هناك من يتعامل مع الطهي على أنه مجرَّد مهنة، وهناك من يحوله إلى فنٍّ ينبض بالحياة، إلى لغة تروي القصص وتحيي الذكريات. ليزا معلوف ليست مجرَّد شيف شغوفة، بل هي فنانة تروي حكاياتِها عبر نكهات أطباقها، تحمل في وصفاتها دفء المنازل اللبنانية، وعبق الضيافة التي لا تُنسى. اختارت أن تخطَّ قصّة نجاحها بطريقتها حيث يصبح كل طبق سفيرًا للتراث وحكايةً تروي إبداع من صنعه. بالنسبة لها، الطهي ليس مجرد مهنة، بل فعل حبٍّ يجمع الناس حول مائدة واحدة.
في لقائنا الحصري معها نعرف بعضاً من تفاصيل رحلتها، ورؤيتها لفن الطهي.
ما الذي أثار شغفك هذا بالطّعام وألهمك لتحويله إلى مسيرة في عالم الطّهي؟
بدأ شغفي بالطّعام في المنزل بطبيعة الحال، فلطالما كان الطهي جزءاً أساسياً من حياتي اليوميّة، وخاصّة كوني أمّ تهتمّ بإعداد وجبات الطعام لأولادها. ولاحظت مع مرور السّنين أنّ كل من يتذوّق أطباقي يستمتع بها، وأكثر من دعمني في هذا المجال هم أولادي، حتّى أنّهم شجّعوني على توسيع نطاق هذا الشغف ليتخطّى حدود المنزل ويصل إلى الآخرين. هدفي دائمًا كان تأسيس مكان يشعر فيه النّاس بأنّهم يتناولون وجبات منزليّة مريحة، تمامًا كالتي أعدّها لأفراد عائلتي.
كيف تجدين أفكارًا إبداعيّة وتبتكرين وصفات جديدة مع المحافظة على جذور مطبخك اللّبنانية في الوقت عينه؟
أجد الإلهام لوصفاتي الجديدة من خلال مزيج من البحث، والخبرة، والإبداع. نشأت وأنا أراقب والدتي وجدّتي وهما تحضّران الطعام بكلّ حب. أكرّس وقتًا كبيرًا لمطالعة الكتب، وأتابع طهاة من مختلف أنحاء العالم ممّن يقدّمون الأفكار المبتكرة والجديدة مع الحفاظ على الأصالة.
وفي الوقت ذاته، أعتمد على تجربتي الخاصّة في المطبخ، من خلال تحضير الطّعام لأولادي والإصغاء إلى ذوق الآخرين. أي أنّني أستخدم النّكهات اللّبنانية والأرمنية المألوفة وأفكّر في كيفيّة تقديمها بطريقة عصريّة يحبّها النّاس ويرتاحون إليها. هدفي الأوّل والأخير هو احترام التّقاليد مع المحافظة على لمسة خاصّة بي تجعل طعامي متفرّداً وجذّابًا.
من خلال تجربتك الخاصّة، ماذا يجعل من الطّعام أداة قويّة تربط الأشخاص من ثقافات مختلفة؟
الطّعام لغة عالميّة تجمع بين النّاس بغضّ النّظر عن خلفيّاتهم أو أصولهم.
ما هي النّصيحة التي تودّين تقديمها إلى الطّهاة الطّموحين الرّاغبين في اكتشاف تجارب طهي جديدة من دون التخلّي عن تراثهم؟
أنصحهم بالانفتاح على كلّ جديد، ولكن مع احترام جذورهم. يتمتّع كلّ من المطبخ اللّبناني والأرمني بتاريخ عريق، وهناك الكثير لنتعلّمه من التّقاليد. وفي الوقت ذاته، تتطوّر الأطعمة باستمرار، ويضيف إليها كلّ طاهٍ لمسته الخاصّة.
ما هي الخطوات التي تتّخذونها لتعزيز الاستدامة مع المحافظة على جودة أطباقكم؟
نعتبر تعزيز الاستدامة والمحافظة على جودة أطباقنا قيمةً أساسيّة في مطعمنا اللّبناني - الأرمني التّقليدي، ونعمل على تحقيق ذلك من خلال استخدام المكوّنات المحلية والموسمية، الحدّ من هدر الطعام، اختيار عبوات قابلة لإعادة الاستخدام، والحفاظ على تراث الطّهي.
حاورتها سمر جبران