تعرّفي على Barnaba Fornasetti، الذي يقوم بالإشراف الفني على عمل شركة التصميم التي تتّخذ من ميلانو مقراً لها، للإرتقاء بها إلى آفاق جديدة مع الحفاظ على وفائها لإرثها.
ELLE Arabia: لقد استلمت شركة العائلة عام ١٩٨٨. كيف تبدو لك مواصلة البناء على الإرث الاستثنائي لوالدك؟
برنابا فورناسيتي: كان الاستمرار في ما أسّسه والدي عام ١٩٤٠ وبناه على مرّ السنين أمراً طبيعياً جداً بالنسبة لي. يجب أن تعلم أنّه حتى التسعينيات من القرن الماضي، كان المحترف غير منفصل عملياً عن بيت العائلة، Casa Fornasetti، المكان الذي نشأت فيه والذي ما زلت أعيش فيه حتّى اليوم. منذ أن كنت طفلاً، تنفّست روحاً من الإبداع الإنتاجي المستمرّ، حيث كان كل شيء يدور حول العمل والأفكار التي تجسّدت. باستثناء فترة محدودة، لم أترك الشركة مطلقاً: يمكن القول أنّنا نشأنا معاً.
لطالما دفعني هذا الرابط القويّ إلى التفكير في Fornasetti كوحدة لا تتجزّأ، حيث من المستحيل في الواقع وضع حدود زمنيّة: استمرارية الأفكار والأشخاص والمفاهيم والأحداث التي تبعت بعضها البعض على مرّ السّنين تعني أنّه تمّ دمج الماضي والحاضر، باعتبار أحدهما هو العدسة التي يمكن من خلالها مشاهدة ومراقبة الآخر. لا يزال المحترف يكمل مسيرته اليوم وفقاً لتلك المبادئ التي اختارها والدي كحجر زاوية عندما بدأت قصّة Fornasetti. على الرغم من أنّه قد تغيّر كثيراً مقارنة بالماضي، إلاّ أنّ هناك مكوّنات خاصّة بـ Fornasetti لطالما احتفظت بها ولا يمكنني الاستغناء عنها، مثل الرعاية والتأنّي.
لهذا السبب اخترت تحديد كميّة إنتاجنا؛ فنحن ننتج الأثاث والبورسلان لدينا في إصدارات سنوية محدودة. كل شيء يتمّ إنتاجه هنا مصنوع يدوياً بالكامل، ويلوّن بواسطة الرسّامين الذين ينسخون النماذج الورقية الأصلية. يعتبر الالتزام بأساليب الإنتاج هذه جانباً مهماً من إرث تاريخي طويل؛ هذا ما يحدّد تفرّدنا، لكنه بالنسبة لي اكتسب أيضاً معانٍ أخرى بمرور الوقت. إنّ عبارة "صناعة يدوية" لا تعني مجرّد تقنيّة، أو تأثير تقليدي، أو طريقة وظيفية للحفاظ على هوية قوية ومتماسكة. اليوم، هذا خيار ونمط للوجود في عالمنا المعاصر، خط أخلاقي يرى الإنسان ونشاطاته وسط كل شيء. إنّها علامة أرغب الآن في استخدامها لتوجيه هذا العالم.
ELLE Arabia: كيف تتخطّى حدود التصميم وتبتكر المزيد من القطع الزخرفية؟
برنابا فورناسيتي: لقد ركّزت كثيراً على كيفية الذهاب بالزخرفة إلى ما هو أبعد من مجرد منتج تجاري، وعلى كيفية إبراز محتواها المفاهيمي وقيمها، وجعل رسالة Fornasetti الفنية في متناول جمهور أوسع، دون الحاجة إلى شراء شيء مادي. تمّ تصميم المعارض والكتاب الفني والمنشآت الفنية وأوبرا "دون جيوفاني" كلّها في هذا السياق. لهذا السبب، قمت عام ٢٠١٩، جنباً إلى جنب مع Valeria Manzi (رئيستها)، بتأسيس جمعية Fornasetti Cult غير الربحية. تقدّم الجمعية نفسها كمساحة للبحث ولتنفيذ المبادرات الفنية والثقافية، وفرص تبادل المعرفة والحوار بين الأجيال. تهدف Fornasetti Cult من خلال المعارض والنّقد والتعليقات الشعرية والأدبية والمشاريع التحريرية والموسيقية، إلى نقل الرسائل الفنية وتشجيع استخدام الخيال والتداول الحرّ للأفكار.
إنّ التداول الحرّ للأفكار الذي يحصل فيما بين جميع مجالات العمل هو أحد أسرار Fornasetti: الأفكار التي تظهر عند التفكير في معرض، تؤثّر أيضاً على مفهوم مجموعة جديدة، أو تؤدي إلى شيء سيأخذ شكلاً آخر، في تدفّق مستمرّ للأفكار الذي يغني احترافنا وموظفينا ومشاريعنا. هذه الحرية في التخيّل بلا حدود، وبلا فئات، وبلا هياكل محدّدة مسبقاً، هي المكان الذي تأتي منه علامتنا التجارية وخفة الحركة الإبداعية.
ELLE Arabia: تمّ إدراج Fornasetti في العديد من المعارض والمتاحف. ما هو أكثر شيء يميّزك شخصياً؟
برنابا فورناسيتي: منذ عام ٢٠١٥، تنتشر معارضنا في جميع أنحاء العالم، من ميلانو إلى باريس وسيول وروما وستوكهولم وبارما، ونود أن يستمرّ هذا. أجد دائماً الحوار الذي ينشأ مع المؤسسات التي تستضيف معارضنا مثيراً جداً للاهتمام: إنّه ليس مجرّد علاقة بسيطة بمكان مادي، أو صدفة، بل بنظام ثقافي. لقد كان كل لقاءً مثمراً وإيجابياً للجميع، وأتى توسيعاً للآفاق ـ فيكتسب المرء وجهات نظر جديدة، وأفكاراً لم تخطر بباله أبداً.
ELLE Arabia: إنّ مجموعة Louis Vuitton لخريف وشتاء ٢٠٢١ كانت مستوحاة من Fornasetti. كيف بدا لك التعاون مع إحدى العلامات التجارية الأكثر شهرة في العالم؟
برنابا فورناسيتي: تعجبني فكرة أنّ صور Fornasetti تُرى من خلال عيون مختلفة ويعاد تفسيرها، حتى مع وجود علاقة جديدة بين الشكل والديكور مقارنة بما قمنا به من قبل. أحبّ هذا الواقع وأنّها تتمتّع بحياة جديدة في سياقات مختلفة، تماماً كما حدث من خلال تعاوننا مع لويس فيتون. كان العمل مع Nicolas Ghesquière مزيجاً أثبت أنّه فريد وبنّاء، وفرصة للتفاعل بين الأجيال والسياقات الإبداعية المختلفة. اكتشفنا أوجه التشابه وأبرزنا السمات المشتركة بيننا. على سبيل المثال، كان هناك انسجام غير عادي من حيث الأسلوب والتفكير الإبداعي والأخلاقيات، وهذا ما جعل حوارنا سلساً. يقارن نيكولا باستمرار الماضي والحاضر والمستقبل في مجموعاته ويحبّ مزج الإلهامات من كل عصر. تستند لغة Fornasetti المرئية على هذا المبدأ بالذات، على القدرة على ربط الصور التي تتجاوز قيود عصور وتخصّصات وتواريخ معيّنة: تمّ ربط Fornasetti بهذا المبدأ الإبداعي الدقيق بالذات وبهذه الحقوق الشاعرية منذ البداية. راهن والدي على إعلانها والمطالبة بها؛ بدأ مما كان موجود أصلاً وأعاد تنظيمه. أنا أعلن واطالب بنفس الحرية التعبيرية: الخيال لا يعرف الحدود.
ELLE Arabia: فورناسيتي هي الآن جزء من عائلة Tanagra. ما الذي تتطلّع إليه مع Tanagra، وما هو رأيك في ما يخصّ سوق الشرق الأوسط؟
برنابا فورناسيتي: لسنوات عديدة، كان هدفنا هو التواجد في السوق الديناميكي والنابض بالحياة في الشرق الأوسط. من خلال اختبارات أجريناها في السوق، ومن خلال التوزيع المستهدف والتحاليل لوضع عملائنا المباشرين، اكتشفنا وجود مستوى جيد من المعرفة بعلامتنا التجارية والطلب المتزايد. كان هدفنا واضحاً، ولكن نظراً لطبيعة علامتنا التجارية، كنّا نبحث عن رفيق السفر المناسب. لم نكن نريد شريكاً تجارياً بسيطاً، ولكننا نريد سفيراً حقيقياً للعلامة التجارية نبدأ معه في التفاهم والحوار على نطاق أوسع.
أثبتت Tanagra منذ البداية أنّها الشريك المثالي لهذه الرحلة، والذي كان قادراً بشكل غير عادي على فهم وترجمة ونقل قيمنا وتاريخنا ومكانتنا. علاوةً على ذلك، فإنّ تطوّرهم التجاري المحدّد في الأدوات المنزلية يتناسب تماماً مع اهتمامنا بتطوير مشاريع تخصيص الأثاث والتصميم الداخلي في المنطقة.