لا تموت المرأة مغبونة الحقّ سدىً! ولا بُدّ من أن تخلّد ذكرى كلّ امرأة حرّة في جوهرها، بعد أن قتلها الرجل المعنّف والعائلة الظالمة والمجتمع المتواطىء من رولا يعقوب، إلى منال عاصي، تطول اللائحة ومعها تحتدّ النساء الرافضات للخنوع للعنف بجميع أشكاله، فيتظاهرن ويصرخن بوجه العدالة الناقصة ويحوّلن يوم المرأة العالمي إلى احتفال حقوقيّ يطال أبعد مما هما المرأة والرجل معاً: الإنسان.
لارا قانصو، تحتجّ على طريقتها الخاصّة، عبر الفنّ والموسيقى والشعر والمسرح لتخلّد ذكرى صديقتها زهوة منذ أيام الدراسة، والتي رحلت عن العالم بغير إرادتها، ثمناً لزواج لم يرضَ عنه الأولياء، وهم كُثر...
ها هي تدعونا إلى "عرس زهوة". مشهديّة مؤلّفة من ثلاث لوحات، تُقام أوّلها على إيقاع نصّيٍّ أدبيّ للأديب والروائي عباس بيضون تترجمه رقصاً على خشبة المسرح مروة خليل، ورسماً جان-مارك نحاس. وتُستكمل الترجمة التعبيريّة في الرقص والرسم في اللوحة الثانية على أبيات قصيدة "السجين والعمر" لمحمود درويش. وكأن مخرجة العرض ومنتجته أرادت بذلك أن تعكس رمزيّة العنف في نطاقه الشامل، ومعه الموت ومن ثمّ القيامة وأن تتجاوز نطاق الجنوب، مسقط رأس زهوة ولارا، إلى العواصم العربيّة، بيروت، بغداد، حلب... أما اللوحة الثالثة، ففيها تتحوّل زهوة إلى الأمّ مع نصّ للأديبة الفرنسيّة مارغريت دوراس وفاجعة مقتل الطيّار الإنكليزي الفتيّ التي ترمز إلى "الإنهيار الصامت للعالم". وكأن من الموت الفاهي، توجد الحاجة إلى الكتابة وإلى التعبير الفني والتنفيس بكلّ رقيّ عمّا يختلج القلب في أشكال عدة.
"عشرون عاماً ولا تزال زهوة تسكن عقلي. أذكر شعرها وتموّجاته، أقراطها، لون أحمر الشفاه خاصّتها، وذكاءها المتّقد!"، تقول لارا قانصو في استحضارها لصورة رفيقتها. "لطالما علمت أن هاجسي بها لا بدّ من أن يخرج من حدود فكري ليُترجم في فنّ يضعها (زهوة) هنا أمامي وأمام الجميع." الليلة، سنشاهد العروس تزهو!
"عرس زهوة"، على مسرح مونو، الأشرفية، بيروت، لبنان. العرض مستمرّ لغاية 16 مارس/ آذار الحالي.
للمزيد من المعلومات، زوري صفحة الفايسبوك الخاصّة بالعرض عبر الضغط هنا.