أكدت معظم الدراسات العلمية على وجود علاقة إيجابية بين ممارسة النشاط البدني والتحصيل الدراسي ، فمن المعلوم أن النشاط الحركي منذ مرحلة الصغر يساعد كثيرا في تطوير الجهاز العصبي لدى الأطفال فالطفل يولد ولديه ما يقارب 100 مليار خلية عصبية ، بدون إي زيادة في تلك الخلايا مع تقدمه في العمر لكن ما يحدث هو أن النشاط البدني والحركي يزيد من عدد المشابك العصبية ، وهي نقاط التوصيل فيما بين تلك الخلايا العصبية مما يسهم في تطوير وسيلة التواصل ونقل الإشارات والمعلومات فيما بين الخلايا العصبية وبالتالي حدوث تطور في الجهاز العصبي للطفل ( الجسم يعلم العقل ) .
يقول دكتور فسيولوجية الجهد البدني والصحة، اسامة كامل اللالا: "في الآونة الأخيرة أثبتت الدراسات العلمية إلى أن ممارسة الأنشطة البدنية المنتظمة تساهم بشكل ايجابي في تطوير القدرات العقلية والتحصيل الدراسي لدى الطلبة بالإضافة إلى وقايتهم من الإصابة بالإمراض الناجمة عن قلة الحركة . وذلك على عكس ما كان يسود لدى المجتمعات من أن ممارسة الأنشطة البدنية تصلح للشخصية الأقل ذكاءً ، وهذا يؤكد على أهمية حث الأطفال وتشجيعهم على ممارسة الأنشطة البدنية وأدائها منذ مرحلة الطفولة المبكرة للحفاظ على مستوى طبيعي من النمو والتطور الحركي".
ويشير اللالا إلى أن الدراسات العلمية أثبتتبان وظائف الدماغ تتحسن نتيجة للتغير ما بين بيئة تلقي المعلومات داخل الفصل الدراسي وممارسة الأنشطة البدنية خارج جدران الفصل وهذا بدوره يزيد من مقدرة الطالب على الانتباه عند عودته لحضور الدروس النظرية داخل حجرة الدراسة مرة أخرى ، كما يساهم النشاط البدني في زيادة الطاقة مما يعطي الأطفال فرصة للتخلص من الملل الناتج عن التركيز العالي لفترات طويلة.
وأكدت معظم الدراسات العلمية على أن وظائف الدماغ تتحسن تحت تأثير الأنشطة البدنية والحركية حيث إن زيادة النشاط البدني ينشط عمل الجهاز الدوري التنفسي في نقل الأوكسجين إلى جميع أجزاء الجسم ومن بينها الدماغ فتزداد كفاءته على حمل الدم المحمل بالأوكسجين والجلوكوز فزيادة نشاط الدورة الدموية في الدماغ تحت تأثير الأنشطة البدنية والحركية يزيد من تدفق الدم المحمل بالأوكسجين والغذاء لخلايا الدماغ فيزيد من تحسن وظائف الدماغ الإدراكية مثل الفهم واليقظة والتركيز والتذكر والحفظ .
الوظائف المعرفية
يقول اللالا: "تؤدي ممارسة الأنشطة البدنية المنتظمة مثل (الجري والوثب والأنشطة الهوائية ) فالتدريبات الهوائية تؤدي إلى تحسين الوظائف المعرفية مثل ( زيادة القدرة على التركيز والتحليل والاستيعاب والحفظ والتذكر و التركيز الذهني والتخطيط واتخاذ القرار كما تحسن الذاكرة قصيرة المدى والتفكير الإبداعي... ) وذلك نتيجة لزيادة مستويات المادة الرمادية في المخ المسئولة عن المحافظة على صحة الخلايا العصبية. وتحدث ممارسة النشاط البدني حالة من الاتزان بين الجسم والدماغ من الناحية الوظيفية الكيمائية والهرمونية والكهربائية حيث يستمر تأثير النشاط البدني على نشاط الدماغ من ( 60 -90 ) دقيقة من انتهاء النشاط البدني مما يؤكد على أهمية حصة التربية الرياضية المدرسية والطابور الصباحي".
ويضيف: " يؤدي الخمول البدني ( كمشاهدة التلفاز ، وقضاء ساعات طويلة أمام الكمبيوتر والانترنت ) إلى اختلال حالة الاتزان بين الجسم والدماغ نتيجة نقص كمية الجلوكوز والأوكسجين إلى خلايا الدماغ . وبناء على نتائج التجارب العلمية فقد ثبت بان ممارسة الأنشطة البدنية الهوائية المنتظمة تساعد على نمو وتجديد خلايا الدماغ لدورها في رفع مستوى سكر الجلوكوز في الدم وزيادة إفراز الهرمونات المنشطة ( الإندروفينات ، والسيرتونين ) مما تساعد في الوقاية من الضغوط النفسية ( القلق ، والتوتر والاكتئاب )."
النشاط البدني والثقة في النفس
إن تعريض الطلبة للأنشطة البدنية يجعلهم يكتسبون صفات عديدة مثل: (الجهد, العمل الجاد, المثابرة, الانضباط, الانجاز, تقدير الفوز والخسارة واحترام الآخر ) مما يزيد من ثقتهم في أنفسهم وتحسن سلوكهم ويساعدهم على تحسين قدرتهم على التعلم، يقول اللالا: "مما لاشك فيه أن هذه القيم يتسع مجال تطبيقها إلى المجالات الحياتية الأخرى ولا سيما الواجبات المدرسية والتحصيل العلمي. كما أن ممارسة الأنشطة البدنية تعزز مستوى الرضا الذاتي لديهم مما يؤهلهم للحصول على عضوية جماعات النخبة في المدرسة والفرق الرياضية مما ينعكس إيجابيا على تنمية مفهوم الذات لديهم ويترجم في تحسين مستوى التحصيل الدراسي."
وبناءً على ما سبق ذكره فان وثيقة الأنشطة البدنية المعززة لصحة للطلبة تؤكد على مايأتي :
*ينبغي على جميع الطلبة من 5 ــ 18 سنة ممارسة النشاط ألبدني المعتدل الشدة من ( 3 – 5 ) مرات أسبوعيا على الأقل، ولمدة ساعة يوميا .
تحقيق رنا إبراهيم