مها أبو العينين ليست غريبة عن تحويل التحدّيات إلى فرص. بفضل مسيرتها المهنية التي امتدّت لأكثر من ثلاثين عاماً في مجال الاتصالات العالمية، قدّمت استشاراتها لبعض أكبر العلامات التجارية في العالم- غوغل ونتفليكس وأوبر كريم وغيرها. ولكن إلى جانب الجوائز التي حصلت عليها من خلال عملها في مجال الشركات، فإنّ مها شغوفة بشيءٍ واحد: الاعتماد على الذات. في كتابها الأخير، "٧ قواعد للاعتماد على الذات"، تشرح كيف يمكننا جميعاً أن نسيطر على حياتنا، ونثق في غرائزنا، ونبني نجاحاً دائماً ـ بشروطنا الخاصة. هنا، تتحدّث مها عن رحلتها، وما ألهم كتابها، وعن الدروس التي غيّرت قواعد اللعبة والتي تعلّمتها على طول رحلتها.
أخبرينا عن رحلتك
لقد ولدت ونشأت في بلدة صغيرة في ولاية مينيسوتا، حيث أصبح والدي، وهو أستاذ، عميد كلية إدارة الأعمال في جامعة ولاية مينيسوتا. على الرغم من أنّ طفولتي كانت مليئة بالتجارب الأميركية المثالية مثل مسيرات الرابع من يوليو، والرياضات في المدرسة الثانوية، إلا أنّ منزلنا كان انعكاساً حقيقياً لمصر، من الطعام واللغة إلى الموسيقى ورموزها الكبار مثل عبد الحليم حافظ وأم كلثوم. لقد حرص والداي على بقائنا على اتصال بجذورنا، بحيث اعتادوا أن يأخذونا إلى مصر خلال فصول الصيف والعطلات لننغمس في ثقافتنا، وديانتنا، وتقاليدنا العائلية.
نشأت في الثمانينيات في الولايات المتحدة، وكنت غالباً الطالبة الوحيدة المختلفة في صفي، ممّا جعل التميّز أمراً صعباً. لكن مع تقدّمي في السنّ، اعتنقت هويتي، واستخدمتها لسدّ الفجوة الثقافية بين الشرق والغرب، خاصةً مع ظهور الإنترنت. كان الانتقال إلى مصر في السابعة والعشرين من عمري تحدّياً؛ على الرغم من كوني مصرية، إلا أنّني واجهت صعوبة في اللغة واضطررت إلى بناء شبكة علاقاتي من الصفر. أثناء رعايتي لوالدتي، التي كانت تعاني من مرض التصلّب المتعدّد، شرعت أيضاً في مسار وظيفي جديد، وحصلت على وظيفة لدى نجيب ساويريس في شركة Orascom Telecom.
ومن هناك، توسّعت مسيرتي المهنية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك أدواري المختلفة في Weber Shandwick، وغوغل، ونتفليكس، وكريم، وحتى في المكتب التنفيذي لحاكم دبي. وفي نهاية المطاف، قمت بتأسيس شركتي الخاصة للاتصالات الاستراتيجية، Digital and Savvy، ولها مكاتب في الولايات المتحدة ودبي.
ما الذي ألهمك لكتابة "٧ قواعد للاعتماد على الذات"؟
لقد كتبت "٧ قواعد للاعتماد على الذات" لمشاركة الآخرين الدروس التي تعلّمتها على مدى ثلاثة عقود من مواجهة التحدّيات الشخصية والمهنية. عندما فكّرت في مسيرتي المهنية، لم يكن الأمر يتعلّق بما فعلته، بل كيف فعلته، وهذا هو دليل لقواعد اللعبة للآخرين!
جاء الإلهام من رغبتي في تمكين النساء، وروّاد الأعمال، والمهنيين الشباب، وحثّهم على امتلاك حياتهم وتنمية عقلية النمو والاستثمار في أنفسهم. طوال مسيرتي المهنية، رأيت كيف يمكن للاعتماد على الذات ـ الإيمان بنفسك، وتحمّل المسؤولية، والثقة في حكمك على الأشياء ـ أن يغيّر قواعد اللعبة. هذا الكتاب هو طريقتي لتقديم دليل لقواعد اللعبة لأولئك الذين يريدون التميّز والنجاح في عالم اليوم الرقمي السريع الخطى. لا يعني هذا أن تقومي بكلّ شيء بمفردك، بل يتعلّق ببناء الثقة والمهارات اللازمة للتغلّب على تعقيدات الحياة بصورةٍ هادفة ومرنة.
هل يمكنك مشاركتنا بعض أكبر التحدّيات التي واجهتها أثناء انتقالك من دورك في الشركات إلى ريادة الأعمال؟وكيف تمكّنت من التغلّب على هذه التحدّيات مع الحفاظ على إحساسك بذاتك؟
لقد شكّل الانتقال من الأدوار المؤسّسية إلى ريادة الأعمال العديد من التحدّيات بالنسبة لي. لقد كان بناء فريق وتطويره من الصفر أمراً رئيسياً. على عكس بيئة الشركة، حيث يتمّ تحديد الأدوار بوضوح، كان عليّ لأول مرّة أن أقرّر من الذي سأقوم بتوظيفه وبتطوير مواهبه بشكلٍ إبداعي، وغالباً ما أعتمد على شبكتي الشخصية. وكان التحدّي الآخر يتمثّل في إنشاء قاعدة عملاء ـ على عكس دوري في الشركة حيث يتمّ تحديد العملاء، كان عليّ أن أبحث بنشاط عن العملاء، وأثبت قيمة وكفاءة فريقي، وأبني سمعة قوية من خلال نتائج عالية الجودة. كان الرضا الذي شعرت به نتيجة اكتسابي سمعة راسخة أمراً لا يصدّق. وأخيراً، كان إنشاء نظام ثقافي وقيّم يتردّد صداه معي ومع فريقي أمراً مهماً جداً بالنسبة لي أيضاً. في حين أنّ ثقافات الشركات غالباً ما تكون محدّدة مسبقاً، كإمرأة في مجال الأعمال، كان عليّ تشكيل ثقافة تتماشى مع قيمي وتحفّز فريقي.
للتغلّب على هذه التحدّيات، ركّزت على قيمي الأساسية، واستثمرت في النمو الشخصي والمهني، واستفدت من شبكة معارفي، وبنيت علاقات حقيقية. ساعدتني هذه الجهود في إنشاء أساس تجاري قوي وأدّت إلى نموّي الشخصي، ممّا سمح لي بالبقاء صادقة ووفيّة لرؤيتي.
كيف يمكنك التوفيق بين متطلّبات الحياة المهنية الناجحة والحياة الشخصية والحفاظ على علامة تجارية شخصية قوية؟
إنّ تحقيق التوازن بين الحياة المهنية الناجحة، والحياة الشخصية، والعلامة التجارية الشخصية القوية، يتطلّب النية والانضباط. أعطي الأولوية لوقتي وطاقتي من خلال التركيز على ما يهمّني حقاً ـ سواء كان ذلك عملي، أو عائلتي، أو نموّي الشخصي. أنا أؤمن بوضع حدود واضحة للأمور والتواجد في كلّ ما أفعله، في وقته. وهذا يعني إيلاء اهتمامي الكامل لعملي خلال ساعات العمل وتخصيص وقت ممتع لعائلتي واهتماماتي الشخصية خارج العمل. يتطلّب الحفاظ على علامة تجارية شخصية قوية أيضاً التعلّم المستمر والبقاء على الصدق والوفاء لهويتي. ومن خلال البقاء وفيّة لقيمي وإضافة قيمة للآخرين باستمرار، أكون قادرة على موازنة هذه المتطلّبات بفعالية.
ما هي المفاهيم الخاطئة الشائعة حول الاعتماد على الذات؟
عندما كتبت كتابي عن الاعتماد على الذات، أدركت أنّ هناك العديد من المفاهيم الخاطئة حول المفهوم نفسه. غالباً ما يعتقد الناس أنّ الاعتماد على الذات يعني القيام بكلّ شيء بمفردك، ولكن الأمر في الواقع يتعلّق بمعرفة متى تطلب المساعدة وبناء نظام دعم قوي من حولك. ويُنظر إليها أيضاً على أنّها سمة فطرية، ولكنّها في الواقع مهارة يمكن تطويرها في أي مرحلة من مراحل الحياة.
غالباً ما يسيء المجتمع تفسير الاعتماد على الذات على أنّه استقلال أو أنانية. في الواقع، يتعلّق الأمر بالاستثمار في نفسك والثقة في قدراتك، ممّا يجعلك في النهاية أكثر قيمة لنفسك وللآخرين. لا يتعلّق الأمر بتجنّب الفشل بل بالتعلّم منه. من خلال التركيز على التحسين الذاتي المستمرّ وخلق القيمة، يمكننا المساهمة بشكلٍ أكثر فائدة في أماكن عملنا ومجتمعاتنا. الاعتماد على الذات هو قوّة عظمى، عندما نحتضنها، تمكّننا من أن نصبح أفراداً أقوى ونبني حياةً أفضل!
ما هي أهم ثلاث نصائح تقدّمينها للنساء الراغبات في بناء ثقتهنّ بأنفسهنّ وإثبات ذاتهنّ في عالم اليوم؟
- تطوير علامتك التجارية الشخصية: أنا من أشدّ المدافعين عن أهمية تطوير علامة تجارية شخصية قوية ومعرفة بالضبط ما يمكنك تقديمه. تبدأ الثقة بفهم قيمتك ومساهماتك الفريدة.
- الاستثمار في التعلّم المستمرّ: إنّ العالم يتغيّر بسرعة، والبقاء على صلة بالموضوع يتطلّب الالتزام بالتعلّم مدى الحياة. سيساعدك الاستثمار المستمرّ في تطويرك الشخصي والمهني على البقاء في المقدّمة وواثقة في قدراتك.
- قومي ببناء شبكة دعم قوية: أحيطي نفسك بأشخاص يؤمنون بك ويعملون على الارتقاء بك. إنّ وجود شبكة دعم قوية أمر بالغ الأهمية لبناء الثقة والتغلّب على التحدّيات.
ما هو الدرس التمكيني الرئيسي الذي تريدين أن يتعلّمه القرّاء بعد الانتهاء من كتابك؟
الدرس الرئيسي الذي أريد أن يتعلّمه القرّاء من "٧ قواعد للاعتماد على الذات" هو أنّ الاعتماد على الذات قوّة عظمى. يتعلّق الأمر بالسيطرة على حياتك، والثقة في حكمك، والإيمان بأنّ لديك القدرة على تشكيل مستقبلك. الاعتماد على الذات لا يعني القيام بكلّ شيء بمفردك، بل يتعلّق ببناء الثقة للتغلّب على التحدّيات، واتخاذ القرارات التي تهمّك، وخلق حياة تعكس قيمك الحقيقية. أريد أن يشعر القرّاء بالقدرة على تولّي مسؤولية حياتهم والسعي لتحقيق أهدافهم بتصميم ومرونة.
ما هي القواعد السبعة للاعتماد على الذات؟
تمّ تصميم هذه القواعد وأدوات الاعتماد على الذات التي أوجزتها في كتابي لمساعدة أي شخص يقرأها على النجاح في عصرنا الرقمي الجديد، مما يوفّر مخطّطاً أساسياً للتنقّل في بيئة اليوم المعقّدة. "٧ قواعد للاعتماد على الذات" تؤكّد على قوّة الاعتماد على نفسك، وتحرّرك من ضغوط الاعتماد على الآخرين. تعلّمك هذه القواعد السبع كيفية استخدام نقاط قوّتك الشخصية للحصول على ما تحتاجينه وتريدينه من الحياة وستقودك إلى الاعتماد على ذاتك. لقد استغرق الأمر منّي سنوات من التجربة والخطأ لمعرفة الحلول الناجحة، والآن أعيش وفقاً لها وأختبرها يومياً. قد لا يكون الاعتماد على الذات أمراً تولدين به، ولكنّه شيء يمكنك بالتأكيد إتقانه، وهذه القواعد السبعة توضح لك كيفية القيام بذلك.
القواعد السبعة للاعتماد على الذات هي:
- القاعدة رقم ١: ابقي متواضعة، واستمرّي في التحرّك والعمل.
- القاعدة رقم ٢: كوني منشِئة للقيمة.
- القاعدة رقم ٣: لا تكوني ممن ينتظر الفرص والمناسبات.
- القاعدة رقم ٤: تخلّصي ممّا تعلّمتيه، وتعلّمي من جديد، واستثمري في نفسك.
- القاعدة رقم ٥: فكّري في سمعتك من حيث القيمة.
- القاعدة رقم ٦: كوني لاعبة على المدى الطويل.
- القاعدة رقم ٧: عيشي بلا ندم.
كيف تظلّين ملهمة وتستمرّين في النمو في حياتك الشخصية والمهنية؟
إنّ البقاء ملهمة والاستمرار في النمو يعني تبنّي عقلية التعلّم والفضول مدى الحياة. فأنا أحرص على البحث عن تجارب جديدة، والتعامل مع وجهات نظر متنوّعة، وتحدّي نفسي باستمرار للخروج من منطقة الراحة الخاصة بي. ألهمني الأشخاص الذين أقابلهم، والقصص التي أسمعها، والأثر الطيّب الذي أراه عندما يتبنّى الناس مبادئ الاعتماد على الذات. كما أنّني أعطي الأولوية للرعاية الذاتية والتفكير، مما يساعدني على البقاء ثابتة ومركّزة على أهدافي. من خلال البقاء فضولية ومنفتحة على التغيير وملتزمة بالنمو الشخصي، أصبح قادرة على التطوّر المستمرّ على المستويين الشخصي والمهني.
يمكن للقرّاء متابعة رحلة مها على إنستغرام mahagaber@، ولينكدإن Maha Abouelenein، وعلى موقعها الإلكتروني mahaabouelenein.com
"٧ قواعد للاعتماد على الذات" متاح للشراء على Amazon ولدى تجّار التجزئة الرئيسيين الآخرين. يمكن للقرّاء أيضاً الانضمام إلى مجموعتها على الفيسبوك، 7Rules، حيث تشارك مها المزيد من النصائح وتعطي دروساً رئيسية حول الاعتماد على الذات والنمو الشخصي.