ليست صدفة أن تكون الصربية المسماة باللاتينية لفظا "Anika"، هي "أنيقة" أيضا وفق معجم المترادفات اللفظية بين اللغتين العربية واللاتينية، وأيضا وفق مصطلحات اللغة التي تتخذ الاناقة وصفا وصفة للمهنة التي احترفتها وبرعت بها وزادتها إشراقا ونجاحا.. واناقة في آن.
أنيكا بوزيتش Anika Bozic امرأة راقية تمتلك كل مقومات السيدة العصرية، تأسرك بحضورها، ثقافتها، حماستها وإخلاصها للمهنة..
هي لسيت بعارضة أزياء عادية، بل هي امرأة مثقفة، طموحة، ومثابرة تطمح دائماً للأفضل، وكان لElle Arabia فرصة إجراء هذا اللقاء معها..
Elle Arabia: حدثينا عن بدايتك ولماذا إخترتِ هذا المجال؟
Anika Bozic: لن أقول أنني إخترت هذا المجال بل المجال هو الذي اختارني، فالموضوع كان نتيجة بعض الظروف والعوامل التي أوصلتني الى ما أنا عليه اليوم، كمواهبي، الأمور التي تستهويني، ودراستي. كان لدي شغف وحب لجميع أنواع الفنون منذ الصغر، وكنت دائماً أحب أن أكتب وأرسم، وبعد تخرجي من الجامعة ونيلي شهادة في الصحافة، حصلت على دراسات عليا في مؤسسة الموضة الشهيرة Fashion Institue Marangoni. بدأت مهنتي في عرض الأزياء، منذ أيام الدراسة وفي عمر الـ16 تحديداً. ففي إحدى مراحل حياتي، تراكمت الأحداث في غضون فترة زمنية قصيرة، وكما ذكرت سابقاً تتالت الظروف وقادتني لدخول هذا المجال.
E.A.: كيف تصنّفين نفسك؟
A.B.: بصراحة، أنا أؤمن أنه ليس من الضروري أن نصنف نفسنا، أو ننسب نفسنا لشيء معين ومحدد، فكل هذه المجالات أو المهن تكمل نفسها، فالخبرة في مجال معين تنمي الخبرة في مجال أخر، كل هذه المجلات التي ذكرتهم مترابطة وقريبة من بعضها البعض.
E.A.: أنت صربية ومتزوجة من رجل أعمال عربي فلسطيني الأصل، حدثينا عن علاقتكما؟
A.B.: منذ زواجنا، عشنا وتنقلنا بين بلدان كثيرة. تمّ لقاؤنا لأول مرة، من خلال صديق مشترك ومنذ اللحظة الأولى كان هناك إعجاب وشرارة، بالإضافة الى أنه كان يوجد الكثير من القواسم المشتركة بيننا، على الرغم من أننا ننتمي إلى ثقافات بعيدة ومختلفة.
E.A.: هل واجهت صعوبة في التأقلم مع العادات والتقاليد الشرقية؟
A.B.: إن الشرق الأوسط هو بنظري عالم التناقضات، عالم غريب ومعاصر، فخم ومتواضع، يسير دوماً نحو الأمام. منذ زمن كنت أحلم في مخيلتي، أن أعيش الحلم الشرقي الجميل، ولكن في النهاية وقعت في حب الواقع الملموس لهذه المنطقة. بعد حوالي 10 سنوات من العيش والتنقل في مختلف البلدان العربية، أصبح لدي الكثير من المعرفة بالثقافة والتقاليد. كما وأصبح لدي الكثير من الأصدقاء الملهمين وأشعر أنني قوية جداً بسبب الطاقة التي تمدني بها هذه المنطقة.
E.A.: ما رأيك بالرجل الشرقي وهل هو مختلف عن نظيره الغربي؟
A.B.: برأيي أن الرجل رجل بغض النظر إلى أيّ منطقة أو دولة ينتمي خصوصاً فيما يتعلق بالعلاقات بين الأشخاص. يصعب التعامل معه. يقول البعض أن النساء ترزح تحت سيطرة الرجال في الشرق الأوسط. لكن هناك مقولة مفادها أن الرجل هو رأس المرأة لكن المرأة هي الجسد. أشعر أن الرجل الشرقي يحمي زوجته بطريقة مفرطة، فيما لو تمت هذه الحماية بالطريقة الصحيحة، سيكون لها تداعيات إيجابية.
E.A.: حدثينا عن علامتك الخاصة FMBM.
A.B.: تم ابتكار علامة FMBM من خلال مفهوم التصاميم الفاخرة. وقد تم استبدال مفهوم "التصميم حسب الطلب" بآخر أطلق عليه مصطلح "For Me by Me" أي "التصميم الذاتي". هي علامة للرجال والنساء بأشكال عصرية هندسية متناسقة، يمكن لأي شخص أن يطلبها من خلال موقعنا الخاص، وأن يتبع بعض الخطوات لكي يضع لمساته الشخصية على القطعة التي يتمّ توصيلها إلى أيّ منطقة في العالم. وهذه الصناعة هي صناعة إيطالية بامتياز مستخدمين أجود أنواع الذهب والألماس.
E.A.: ما هو مصدر إلهام أنيكا؟
A.B.: أنا على ثقة ان الإلهام يأتي من كل مكان، من الأفلام، الكتب، المتاحف، الطبيعة، الهندسة المعمارية، حتى من مواقع التواصل الإجتماعي. نمتلك جميعاً مخيلة واسعة ولكن الذكاء هو كيف نعمل على تنميتها وترجمتها بطريقة مميزة للعالم الخاريجي، وهذا هو الفرق!
E.A.: ما هي العلامة التي تحبين التعاون معها؟
A.B.: تعاوني الأخير كان مع مصممة المجوهرات ديما الرشيد صاحبة علامة Dima Jewellery، ونتج عن هذا التعاون مجموعة كروز الكبسولة المحدودة الإصدار والتي تتألف من ثمانية قطع لربيع وصيف 2018. حيث أعدنا تفسير رمزين رئيسيين للحضارة القديمة. الجعران 'Khepri- رمز التحول و الأفعى' Wadjet'- رمزا للألوهية عند القدماء المصريين. عندما بدأنا في التصميم، تخيلت كليوباترا الحديثة وما يمكن أن ترتديه، مما قادنا إلى استخلاص الإلهام من رمزية المصرية القديمة وإعادة تقديمها بطريقة مفاهيمية. كلانا يؤمن بالطاقة التي تمدنا بها الأحجار الثمينة، فاخترنا حجر "السترين" نظراً لرمزيّته وإيجابيته. تم تصميم كل قطعة ليتم تحويلها إلى ثلاثة إبداعات مختلفة تمامًا ، مع بعض التعديلات اليدوية فقط، ما يجعل المجموعة مثالية!
أما عن تعاوني مع أي علامة أخرى، فأنا ليس لدي أي مانع بالتعامل مع أي مصمم أو علامة طالما أنني واثقة من هذا التعاون وإيجابيته للطرفين.
E.A.: كيف توفقين بين عملك وعائلتك، كونك أم عاملة كثيرة الإنشغال والتنقل بين بلد وأخر؟
A.B.: العيش كأم عصرية عاملة يتطلب الكثير من الجهود، كما إنه مسؤولية كبيرة وليست سهلة. لكنني لا أشعر بأنني امرأة كاملة إلا إذا أتممت مهامي إلى أقصى حدّ كأم وكسيدة أعمال. لذلك، لا أحب أن أفكر بالموضوع كثيراً، أعيش كل يوم بيومه، فأنا أم لولد عمره عامين فقط وهناك أمور غير متوقعة يمكن أن تحصل فتصبح خارج السيطرة.
E.A.: بعد أن أصبحت أم، ما الذي تغير؟ وهل تحبين العائلة الكبيرة؟
A.B.: طبعاً حياتي تغيرت، وإنقلبت رأساً على عقب. أولوياتي تبدلت، ونظرتي للحياة وكل شيء من حولي أصبح مختلف. الأيام مليئة بالتحديات، ولكن في نفس الوقت مليئة بالبهجة الحقيقية!
E.A.: ما رأيك بالمرأة العربية؟ وهل تجدين أنها مختلفة عن نظيرتها الغربية؟
A.B.: الإعلام الغربي والثقافة الشعبية تعطي صورة خاطئة عن المرأة العربية (هذا رأيي الشخصي)، النساء العربيات شبيهات بالنساء الغربيات. لا يحق لنا أن نطلق أحكام مسبقة على المرأة فقط من طريقة اللباس أو المظهر الخارجي. غالبية نساء الوطن العربي هنّ قويات، يعملن بجد ومخلصات لأسرهنّ، الأمر الذي لا يجعلهن مختلفات عن أي من النساء في جميع أنحاء العالم.
E.A.: كعارضة أزياء ما هي نقاط قوتك ونقاط ضعفك؟ وكيف تعملين على تحسينها؟
A.B.: قوتي الأساسية هي أنني آخذ كل خطوة في عملي على محمل الجد، وأعطيها الوقت اللازم وأعمل عليها بتمعن. أما ضعفي هو أنه في السابق كنت أقوم بأكثر من مهمة في الوقت نفس، لذلك قصرت تجاه عملي في مجال عرض الأزياء. إذ لم أستطيع أن أقبل عروض معينة لأنه كان عندي إمتحانات ودراسة، ولكن حالياً في عصر مواقع التواصل الإجتماعي، حصلت على كل ما أريد وأفادني الموضوع كثيراً.
E.A.: ما هي حسنات وسيئات مواقع التواصل الإجتماعي؟
A.B.: إنها سيف ذو حدين، فهي وسائل تساعدنا على أن نظهر أنفسنا بأسهل الطرق لكل العالم أينما كانوا على وجه الكرة الأرضية.
E.A.: ما هي مشاريعك المستقبلية؟ وأين تجدين نفسك بعد بضعة أعوام؟
A.B.: أهم من مشاريعي ومن الهدف الأساسي هو رحلتي التي سأقوم بها لتحقيق أهدافي، من الممكن أن تتغير أفكاري ورغباتي، لكن السعي وراء السعادة هو دائم. وفكرة إلهامي للآخرين من خلال عملي تسعدني كثيراً.
E.A.: برأيك ما هو مفتاح السعادة؟
A.B.: البقاء والإستمرارية، الحياة هي كالماراثون، والنجاح هو بمثابة تصميم هندسي، يجب أن يكون ذو قاعدة قوية لكي تستطيع أن تبني عليه. وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه بين ليلة وضحاها.
E.A.: إذا إلتقيت بعارضة أزياء جديدة، أو أي امرأة تريد أن تمشي على خطاكِ، ما هي النصيحة التي يمكنك أن تقدميها لها؟
A.B.: عارضات أزياء اليوم أصبحن قويات أكثر، ولديهن صوتهن القوي والمسموع، وبات مجال عرض الأزياء لا يعتمد فقط على جمال العارضات الخارجي. لذلك أصبحت العارضة تعمل على شخصيتها وتقويها.
E.A.: بعد كل إنجازاتك، كيف وصلتِ إلى ما أنتِ عليه اليوم؟ وهل أنت راضية؟
A.B.: تعلّمت من أخطائي. فشخصية الإنسان هي من صنعه، والأخطاء تعلمنا التفريق بين الصح والخطأ، وتساعدنا على إبتكار شخصيتنا وتكوينها. شاهدت فيديو قصير عن يقول فيه خبير أسلوب الحياة هندي الأصل: "أنت لست سعيدًا عندما يكون لديك عمل، ولكنك لست سعيدًا عندما تفقد وظيفتك. الأمر لا يتعلق بالعمل، إنما بك أنت. "
E.A.: ما هي علامتك\ مصممك المفضل؟
A.B.: في الثمانينيات والتسعينيات كان تصميم الأزياء مختلف كلياً، كانت مبنياً على أسس كثيرة نفتقرها اليوم. أما في يومنا هذا، عالم الأزياء الشركات والدور الضخمة هي التي تحكم العالم، وبتنا نلاحظ أن كل علامة تغير المدير الإبداعي الخاص بها بين كل موسمين. نلاحظ أن الهدف بات متوجه نحو الأعمال والصفقات أكثر من الموضة بحد ذاتها، مما يحد من قدرة المصمم أو المدير أن يبدع ويبتكر.
لكن شخصياً أحب معظم العلامات، على رأسهم Fendi, Dior, YSL, Givenchy, Alexander Vauthier, Dice Kayek، وغيرهم الكثير. كما أعشق المصممين اللبنانيين كثيراً خصوصاً في فساتين السهرة والمناسبات المذهلة.
E.A.: من الأكثر أناقة برأيك بين النجوم أو الشخصيات المؤثرة في العالم؟
A.B.: من الصعب ان أختار، ولكنني أحب ستايل كايت موس، نعومي كامبل، فيكتوريا بيكهام، فانيسا باراديس، وديفيد بيكهام، وغيرهم يوجد الكثير. كل هذا يتعلق بشخصيتهم وكيف يقدمون أنفسهم من دون تكلف أو مجهود. كما وأنني أحب أزياء أميرات وملكات العصر الحديث مثل الملكة رانيا العبدالله والدوقة كايت ميدلتون.
E.A.: برأيك هل من المهم أن يمتلك كل إنسان مشهور منسق للمظهر (stylist)؟
A.B.: بحكم عملي لدي الكثير من الأصدقاء المختصين في مجال الأزياء، ليس لدي شخصياً منسق مظهر ولكني أستعين بذوقهم وأتبنى آراءهم في أعمالي وجلسات التصوير الخاصة بي. أحصل دوماً على نصائح كثيرة منهم، ولكن في النهاية أقوم بما أرتاح به أنا شخصياً بغض النظر إذا كان مواكباً لصيحات الموضة الرائجة أو لا. ولكن طبعاً على النجوم والأشخاص المؤثرين أن يستعينو بخبير منسق للمظهر وذلك لأن مظهرهم يشكل جزء كبير من نجوميتهم ومن هويتهم، خصوصاً أن الشكل الخارجي هو الذي يقدمنا للغير قبل أن نتكلم عن أنفسنا.
E.A.: ما الذي يجعل كل عارضة أزياء تحافظ على رشقاتها؟
A.B: طريقة حياة متوازنة، وجينات DNA جيدة بالإضافة إلى السعادة، تساعد كثيراً عارضة الأزياء في الحفاظ على رشاقتها. بالطبع، هناك العديد من الأشخاص خارج إطار هذا المجال، يكونون مخدوعين بحقيقة أن الملابس وطريقة التصوير تساعد كثيراً في خلق صورة غير واقعية، وأن كل عارضة لديها عيوب تحاول إخفاءها بهذه الطريقة.
E.A.: أنتِ امرأة أوروبية متزوجة من رجل عربي وتعيش معظم أوقاتها في الشرق الأوسط. هل تغير أي شيء في عاداتك وتقاليدك؟ وهل أضافت لك مصر أي شيء جديد؟
A.B.: أي مكان أو منطقة نزورها أو نقضي الوقت فيها تصبح جزء من شخصيتنا وهويتنا، حتى من دون أن ندرك ذلك!
E.A.: حكمة تؤمنين بها؟
A.B.: أنا شخص يؤمن بالجاذبية كثيراً، نحن لدينا القدرة على جذب الأشياء والناس الى حياتنا!
E.A.: كلمة أخيرة لقراء موقع Elle Arabia.
A.B.: كونوا سعيدين بإنجازات الآخرين في الحياة. فإذا استطعتوا فعل ذلك، يمكن أن تحققوا أنتم أيضاَ، هذه الإنجازات بأنفسكم!
حاورتها فدى رمضان