لا شك أن هناك علاقة قوية بين الإبداع والإعاقة، ومؤكداً أن الله سبحانه وتعالى وهب الإنسان قدرة على التحمل تدفعه للخروج من كل ما يعوّق نشاطه الطبيعي، وهذه القدرة هي المحرك للكثيرين ممن يعانون الإعاقة لتحقيق مستوى من الإبداع يعجز عنه كثير من الأسوياء. فمن أين تبدأ تنمية أصحاب الهمم؟
إن تأهيل وتعليم وتدريب هذه الفئات الخاصة له ارتباط وثيق بموضوع التنمية، ولقد أدركت حكومة وقيادة دولة الإمارات مبكراً أن هناك إبداعات ومواهب كامنة عند أصحاب الهمم يجب صقلها ورعايتها تماماً كالأسوياء، ومن ضمن الجهود الحكومية الداعمة لهم إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، "السياسة الوطنية لتمكين ذوي الإعاقة"، وإطلاق اسم أصحاب الهمم بدلاً من ذوي الإعاقة.
للحديث عن تنمية أصحاب الهمم، أوضح الأستاذ محمد الغفلي، من أصحاب الإعاقة البصرية، ويشغل منصب عضو مجلس الإدارة ورئيس إدارة العلاقات العامة والإعلام في جمعية الإمارات للمعاقين بصرياً، أن الجمعية تعمل على دمج المعاقين بصرياً في المجتمع، واكسابهم المهارات الأساسية التي تجعل منهم أفراداً منتجين في المجتمع، وتسليط الضوء من خلال وسائل الإعلام على قضايا أصحاب الهمم، عدا عن دور الجمعية في إجراء البحوث والدراسات العلمية والميدانية التي تخدم أصحاب الإعاقة بصرياً، والعمل على إحياء النشاط التطوعي في المجتمع والتوعية بأهميته.
تمكين أصحاب الهمم
يشير الغفلي إلى أن الجمعية تحرص على تمكين واحتضان مواهب أصحاب الهمم، ومن ضمن المواهب التي تحتضنها الجمعية، تأتي موهبة الرسم والتمثيل، والحرف اليدوية عدا عن المواهب الفنية في العزف على آلة العود والبيانو وموهبة الصوت، وغيرها من المواهب التي يتم الإستفادة منها من خلال الفعاليات التي تقيمها الجمعية.
ويؤكد الغفلي أن دعم وتشجيع مواهب وقدرات أصحاب الهمم لها دور كبير في خلق مواهب إبداعية خلاقة في مختلف المجالات، ويقول موضحاً: " اليوم في الجمعية نفتخر بأن إثنين من منتسبي الجمعية من حملة شهادات الدكتوراة، وهم؛ الدكتورة منى الحمادي، الأستاذ المساعد في جامعة زايد، والدكتور أحمد الشامسي، الذي يعمل في المجلس التنفيذي بدبي، ويشغل منصب رئيس المجلس الاستشاري لأصحاب الهمم في هيئة تنمية المجتمع بدبي. ولدينا أشخاص التحقوا بالجامعات، فنحن نسعى في أن تكون شراكتنا مع الجهات التي لها علاقة بالمكفوفين ومنها المدارس ووزارة التربية والتعليم والاندية عدا عن وجودنا في المعارض واشراكنا في صنع القرار، حيث يتم الاستعانه بنا في جانب القوانين الخاصة بأصحاب الهمم".
ويضيف: "إن انخراطنا في المجتمع، يساعد في خلق بيئة اجتماعية متكامله تعرفهم باحتياجات أصحاب الهمم وإمكانياتهم وتقدم لهم فرص في التعليم والعمل والإشراك في صنع القرار".
تمكين أصحاب الهمم
يشير الغفلي إلى الحقوق التي يتمتع بها أصحاب الهمم في الدولة وفي إمارة الشارقة على وجه الخصوص والتي ساعدت في تنمية وتمكين إمكانياتهم، ويقول: " بعد إصدار القانون الاتحادي رقم (29) لسنة 2006 بشأن حقوق أصحاب الهمم، الذي صادق عليه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، وهو أول قانون يصدر في الدولة لحماية حقوق أصحاب الهمم. وينص القانون على الحقوق والرعاية والفرص المتساوية لذوي الاحتياجات الخاصة في مجالات التعليم والرعاية الصحية والتدريب والتأهيل، ويهدف إلى ضمان حقوقهم وتوفير جميع الخدمات في حدود قدراتهم وإمكاناتهم. إن هذا القانون أتاح الفرص لأصحاب الهمم في إبراز ابداعاتهم وتنميتها، وتعتبر إمارة الشارقة منذ الثمانينيات من القرن الماضي، وهي داعمة لذوي الإعاقة البصرية من خلال جميعة الإمارات للمعاقين بصرياً، ولجميع الإعاقات من خلال مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، ونادي الثقة للمعاقين، ويعتبر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية "أم المعاقين"، هما الداعم والممكن الأكبر لأصحاب الهمم، وكذلك لا ننسى تشكيل "رابطة تمكين النساء ذوات الإعاقة" التي نجحت في تمكين المرأة من أصحاب الهمم وتبنت قدراتها ومواهبها، كل هذه المبادرات ساهمت في توعية المجتمع في دعم أصحاب الهمم، وبالتالي منحهم الفرصة في اكتشاف مواهبهم".
من أين يبدأ اكتشاف المواهب؟
إن اكتشاف مواهب أصحاب الهمم وتنميتها تتطلب تظافر جميع المؤسسات في القطاعين العام والخاص، بحسب ما أكد عليه الغفلي، ويقول موضحاً: " تنمية مواهب أصحاب الهمم يحتاج إلى اهتمام جميع الجهات والمؤسسات المعنية، بدءاً من مراكز الناشئة والطفولة، ومراكز الشباب، ومركز الفنون عدا عن الجمعيات والاندية المختصة في حال دربت ودعمت في هذا المجال، بالإضافة إلى وزارة الثقافة وتنيمة المجتمع، والجهات المحلية المسؤولة عن الثقافة، عدا عن المدارس وهي البيئة لأولى لاكتشاف المواهب".
ويشير الغفلي إلى أن تنمية أصحاب الهمم تحتاج إلى وسائل، تتمثل في المكان المناسب لتدريبهم واكتشاف مواهبهم، ووجود مدرب يجيد فن اكتشاف هذه المواهبة وتنميتها، عدا عن التظاهرات المجتمعية المتمثلة بالفعاليات والمؤتمرات والملتقيات التي تبرز هذه المواهب، فضلاً عن دور وسائل الإعلام في التركيز على هذه المواهب.
5 نصائح في تنمية أصحاب الهمم:
- يقدم محمد الغفلي نصائح للمؤسسات والدوائر في الدولة لمساعدة أصحاب الهمم على تنمية مواهبهم، وهي:
- اتاحة الفرص لإبراز مواهب أصحاب الهمم، والعمل على استقطاب المواهب في البرامج والمسابقات.
- البحث عن كوادر وطنية لديها القدرة على تدريب أصحاب الهمم واحتياجاتها.
- ايجاد بيئة حاضنة وممكنة ومدعومة مادياً ومعنوياً.
- على وسائل الاعلام تسليط الضوء على مواهب أصحاب الهمم وانجازاتهم.
- توفير الفرص الاعلامية لاصحاب الهمم، وتقديم برامج ليس مشروطا أن يكون للمعاقين.
تحقيق رنا إبراهيم