إن فيلا الحجر جزء لا يتجزّأ من العلا، وهي في الوقت نفسه نموذج يُقتدى به في مجال الابتكار الفني القائم على التبادل الثقافي. وقد سجّلت " فيلا الحجر" انطلاقة جديدة مع حلول عام 2025، وذلك بالتركيز على الصداقة المتنامية بين المملكة العربية السعودية وفرنسا. ففيلا الحجر تحتفي بالثقافات، وترتكز مبادئها على تعزيز العلاقة بين الفنون والتعليم، واحترام الأرض والتراث.
وتُعَد "فيلا الحجر" جزءً من سلسلة البرامج الثقافية السنوية لفترة ما قبل الافتتاح في العُلا منذ عام 2023، وذلك قبل افتتاح مبناها المؤقّت هذا العام. وأعد تصاميم "فيلا الحجر" المهندسان الحائزان على جائزة بريتزكر الفرنسية (Pritzker Prize)، وهما لاكاتون وفاسال (Lacaton & Vassal)، وتستعد الفيلا لإقامة أنشطة جديدة مع بداية هذا العام، على غرار الفعاليتين البارزتين التين أقيمتا في شهر ديسمبر، ويتعلق الأمر بكل من "النفس -لحظات طواها النسيان" (NEUMA – The Forgotten Ceremony) والعرض الأول لفرقة باليه الناشئين للأوبرا الوطنية بباريس إضافة الى عرض "مسارات" الذي صُمّم خصيصاً بحيث ينسجم انسجاماً سلساً مع البيئة الطبيعية المحيطة ، فقد قدم فنانو الأداء عرضهم مباشرة على رمال منتجع "أور هابيتاس" .
ومن هذا المنطلق، ستغوص ELLE Arabia في عمق الإنجازات التي سيتمخض عنها الحوار بين الثقافات في السنوات المقبلة.
وأما عن خصائص المبنى، فقد صُمّم ليكون معلماً جديراً بالمشاهدة ورحلة تجريبية عبر الفنون، والثقافة، والتراث.
وفي هذا الإطار، اتسمت أبرز الفعاليات التي سبقت الافتتاح بغناها، لاسيما بفضل كل من القيمة الفنية السعودية وجدان رضا والقيّم الفني الفرنسي أرنو موراند، اللذين أشرفا على تنظيم البرنامج الثقافي لموسم 2023/2024. وقد كان الهدف من ذلك الانسجام مع السياق الثقافي للمنطقة ومع التراث والفنون المحلية، وقد يسّر هذا النهج إقامة حوار أكثر ثراءً بين الزوّار، والفنّانين، والمواهب، والضيوف، والمقيمين.
وقبل الافتتاح المسبق لـ"فيلا الحجر" في العُلا عام 2025، أصبحت هذه المؤسّسة الثقافية التي تُجسد الصداقة بين المملكة العربية السعودية وفرنسا، وجهة تحج إليها المواهب من كل أنحاء العالم.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن برامج الإقامة الخاصة بالفنّانين والباحثين تسعى إلى تعزيز الروابط بين الثقافات وتشجيع أشكال جديدة من التعبير الفنّي في مجال الفنون البصرية وفنون الأداء والسينما والموسيقى والأدب، مما يُتيح فرصاً للتعلّم والتطور والفهم.
وللمزيد من التفصيل في ماهية هذا المعلم وأهميته، أجرت ELLE Arabia مقابلة خاصة مع الرئيسة التنفيذية لـ" فيلا الحجر"، فريال فوديل، وقد أكدت هذه الأخيرة أن رؤية فيلا الحجر تتجاوز نطاق الفنون، فدورها يشمل تعزيز التعليم وإنتاج الأفكار الجديدة للمستقبل". أما الفنانة الأميركية السعودية سارة إبراهيم فقد تحدثت عن دورها المتنامي في بناء هذا المعلم، وعن مصدر إلهامها، وسنطلع على مزيد من التفاصيل في المقابلتين أدناه.
فريال فوديل، الرئيسية التنفيذية لفيلا الحجر
هي بعض أبرز البرامج الرئيسية لـ"فيلا الحجر" خلال فعاليات الافتتاح؟
لقد قدّمنا حتى الآن العديد من المبادرات المتنوّعة في العُلا، بدءًً من الإقامات الفنّية بمشاركة ضيوف سعوديين ودوليين، وصولاً إلى ورش العمل الإبداعية للأطفال والمراهقين من المجتمع المحلي. ولكن إذا كان ولابد من اختيار ذكرى واحدة بارزة ومتميزة، فسيقع اختياري على فرقة باليه الناشئين لأوبرا باريس الوطنية التي قدّمت عرضاً في منتجع "أور هابيتاس".
فقد قدم ّفنانو الأداء حركات بأزيائهم البرتقالية الزاهية في مشهد بغاية الجمال على المنحدرات المغرة، وكأنّ الصحراء بُعثت حية في هذا العرض. وعقد الفنانون اجتماعات مع المجتمع المحلي في مركز الموسيقى في العُلا لإنشاء مسارات ملهمة للشباب.
كيف يمكن لهذا الحوار بين المملكة العربية السعودية وفرنسا أن يبني جسراً بين الثقافات في سبيل تحقيق الازدهار وتعزيز الابتكار الناتج عن تداخل الثقافات؟
يكمن بيت القصيد في الجمع بين أفضل ما في المملكة العربية السعودية وفرنسا. وفي نهاية المطاف، تهدف "فيلا الحجر" إلى أن تكون منبراً للتواصل بين الناس ومشاركة الأفكار وتحقيق إنجازات مبتكرة، في العلا.
ما هي رؤيتك لـ"فيلا الحجر" خلال السنوات الخمس المقبلة؟
سيشهد عام 2025 افتتاح موقع مؤقت في وسط العُلا، ليكون بمثابة جسر للمبنى الدائم الذي صمّمه المعماريان الحائزان على جائزة بريتزكر (Pritzker Prize) الفرنسية، لاكاتون وفاسال. وستتيح لنا هذا المساحة الجديدة استضافة برنامج مثير ومتنوّع للمجتمع المحلي والدولي، يشمل الفنون البصرية وعروض الموسيقى والرقص والبحث الأكاديمي، وغير ذلك الكثير.
هل يمكنك الكشف عن بعض الاتفاقيات الاستراتيجية التي ستفيد الطلاب والمبدعين والشباب؟
نحن نلتزم في "فيلا الحجر"، ببناء الشراكات لتوفير الإلهام للجيل القادم وتعزيز قدراته. ويشكّل التعاون الأكاديمي جزءاً رئيسياً من هذا الالتزام، فهو يستحدث فرصاً لتعزيز العلاقات بين المملكة العربية السعودية وفرنسا في مجال تبادل الخبرات. ويجدر بالذكر أننا في العام الماضي قد أطلقنا برنامجاً فريداً للتبادل في مجال الهندسة المعمارية، ضم 30 طالباً سعودياً وفرنسياً. ويهدف البرنامج إلى إنجاز مشروع يستكشف موضوع التنمية الحضرية وأنماطها في العُلا. وبعد فترة قضاها الطلاب في العُلا، سينتقلون إلى باريس لتقديم معرض لأعمالهم المشتركة.
الفنّانة السعودية الأميركية، سارة إبراهيم
كيف ترين تطوّر دورك كفنّانة في "فيلا الحجر"؟
لقد كانت الفيلا بمثابة منصة للبحث ولبناء فريق قوي يتقاسم رؤية واحدة تتمثل في تحقيق إنجاز ذو قيمة بمشاركة المجتمع المحلي. وأعتقد أنّه من المهم جداً التركيز على المشاريع المجدية والمؤثرة، وهي تلك الرامية إلى إنشاء فرص جديدة للتبادل مع مجتمع العلا، وتحسين التفاهم وتعزيزه.
ما هي مصادر إلهامك الخاصة، وما هي رسالتك للزوّار؟
لقد وجدت الإلهام بالفعل في الأشخاص الذين التقيت بهم في العلا. ومنهم "مروج" وأولادها الذين شاركوا معي في إعداد الفيلم. وكذلك الأشخاص الذين حضروا جلساتنا وكانوا على استعداد للمشاركة في تجربة التنفّس والصوت. وأعتقد أنّ هذا المشهد يدعونا حقاً إلى أن نثبت حضورنا، وينبغي أن نمُدّ جسور التعاون للمشاركة بطرائق مبتكرة تناسبنا وتناسب المجتمع المحلي.
بقلم Odelia Mathews
تصوير Christophe Pelletier – Make It Live