يُطمئنني بأنّ جهدنا الكبير وحضورنا المستمر يُثمران بالفعل، إذ إنّنا دائمًا ما نُخصص وقتًا للتحدث معهم وشرح الأمور لهم ومساعدتهم على فهم العالم من حولهم.
تربية أطفالي وصقل شخصياتهم من أكبر مسؤولياتي، وليس من السهل دائمًا إيجاد التوازن الصحيح بين كوني أمًا وصديقة، خاصةً في عالمنا اليوم، حيث يكون الأطفال أكثر عرضة للمواقف المختلفة. ولكن بالصبر والتفهّم، أبذل قصارى جهدي لتوجيههم، ومساعدتهم على النمو ليصبحوا أفرادًا طيبين، واثقين من أنفسهم، ومتزّنين، والأمر ليس سهلاً دائمًا، لكن رؤيتهم يكبرون يجعل الأمر يستحق العناء.
من أصعب الأمور التي واجهتها، خاصةً بعد فقدان والدي، الحفاظ على رباطة جأشي والتحكم في مشاعري أمام أطفالي. لقد اختبرني العام الماضي بطرق لم أتخيلها أبدًا؛ كان عليّ أن أكون مصدر قوتهم عندما كنت بحاجة إلى القوة، ودعمهم عندما كنت بحاجة إلى الدعم، ورعايتهم عندما كنت أتوق إلى الرعاية بنفسي. ولكن خلال كل ذلك، لم أكن وحدي أبدًا. ساعدني زوجي الداعم للغاية وأمّي الاستثنائية، التي وجدت القوة لتكون كلا الوالدين في واحدة، على تجاوز هذا الوقت العصيب. والأهم من ذلك كله، أصبح حب أطفالي أعظم علاج لي، ممّا منحني الشجاعة للمضي قدمًا.
حياتكِ علنية تمامًا. كيف تتعاملين مع الأمومة وأنتِ تحت الأضواء؟
لقد احتضني إيلي وكلودين صعب كابنتهما، وأرشداني وشجّعاني ومنحاني الثقة اللازمة لأكون تحت الأضواء وأن أكون حاضرة بنشاط بجانب إيلي زوجي، وأكون الزوجة الداعمة التي أسعى جاهدة لأكونها. لقد أدّى حبّهما وإرشادهما دورًا حيويًا في مساعدتي على النجاح تحت الأضواء، إنّما التواجد تحت الأضواء لا يغيّر من شخصيتي. فسواء في العلن أو في السر، أظل وفية لنفسي كامرأة وكأم. وفي حين أن الموازنة بين الفعاليات العامة والسفر ومتطلبات الأمومة قد تكون صعبة، إلا أنّني محظوظة بوجود نظام دعم قويّ من عائلتي وعائلة إيلي.
أنا ممتنة حقًا لمرونة اصطحاب أطفالي معي عندما أسافر، ممّا يسمح لهم باستكشاف بيئات جديدة مع ضمان سلامتهم وراحتهم. وأن أكون محاطة بشبكة دعم قوية من حماتي وعائلة إيلي، يضمن لي، عندما أحتاج إلى تركهم في المنزل، أن يكونوا في رعاية أمي وعائلتي المُحبّة، مُحافظين على روتينهم وانضباطهم. إن وجود أمي وحماتي بجانبي نعمة، فحبّهما ورعايتهم وقيمهما المُشتركة تُوفر لأطفالي نفس الدفء والاستقرار الذي أحظى به. إنّ التواجد في دائرة الضوء يعني أيضًا وضع حدود واضحة، وحماية خصوصيتي، وإعطاء الأولوية لرفاهية عائلتي، وفي النهاية، يتعلّق الأمر باتخاذ قرارات مدروسة، والتمسك بقيمي، وضمان شعور أطفالي بالأمان، أينما كنت.
هل تجدين صعوبة في الحفاظ على خصوصية حياة أطفالك في عصر وسائل التواصل الاجتماعي؟
أجد ذلك صعبًا، خاصةً في عالم اليوم حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي خارجة عن سيطرتنا. لأطفالنا حياتهم الخاصة، مع أصدقائهم في المدرسة، أو نزهاتهم، أو حفلات أعياد ميلادهم، ولا يُمكننا دائمًا التحكم فيما يلتقطه الآخرون أو يُشاركونه. كأم، الشيء الوحيد الذي يُمكنني التحكم فيه هو قرار مُشاركة جوانب مُعيّنة من حياتهم، مع مراعاة خصوصيّتهم وحدودهم دائمًا. أنا أساهم بشكل فعّال في حمايتهم، وأضمن أنّ ما يتم مشاركته يكون بشكل مدروس، وأنّ المساحة الشخصية الخاصّة بهم تظل محترَمة سواء عبر الإنترنت أو في حياتهم اليومية.
كيف تقسمين مسؤوليات الأبوة والأمومة مع إيلي جونيور، خاصةً مع دوره المُرهِق؟
الأبوة والأمومة، بالنسبة لنا، لا تعني تقسيم المسؤوليات، بل هي تكاملٌ بيننا واستغلال نقاط قوّتنا الفريدة في تربية أطفالنا. على الرغم من جدول إيلي المُزدحم، إلا أنه عندما يكون في المنزل، يُولي عائلته اهتمامه الكامل، خاصةً خلال الوقت الذي يمضيه مع الأطفال، وليس المهم كمّ الوقت، إنّما جودته. عندما كانت ابنتنا الكبرى أصغر سنًا، كان لدينا شرف إشراكها في أنشطتنا اليوميّة، ولكن مع نموّها والتحاقها بالمدرسة، أصبح من الصعب تغيير روتينها. وللتعويض عن ذلك، نهدف إلى خلق ذكريات عائليّة خلال العطلات والأعياد، تمامًا مثل أي عائلة، إذ إنّ جعل هذه اللحظات تُخلّد في الذاكرة هو أولويتنا القصوى. أؤمن أيضًا بأن التواصل هو الأساس، ولذا، أحرص وإيلي على إجراء محادثات مُستمرة، ونُبقي بعضنا البعض على اطّلاع دائم بما يحدث في حياتنا. هذا التواصل المُنفتح أساسي في علاقتنا، ليس فقط كوالدين، بل كزوجين، يساعدنا على دعم بعضنا البعض ويضمن لنا التوافق الدائم، مهما واجهنا من تحديات.
هل أثّر الانتماء لعائلة أزياء عريقة كهذه على أسلوبك أو منهجك في الموضة؟
بالتأكيد، شكّل الانتماء لعائلة ذات تأثير قويّ في عالم الموضة ذوقي في الأناقة، ومع أنّني لطالما أحببت الموضة، إلّا أنّ انضمامي لعائلة المصمّم إيلي صعب بعد زواجي بابنه، جعلني ألجأ إليه طلبًا للنصيحة، وأنا محظوظة بوجود شخص يرشدني باستمرار. بالإضافة إلى ذلك، بفضل تنوع منتجات هذه العلامة التجارية، أستطيع إيجاد أنماط مختلفة تناسب مختلف المناسبات، سواءً كانت للنهار أو الليل!
كيف تدعمين إيلي جونيور في دوره لدى دار إيلي صعب؟
أنا لا أقف إلى جانبه فحسب، بل أدعمه بكل الطرق، وإنّ شغفه بما يفعله مُعدٍ حقًا. فهو يمتلك لديه حلمًا ورؤية وطموحًا، ومن المستحيل ألا أشعر بهذه الطاقة. أنا أتأثر بحماسه، ومعًا كعائلة، نعيش هذا الشغف إلى جانبه، ودوري هو أن أكون له دعمًا قويًا، وأساعده على تحقيق تلك الأحلام بنفس التفاني والحماس الذي يبذله في عمله. على سبيل المثال، عندما كان إيلي يستعد لمهرجان «ألف موسم وموسم» في الرياض، شهد أطفالي، وخاصة صوفيا، تفانيه وجهده الدؤوب لإنجاحه وأصرّت على مشاهدة البرنامج مباشرةً على التلفزيون، ولم تُرِد أن تفوت لحظة واحدة، وعندما عدنا إلى المنزل، لم تكفّ عن طلب مشاهدة البرنامج مرارًا وتكرارًا. حفظت أيضًا جميع كلمات الأغاني وتصميم الرقصات، وعاشت إبداع الحدث بنفسها. لقد كان من المذهل رؤية مدى تأثير عمل إيلي الجاد وشغفه عليها. في الواقع، حوّلت إيجابية إيلي المُعدية منزلنا إلى ركنٍ للموضة، حتى أنّ ابنتنا صوفيا، البالغة من العمر أربع سنوات فقط، بدأت تناقش «نسيج» فستانها. هذه هي هويتنا، نعيش ونتنفس جوهر علامة إيلي صعب، مجسدين كل ما تمثله بفخر وشغف، وأنا بصفتي زوجة إيلي، فإن دوري هو أن أكون سنده، وأن أدعمه في كل تحدٍّ وأحتفل بكل انتصار. أسعى جاهدةً لخلق مساحة هادئة له، حيث يشعر بالدعم والتشجيع، مما يسمح له بالتركيز بشكل كامل على مشاريعه وشغفه.
ما هي إحدى أكثر اللحظات التي تشعرين فيها بالفخر وترغبين في مشاركتها؟
وجودي مع إيلي جونيور يملؤني بفخر وامتنان عميقيْن، فالعثور على شريك حياة حقيقيّ هو هبة عظيمة، والفرحة التي أشعر بها في وجودي معه لا تُقاس. قيمه وصفاته وشخصيته الرائعة جعلت كل يوم من شراكتنا نعمة، وما يزيدني فرحًا هو العائلة الرائعة التي أنشأناها، وإنّ الحب والدعم والرابطة القوية التي نتشاركها كعائلة هي أغلى ما أعتز به. لقد كانت تربية أطفالنا وبناء هذه الحياة مع إيلي تجربة استثنائية، وأنا أقدر حقًا الرابطة القوية التي تربطنا كعائلة.
ما هي أفضل نصيحة تودين مشاركتها مع الأمهات في منطقتنا؟
أصبح العالم مترابطًا للغاية، مع توفر المنصات الإلكترونية والإرشادات الأبوية في كل مكان، مما يسهل التشكيك في نهجنا في تربية أطفالنا. أنا شخصيًا أشجع الأمهات على الثقة بصوتهن الداخلي، الذي ينبع من غرائزهن الأمومية الطبيعية. كل طفل فريد من نوعه، ولا أحد يفهم احتياجات الطفل ومزاجه وما هو الأفضل له تمامًا مثل والدته، خصوصًا وأنّ ما يُناسب طفلاً قد لا يُناسب آخر. لا يوجد دليل شامل للتربية، لذا ينبغي على الأمهات تجنّب مقارنة أنفسهن أو أطفالهنّ بالآخرين، فكل رحلة فريدة، وهذا التفرد هو ما يجعلها جميلة بحق. في النهاية، الحب والتواصل والأصالة التي نُضفيها على كل جانب من جوانب حياتنا هي ما يجعلها ذات معنى حقيقي. إلى الأمهات الرائعات في منطقتنا العربية، أقول: قوتكنّ وحبكن وصمودكن وتفانيكن مُلهمة حقًا، وأنتن تؤدّين دورًا حاسمًا في تشكيل المستقبل بطرق عديدة، لذا، حافظن على قيمكنّ ولا تستهيننّ أبدًا بالتأثير الهائل الذي تُحدثنّه على من حولكنّ.
---------------------------
تصوير: Mohamad Seif
مكياج: Bassam Fattouh
تصفيف شعر: Wassim Morkos
ملابس كيكا صعب من: Elie Saab