يفتتح مركز "تشكيل" موسمه الفني للعام 2019 في 22 يناير الجاري بمعرض فني شامل للخطاط العراقي وسام شوكت. ويمثل المعرض الذي يقام تحت عنوان "التمرّد المنضبط: الخروج عن المألوف في أشكال الحروف" المعرض المنفرد الثاني الذي يقيمه الخطاط وسام شوكت في "تشكيل". وأكّدت ليسا باليتشغار، نائب مدير المركز، على أن الممارسات الفنية الفريدة والمهارات الحرفية الرفيعة للفنان والخطّاط العراقي المقيم في دبي والحائز على عدة الجوائز "خير شهادة على الإبداعات التي يتم رفدها في مجالَي الخط والطباعة العربية في القرن الحادي والعشرين، فمن ناحية، يمكن اعتبارها متمرّدة وجريئة بخروجها عن أنماطها التقليدية، كما يمكن من الناحية الأخرى، الشعور بأنها طبيعية تماماً من فنان استطاع أن يوطّد علاقة طويلة الأمد مع الحروف نفسها".
وكان وسام شوكت انضمّ إلى "تشكيل" في العام 2009، أي بعد عام من افتتاح المركز الذي يشكّل حاضنةً لتطوّر الفن المعاصر والممارسة التصميمية المتأصلين في الإمارات العربية المتحدة. وأقام الخطاط العراقي، منذ ذلك الحين العديد من ورش العمل في الخط العربي، في مساعٍ ساهمت في إلهام أجيال جديدة من الممارسين. كما شارك شوكت في المعرض الجماعي "حروف النور" في العام 2011 فيما أقام أول معرض منفرد له في تشكيل عام 2015، وكان بعنوان "مونومنتال 11/11".
كان شوكت، المولود في البصرة عام 1974، في العاشرة من عمره عندما شجّعه مدرّسه في المرحلة الإبتدائية على حبّ فنّ الخط العربي وممارسته، حتى استطاع أن يتقن ويتعلم هذا الفن بشكل ذاتي وعصامي، وذلك بالبحث الدقيق، والاطلاع على الكتب والمراجع، ولقاء الحرفيين في هذا المجال، وزيارة المتاحف في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد فازت إبداعاته في الخط العربي بكثير من الجوائز، كما شارك كفنان وكعضو في اللجان المنظمة، في عدة دورات من ملتقى الشارقة للخط ومعرض دبي الدولي للخط العربي، فيما قدّم عبر معرضه الفردي "رسائل حب"، الذي أقامه العام 2011 في معرض الفنون "ريد سبيس" بمانهاتن في نيويورك، أعماله الفنية المعاصرة إلى جمهور عالمي.
ومن المنتظر أن يساهم معرض "التمرّد المنضبط" المرتقب في تعزيز مسيرة شوكت المهنية الناجحة، مع حفاظه على موقفه العصري من خلال إدراج أعمال حالية في المعرض الذي يشتمل على أعمال من عدة مجموعات صمّمها ونفذها باستخدام خطّ ابتكره عام ٢٠٠٤ وسمّي "الوسام" تيمّناً باسمه، فضلاً عن أعمال جديدة بخطّ "الثلث" التقليدي المعروف، الذي يُعتقد بأن نشأ في بغداد في القرن العاشر الميلادي، ويحظى بتقدير رفيع في أواسط الخطاطين نظراً لاتسامه بالمرونة والبراعة في الرسم، كما أنه من أصعب الخطوط العربية من حيث القواعد والموازين.
يتضمن المعرض أعمالاً من مجموعة "الكاليغرافورمز"، وهي مجموعة من الأعمال المستوحاة من حركة فنية قادها شوكت وتجمع بين الصفات الغرافيكية الموجودة في أشكال الحروف الكلاسيكية والتجريد الغربي والفنّ التكعيبي.
وتظهر أعمال شوكت بانتظام في كتب ومطبوعات تُعنى بالخط العربي، كما تُعرض في معارض فنية ومتاحف، ويسعى جامعو المقتنيات الفنية إلى الحصول عليها. يعمل شوكت بدوام كامل كفنان ومصمم حروف طباعية عربية، ويعود إلى "تشكيل" من خلال معرضه المرتقب "التمرّد المنضبط" بعد ٤ أعوام من ظهوره الأول هناك في معرض "مونومنتال 11/11" الذي أظهر انتقاله من الخط التقليدي والتحوّل الديناميكي الذي أحدثه نحو الفنّ التجريدي.
واعتبرت نائب مدير "تشكيل"، ليسا باليتشغار، أن القدرة على قراءة اللغة العربية "ليست مهمّة" عندما يتعلق الأمر بتقدير أعمال وسام شوكت الفنية في الخط العربي، وانتهت إلى القول: "يضع هذا الفنان نفسه، بمؤلفاته المفعمة بالحيوية والبهجة، على مشارف كلٍّ من مجتمع الخط العربي ومشهد الفن المعاصر في الشرق الأوسط".
وعلى مشاركته، يقول الفنان وسام شوكت: "لكل حرف عربي يُرسَمُ بفن الخط جمالٌ ديناميكي داخلي، عند النظر إليه، يمنحك شعوراً بأنه ينبض ويتحرك، وتأسرني أشكال حروف الأبجدية العربية المتعددة الجوانب".
ويضيف: "تأخذ أعمالي الخط العربي إلى مستويات واتجاهات جديدةـ فتحرّر الخط العربي من سياقه النصّي كمجرّد حرف ليتحول إلى شكل بصري، يجعل عملي الفني قائماً لخدمة الشكل والإيقاع الفني".