انطلق في متحف الشارقة للفنون فعاليات معرض جديد مكرس لتسليط الضوء على المسيرة المهنية التي شهدتها واحدة من أبرز الفنانات التشكيليات المؤثرات في العالم العربي.
وافتتح المعرض الشيخ ماجد بن سلطان بن صقر القاسمي، مدير دائرة شؤون الضواحي والقرى، بحضور الشيخة نوار القاسمي، مدير التطوير مؤسسة الشارقة للفنون، وسعادة منال عطايا، مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف، والفنانة ثريا البقصمي، وعدد من كبار الشخصيات.
ويشهد الحدث المميز تقديم مجموعة أعمال أبدعتها الفنانة التشكيلية والأديبة الكويتية ثريا البقصمي، وتتضمن أكثر من 200 عمل فني وملصق ولوحة تعود بالتاريخ إلى ستينيات القرن الماضي.
وتستمر فعاليات معرض "علامات فارقة: ثريا البقصمي" حتى 16 ديسمبر، في الحدث الذي يمثل النسخة الثامنة من سلسلة علامات فارقة التي يستضيفها متحف الشارقة للفنون، وتسلط الضوء على أبرز الأسماء الفنانين المبدعين في العالم العربي.
ويعد الحدث أضخم معرض استيعادي شامل يبرز المسيرة المهنية التي شهدتها الفنانة التشكيلية حتى الوقت الحالي، كما يجمع أعمالًا من مجموعات خاصة وعامة من جميع أنحاء العالم، ويتضمن أعمالًا تعرض للمرة الأولى تزامنًا مع إطلاق كتاب جديد وتقديم فيلم وثائقي يحكيان عن المسيرة الفنية الطويلة والحافلة التي خاضتها ثريا البقصمي.
ويعكس قسم كبير من الأعمال المعاصرة التي قدمها ثريا، تجربتها في المدن التي عاشت فيها مثل القاهرة وموسكو وداكار، فيما يبرز قسم آخر أسلوبها البصري المذهل تجاه الأحداث الواقعية التي تركت أثرها في المنطقة، ومنها حرب الخليج 1990-91.
وفي تصريح لها قالت ثريا البقصمي: "إنه لشرف عظيم بالنسبة لي أن أكون هنا في الشارقة لافتتاح هذا المعرض. ولا شك أن مشاهدة الأعمال المعروضة التي قدمتها خلال حياتي يمثل حدثًا هامًا بالنسبة لي، ويستعيد ذكرى الكثير من اللحظات التي عشتها منذ ستينيات القرن الماضي عندما بدأت مسيرتي المهنية".
وأضافت: "كل ما أتمناه هو أن يشكل هذا المعرض وسيلة لمنح الإلهام للجيل القادم من المبدعين العرب الشباب، حتى يؤمنوا بقدراتهم، ويمتلكوا الإصرار من أجل التغلب على الصعوبات التي تواجههم، ويبدعوا الفنون التي تعكس تجاربهم وأحاسيسهم".
وكانت الفنانة التشكيلية ثريا البقصمي قد ولدت في الكويت عام 1951، وتعد من أوائل الفنانات الممارسات في منطقة الخليج، وذلك عندما بدأت بنشر القصص القصيرة وإقامة المعارض لأعمالها عندما كانت لا تزال فتاة مراهقة في منتصف ستينيات القرن الماضي.
توجهت بعد ذلك لدراسات الفنون الجميلة في القاهرة، ثم إلى معهد سوريكوف في موسكو حيث نالت شهادة الماجستير في فن الجرافيك، وذلك قبل أن تنهي دورات تقنية في الرسم على الحرير، والطباعة على المنسوجات، وصناعة الفخار في داكار، السنغال في مستهل الثمانينيات. استقرت ثريا بعد ذلك في الكويت، حيث عكس الكثير من أعمالها مرحلة التطور التي شهدتها منطقة الخليج خلال الثمانينيات.
وفي مستهل التسعينيات، شهدت ثريا الغزو العراقي على الكويت، الأمر الذي ترك أثره على نتاجها الإبداعي، وشكل صدمة جماعية بالنسبة لها ولعائلتها. وفي عام 1993 حصلت ثريا على جائزة الدولة عن مجموعتها القصصية شموع السراديب، والتي عبرت من خلالها عن المآسي التي عاشتها خلال فترة الحرب. وقد ترجم هذا الكتاب منذ ذلك الوقت إلى أكثر من عشر لغات.
سبق لثريا أن أقامت 60 معرضًا فرديًا لأعمالها حول العالم، وشاركت في أكثر من 250 معرض خلال مسيرتها الفنية. ويمكن مشاهدة أعمالها ضمن المجموعات الموجودة في المتحف البريطاني، واليونسكو، ومتحف حقوق الإنسان في جنيف، والمتحف الوطني في الكويت، وغيرها من الوجهات الفنية المرموقة حول العالم.
بدورها قالت سعادة منال عطايا، مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف: "تعد ثريا دون أدنى شك من أبرز الفنانين المعاصرين والرواد، وما تزال تذهلنا بإبداعها حتى اليوم، وتمارس عملها بالمستوى ذاته من الشغف والتفاني كما كانت في بداياتها".
وأضافت: "يحتفي هذا المعرض بالإنجازات الثقافية والفنية التي قدمتها النساء في منطقتنا. ونحن على ثقة من أنه سيكون لهذا المعرض دور بارز في التأثير على الجيل القادم من الفنانين الموهوبين".
وتتولى الفنانة منيرة القديري، ابنة ثريا، مهمة القيم الضيف في معرض "علامات فارقة: ثريا البقصمي"، الذي يقام في متحف الشارقة للفنون من 11 أكتوبر وحتى 16 ديسمبر.