ليلى بن بريك وقصصٌ غير مرويّة

كرّست ليلى بن بريك أكثر من عقد من حياتها المهنية لتعزيز الحوار بين الثقافات ودعم المبدعين الناشئين المهتمّين بالفنّ والهندسة المعمارية والتاريخ. إليكم كيف تعمل رؤيتها على بناء الإرث الثقافي لدولة الإمارات العربية المتحدة على الساحة العالمية.

 

عام ٢٠٠٩، أثبت الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة حضوره لأولّ مرّة في بينالي البندقية ـ إحدى المؤسّسات الثقافية المرموقة في العالم التي تجمع بين أفضل الفنون والهندسة المعمارية والسينما والرقص والموسيقى والمسرح. وعلى مرّ السنين، اجتمع السوّاح من جميع أنحاء العالم لاكتشاف أعمال الفنّانين الناشئين، إلى جانب أعمال الشخصيات الفنّية الأسطورية والأيقونية التي ساهمت في التطوّر التاريخي للتراث والثقافة والموسيقى والسينما، من كلّ ركنٍ من أركان العالم. تقول ليلى بن بريك، مديرة الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة التي انضمّت عام ٢٠١٣: "تتمثّل رؤية الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة في مشاركة القصص غير المروية من دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال عدسة الفنّ والهندسة المعمارية". إنّها قوّة الحوار بين الثقافات التي ترشد البرنامج كلّ عام، وتعمل دائماً على إشراك الفنّانين، والقيّمين، والباحثين، والشركاء من جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة. ومن خلال مشاركتهم، سلّطت العديد من المعارض الضوء على القصص غير المرويّة للأمّة، وكشفت عن تنوّع نسيجها الغني. وتقول  بن بريك: "لقد جمع معرضنا العاشر، Wetland "الأراضي الرطبة"، المعرفة ووجهات النظر الخاصة بالحوارات والتعاون بين الثقافات لتقديم أجوبة محلية مميّزة لمحادثات عالمية مهمة ـ ممّا أدّى في النهاية إلى الفوز بأكبر جائزة في البينالي، وهي جائزة "الأسد الذهبي" لأفضل مشاركة وطنية".

 

تؤمن بن بريك بقوّة الأهداف المشتركة، وتتمثّل رؤيتها في التوجيه والقيادة بحيث تضع الإستراتيجية والتوجيه كلّ عام، وتشرف على النمو والحوار عبر الثقافات. على مدى المعارض الثلاثة عشر الماضية، كشف الجناح ببراعة عن التطوّر الثقافي لدولة الإمارات العربية المتحدة من خلال الهندسة المعمارية المميّزة لمشاريع الإسكان في الثمانينيات وصولاً إلى الممارسات الفنّية المعاصرة التجريبية. بهدفٍ وحيد هو رفع مستوى الوعي، والفهم، والإنفتاح، والحوار، والخطاب، تتمثّل استراتيجية التنظيم في استضافة معارض فردية وجماعية لفنّانين معروفين وناشئين. ومن خلال الدعوة الخاصة والدعوة المفتوحة للذين يتوقون إلى المساهمة، يرتقي الجناح بالمستوى إلى أعلى عاماً بعد عام. على سبيل المثال، سنة ٢٠٢١، بعد أول دعوة مفتوحة للجناح في مجال الهندسة المعمارية، قاد المعرض المبتكر "الأراضي الرطبة" برعاية وائل الأعور وكينيشي تيراموتو كبار العلماء في الجامعة الأميركية في الشارقة، وفي جامعة طوكيو، وجامعة نيويورك أبو ظبي إلى ابتكار إسمنت صديق للبيئة مصنوع من المياه المالحة المعاد تدويرها ـ مخلّفات التحلية الصناعية. كان معرض "الأراضي الرطبة" مستوحى من السبخات (المسطّحات الملحية) في دولة الإمارات العربية المتحدة ـ وهذا هو جمال مثل هذه المعارض، حيث أنّها تؤدّي إلى مشاريع مبتكرة ومستمرّة مع متعاونين من جميع أنحاء العالم. تقول بن بريك: "لقد استخدم المهندسان المعماريان وائل الأعور وكينيشي تيراموتو هذا لتصميم وبناء نماذج أولية واسعة النطاق، والتي لا تزال الأبحاث جارية بشأنها تحت إشراف وائل الأعور".

 

ومن الفنّانين الآخرين الذين خلقوا موجة من الفضول على المستوى الدولي بأعمالهم نذكر أمثال محمد أحمد إبراهيم، وحسن شريف، ومحمد كاظم، وعبدالله السعدي، ونجوم الغانم. "منذ ظهوره في الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، تمّ اقتناء خمسة أعمال لمحمد أحمد إبراهيم من قِبَل متحف Solomon R Guggenheim في مدينة نيويورك"، بحسب قول بن بريك. وبدعمٍ من وزارة الثقافة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبتفويض من مؤسّسة سلامة بنت حمدان آل نهيان، يعمل الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة على تعزيز الثقافة والحفاظ على التراث والحوار الدولي بين الثقافات. إحدى هذه المبادرات التي تواصل دعم وتطوير سفراء الفنّ والثقافة هي برنامج البندقية للتدريب الداخلي الذي شهد حصول أكثر من ٢٥٠ متدرّباً على فرصة المشاركة في بينالي البندقية كسفراء لدولة الإمارات العربية المتحدة. تقول بن بريك: "غالباً ما يكون هذا أول عرض لهم لمرحلة الفنّ والهندسة المعمارية العالمية، والموارد والدعم الذي نقدّمه له تأثير دائم على مساراتهم المهنية المستقبلية، مما يعزّز الجيل القادم من القيادة الإبداعية في دولة الإمارات العربية المتحدة". وفي هذا العام، سيعرض الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة بحث مهندس معماري إماراتي من خرّيجي برنامج البندقية للتدريب الداخلي ـ وهو مؤشّر على النظام البيئي المتنامي للفنون والثقافة في دولة الإمارات العربية المتحدة، والإرث الثقافي الذي يستمرّ في النمو كلّ عام. وتكشف بن بريك قائلةً: "سيقدّم المعرض القادم أبحاثاً مباشرة من دولة الإمارات العربية المتحدة حول موضوع يهمّنا جميعاً: الطعام". سيتمّ اختتام الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة في شهر نوفمبر من هذا العام، على أن يتمّ افتتاحه العام المقبل في مايو ٢٠٢٥، مع دعوة مفتوحة للتدريب الداخلي الذي يستقبل الطلبات الآن.

www.nationalpavilionuae.org

المزيد
back to top button