"عندما أنظر إلى الوراء وإلى رحلتي، أرى أنّني كنت أسعى دائماً للدفاع عن الإبداع كوسيلة للمقاومة ضدّ القوى التدميرية السائدة المحيطة بنا" - نديم كرم.
المعرض السابق: "فصول من يوميّات الأزمنة الراهنة"
في وقتٍ سابق من هذا العام، أسر نديم كرم الجمهور بمعرضه "فصول من يوميّات الأزمنة الراهنة" الذي أقيم في مصنع أبرويان، لبنان. وقد أرّخ المعرض، المُقام منذ الربيع الماضي، ٣٠ عاماً من مسيرة كرم المهنية الغزيرة من خلال عدسة شخصية عميقة. وقد تتبّع الأحداث الإقليمية الهامة، من حرب عام ٢٠٠٦ إلى نزوح السكّان والانفجار المأساوي في مرفأ بيروت، ودمج هذه الروايات في الأنسجة المتنوّعة لعمله.
كان محور المعرض لوحة ثلاثية ضخمة بعنوان "مذبحة" (وسائط مختلطة على قماش، ٢٠٠٩)، عبّرت بقوّة عن موضوعات كرم حول العنف، والمنفى، والأعباء التاريخية. أظهر تطوّر أعماله عبر خمسة أقسام مواضيعية، موضحاً كيف يعمل فنّه بمثابة مذكّرات عامة ووسيلة للتنقّل والتنافس في الذاكرة العامة والتاريخ. لم يعكس هذا المعرض الاستعادي لغة كرم البصرية الفريدة فحسب، المتجذّرة في الرسم والممتدة إلى الأماكن العامة، بل عزّز أيضاً القدرة التحويلية للفنّ العام في تشكيل الوعي الجماعي.
المعرض الحالي: Vie sur Vie
يُقام معرض Vie sur Vie حتى ٣١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٢٥ في حدائق Henry et Nadège Obegi التابعة لكلية إدارة الأعمال ESA في لبنان، وهو عبارة عن رحلة استبطانية عبر ثنائيات الوجود كما استكشفها نديم كرم. هنا، ينخرط كرم في بحثه الوجودي المستمرّ من خلال سلسلتين منحوتتين مؤثّرتين: "أكون أو لا أكون" و"باقات حضرية". في "أكون أو لا أكون"، يتصارع مع جوهر الوجود، مستخدماً منحوتاته لاستكشاف التوتّرات الوجودية التي تحدّد الوجود الإنساني. يتردّد صدى السلسلة مع الشكوك المستمرّة للحياة في منطقة يخيّم عليها الصراع، ولكنّه يبحث أيضاً عن المعنى وسط هذه الاضطرابات. على العكس من ذلك، يقدّم "باقات حضريّة" استراحة بصرية، حيث يقدّم مجموعات من الأمل والمرونة التي تزدهر حتى في الشدائد. تتنقّل هذه السلسلات معاً في التفاعل المعقّد بين هشاشة الحياة وقدرة الإنسان على التحمّل وصنع المعنى.
يعدّ هذا المعرض بمثابة دعوة لاختبار عالم كرم الإبداعي، حيث تصبح كلّ قطعة قناة لتأملات أعمق حول الحياة، والبقاء، والحالة الإنسانية. يتمّ تشجيع الزوار على اجتياز هذه الروايات، المصنوعة من حطام تاريخ بيروت المضطرب، والعثور على بذور المرونة والتفاهم الخاصة بهم. تضيف تأمّلات كرم الشخصية طبقة من الحميمية إلى المعرض. وبالتأمل في الدمار الذي سبّبه انفجار مرفأ بيروت، يرى عمليته الإبداعية كشكلٍ من أشكال الشفاء والمقاومة، ولا ينحت المواد فحسب، بل أيضاً أفكاره وتجاربه في أشكال تتحدّى المُشاهد وتحفّزه للنظر إلى ما وراء السطح والتعامل مع جوهر صراعات البشر وانتصاراتهم.
يستمرّ المعرض حتى ٣١ يناير ٢٠٢٥ في كلية إدارة الأعمال ESA، حدائق Henry et Nadège Obegi، بيروت.