العنوسة آفة خطيرة تصيب جميع المجتمعات، ولو اختلفت نسبتها وتبعاتها بين مجتمع وآخر، وذلك وفقاً للظروف الاقتصادية والاجتماعية والتركيبة الديموغرافية للبلد، واستناداً إلى عاداته وتقاليده. فإن هذه المشكلة تشغل بال بعض الأسر، وتحزن الآباء والأمهات قبل أن تقض مضجع البنات أنفسهن. فهل تتقدم الفتاة لخطبة شاب هرباً من شبح العنوسة؟
تقول سارة (32 عاماً) إنها تواجه تلميحات وضغوط كبيرة من الأهل والأصدقاء الذين يرغبون في أن تؤسس عائلة. ولكن الإقدام على خطوة الزواج يجب أن تدرس جيداً خوفاً من قوع الطلاق لاحقاً، خصوصاً في ظل وجود الأطفال، مما يشكل كارثة كبيرة على الصغار. وجميعنا مدرك نسبة الطلاق المرتفعة في هذه المرحلة، لذلك على الفتاة أن تحسب ألف حساب قبل الإقدام على الزواج، وعليها التأكد من اختيار زوج المستقبل.
وتقول سارة: " لولا العادات الاجتماعية التي نعيشها لكنت بحثت عن فارس أحلامي وتقدمت بالزواج به، ولكن للأسف نحن مقيدين بمجتمع يخاف من العيب أكثر من الحرام، وكذلك طبيعة المجتمع الذي نعيشة معقداً نوعاً ما فأنا مغتربة عن وطني الأردن، وجميع الشبان الذين يخطون خطوة الزواج يذهبون إلى موطنهم من أجل الزواج، ولا يفكرن بالزواج من مغتربات".
وتعتبر ضياء (29 عاماً) أن الزواج قسمة ونصيب، وتقول انها لن تقرر الزواج إلا بعد عثورها على الشخص المناسب الذى يرضي طموحاتها وأهدافها وتطلعاتها، وإن لم تجده، فلا يخفيها شبح العنوسة، خصوصاً أن الفتاة أصبحت تساوي الرجل في كل شيء، وتتمتع باستقلالية مادية ومعنوية تخولانها للاعتماد على ذاتها. وتقول ضياء: " إما أن اتزوج على حسب ذوقي أو افضل عدم الزواج مطلقاً فأنا ارفض مبدأ زواج الصالونات، لذلك إذا وجدت الشخص المناسب سوف اسعى نحو الحصول عليه، بالود واللين ووفقاً للآداب والأخلاق والقيم العربية، وفي المقابل إذا لم أجد الرجل الذي يرضي ذوقي وتطلعاتي لن تتوقف الحياة، فأفضل البقاء عازبة كوني معتمده على ذاتي، وكذلك لا يمكن اعتبار أن الزواج هو مصدر للاستقرار في الحياة".
أبي سبب عنوستي!
تقول سعاد (46 عاماً) إن عرساناً كثراً تقدموا إلى طلب يدها في الصبا، خصوصاً أنها كانت جميلة ومثقفة ومتدينة، وتنحدر من عائلة عريقة ومحافظة، ولكن والدها كان يرفض كل عريس، إما بحجة أنه غير متعلم كفاية، أو أن مستواه الاجتماعي أدنى من مستوى ابنته الوحيدة المدللة التي تعيش في فيلا مترفه بين الخدم والحشم، أو أن أحوال العريس المادية لن توفر حياة لائقة لابنته.
وهكذا وجدت سعاد نفسها في منزل والديها مربية لأولاد شقيقها الذي يقطن معهم في الفيلا الفسيحة، وتتحمل سعاد تلميحات زوجة شقيقها على مضض، وتعتني بوالدتها المتقدمة في السن، والتي تخشى من فقدانها، فتبقى وحيدة في سكن يخلو من الحب والحنان، وتردف قائلة ان عمتها عاشت حياتها هي الأخرى بدون زواج برغم حسنها وجاهها، والسبب أن جدها لوالدها كان يرفض كل طالب للقرب، كي لا يفرط بابنته وإرثها مع أي كان، فبقيت الابنة عانساً تعاني الوحدة والاكتئاب، وبقي إرثها رصيداً في المصرف لا تتمتع في اسرافه امرأة عازبة ووحيدة.
ابحث عن الحب
شيرين (33 عاماً) مازالت تحلم بفارس الأحلام الذي يأخذ بيدها إلى قفص السعادة، ورغم تجربتها المريرية في زواجها السابق الذي لم يتجاوز 6 أشهر، إلا أنها مازالت تؤمن بالحب، وتروي قصتها: " تزوجت بعد علاقة حب دامت عامين وبسبب عدم التفاهم وقع الطلاق بيننا بالرضا، ولكن هذا لا يعني أن الحب لا يقود إلى الزواج والاستقرار والسعادة، فيوجد الكثير من القصص الرومانسية التي انتهت بالزواج السعيد، وأنا مع هذا المبدأ، فمازال قلبي يبحث عن الحب والرعاية والاستقرار، وإذا وجدت الرجل الذي أحلم به، سوف أخطبه مباشرة فلاشيء سوف يمنع دقات قلبي من الاقتراب منه".
تحقيق رنا إبراهيم