لم تعد عيادات التجميل هي حكراً على النساء اللاتي يبحثن عن الجمال والتغيير، بل بات الرجال اليوم ينافسون النساء على عرش الجمال المطلق، وذكر تقرير صدر عن "الأكاديمية الأمريكية لتجميل الوجه والجراحة الترميمية" أنّ السكان الذكور في دولة الإمارات العربية المتحدة باتوا يلجؤون أيضاً إلى العمليات التجميلية بهدف تحسين مظهرهم. ووجدت "جمعية الإمارات الطبية" أن 47% من إجمالي عدد الأشخاص الذين خضعوا لعمليات تجميل خلال العام الماضي كانوا رجالاً وأنفقوا جميعاً ما يقارب 300 مليون درهماً إماراتياً على عمليات التجميل المختلفة، ومن بينها شفط الدهون وتجميل الأنف وعمليات شد الوجه.
حول واقع إقبال الرجال على عمليات التجميل، يقول الإعلامي عباس فرض الله، أنه ليس مع ولا ضد إقبال الرجال على عمليات التجميل، ويوضح قائلاً: " الجمال الرباني هو الأفضل، ولكن إن استدعى الأمر اللجوء إلى عمليات التجميل التصحيحية أو من أجل إخفاء عيب ما، فأنا أشجع ذلك". ويرى عباس أن إقبال الشباب على عمليات التجميل أصبحت ظاهرة في المجتمع وخاصة من قبل المشاهير والإعلاميين ومن أكثر العمليات التي يقبلون عليها الوجه والأنف والشعر.
في المقابل يقول شادي نبيل، طالب جامعي، أن الجمال هي غاية يتطلع لها الجميع، ولا فرق بين امرأة ورجل، ولا يمانع بلال إقبال الرجال على عمليات التجميل، بشرط أن يحافظ على ملامحه التي خلقه عليها، وعلى ملامح الرجولة، ويقول: " شفط الدهون وبعض العمليات التصحيحية التي يقبل عليها الرجال كزراعة الشعر أو تجميل الأسنان وتصحيح شكل الأنف، جميعها مقبولة، ولكن إقبال بعض الرجال على نفخ الخدود أو تحمير الشفاه، هذا الذي لا يقبله العرف البشري ولا المنطق".
الاتجاهات والدوافع النفسية
يقول دكتور هيثم عبدالوهاب السعدي، أخصائي الإرشاد النفسي ومستشار أسري، ومحاضر وعضو المركز العالمي الكندي للتنمية البشرية، " في الماضي السحيق وعندما كان البشر يقطنون الكهوف كان الذكور والإناث متشابهين بالشكل ماعدا الاختلاف في الأجهزة التناسلية، ومع التطور الزمني تطورت الاتجاهات والدوافع من الناحية النفسية والميول والأهداف والمفاهيم. وهناك فروق فرديه بين الرجل والمرأة من الناحية النفسية والعضوية والتشريحية، فأكثر الحواس نشاطاً عند الرجال هي حاسة النظر، لذلك يحب أن يرى الرجل ما هو جميل ويحب أيضاً أن يري نفسه جميلاً دائماً، مهما كان فيه من عيوب، كعملية تعويضية ليثبت لذاته أنه مقبولاً وجميلاً، لأن الظاهر أمام عينيه والآخرين هو شكله، أما العيوب فهي مستترة في الداخل، وهذا من ضمن الأسباب الدافعة لتحسين صورته بالشكل التقليدي والبدائي، وهنا يقف بعض الرجال عند تلك النقطة، متجاوزين في ذلك العادات والتقاليد والمفاهيم، حرصاً على إرضاء أنفسهم وغرورهم ويلجؤون إلى العمليات التجميلية.
يضيف السعدي: " الإنسان منذ فطرته وطبيعته هو شاذ، ولكن الشذوذ كامن بداخله، ويكون ساكن مستثار للتحفيز الخارجي أحياناً، ولكن الشامل والأكثر شموليه بأن الشذوذ كامن داخل كل نفس بشريه، طالما لم تحركه وتحفزه ظروف خارجية ويتحكم في ذلك العادات والمفاهيم والقيم والتربية والقناعات والبرمجة والناحية العضوية والتشريحية".
أنواع رجال عمليات التجميل
يوضح أخصائي الإرشاد النفسي والمستشار الأسري، الأسباب التي تدفع الرجال الإقبال على عمليات التجميل، وهي كالتالي:
النوع الأول:
رجل يعاني بسبب عيب في شكله أو مظهره أو هيئته فيلجئ إلي عمليات التجميل، لتلافي هذا العيب، ومن أجل أن يكون مظهره مقبولاً وجميلاً.
النوع الثاني:
يكون لدى الرجل هاجس البحث عن الشباب الدائم والحيوية والكمال وحب الظهور وذلك من الناحية النفسية، وكذلك لأسباب تعويضيه للإثبات الذات وحب الكمال في الشكل الجميل، ولفت الأنظار. ولأسباب تعود إلى عدم الثقة في النفس والإحساس بتقبل ذاته وشكله مما يسبب له المتاعب النفسية، وكذلك مرض الوسواس القهري.
- أحيانا تكون لبعض الرجال الميول الأنثوية من مشاعر وأحاسيس واتجاهات مشتركه بينه وبين الأنثى، وبعضهم يعانون الفراغ والكبت والاكتئاب ويلجئون إلى عمليات التجميل من أجل تفريغ الطاقات رغبة في التجديد وتعويضاًَ عن حالة عدم إثبات الذات والمشاركة الحياتية.
- بعض الرجال يقدمون على العمليات التجميلية وبداخلهم رفض وألم نفسي علي عكس الآخرين، ولكن تتطلب وظائفهم وأدوارهم ومهامهم منهم ذلك، ومنهم: الفنانين والمطربين وغيرهم.
3 عمليات يرغبها الرجال
عن أكثر العمليات التجميلية التي يقبل عليها الرجال في دولة الإمارات، يوضح استشاري الجراحة التجميلية الدكتور قاسم أهلي، ويقول: " أكثر العمليات التي يقبل عليها الرجال هي عمليات شفط الدهون وخاصة حول عملية الخصر، وإذابة الكرش، وبعدها تأتي عملية شفط الدهون حول منطقة الصدر والحلمة، وأكثر فئة تقبل عليها هم فئة الشباب في سن العشرينيات والذين يمارسون الرياضة، وبعدها عمليات تصحيح أو تجميل الأنف".
يقول أهلي أن الرجال أقل إقبالاً على عمليات التجميل مقارنة بالنساء، اللاتي لديهن شغف بالظهور الحسن ولديهن معايير خاصة بالجمال، أما بالنسبة للرجال فتختلف معايير الجمال من دولة إلى أخرى، فالمعيار الخليجي للجمال يختلف عن الأوروبي، ونرى أن الكرش في الخليج يعتبره البعض "للوجاهة" كحجة لإخفائه بعكس الرجل الأوروبي.
رجل بملامح امرأة
أما بالنسبة للميول الأنثوية لدي بعض الرجال، وحاجتهم إلى تغيير أشكالهم تشبهاً بالنساء، يقول دكتور قاسم أهلي: " في دولة الإمارات ثمة قوانين تمنع تحويل الرجل إلى امرأة، أو تغذيته بهرمونات أنثوية، أو حتى عبر عمليات التجميل، لذلك نلاحظ أن هذه الفئة المختلطة تسافر إلى بلدان شرق آسيا لإجراء عمليات التحول والعمليات التجميلية أيضاً".
تحقيق رنا إبراهيم