يستطيع كل إنسان استخدام عواطفه لصالح نفسه وفي ترشيد سلوكه وبلورة شخصيته وفي تربية أبنائه بعواطف ذكية، وصولاً إلى عالمه المهني والمراكز القيادية، وتعرف هذه المهارة بـ " الذكاء العاطفي" وهي موجودة في شخصية جميع البشر ولكن بنسب متفاوتة وفي مجالات مختلفة. فما هو الذكاء العاطفي، وما هي أنواعه، وكيف نستطيع توظيف الذكاء العاطفي في حياتنا اليومية؟
توضح تانيا فاخوري Tania Fakhouri الخبيرة في الذكاء العاطفي، مفهوم الذكاء العاطفي، وتقول: "الذكاء العاطفي (EI) أو ما يطلق عليه الحاصل العاطفي (EQ) هو مقدرة الفرد على فهم العواطف بفاعلية والتحكم بها، وهو المسؤول عن تحديد ملامح علاقة الشخص مع ذاته ومع الآخرين، وهو عكس مفهوم الذكاء المتعارف عليه، فإن الذكاء العاطفي يتميز بالمرونة، ومن الممكن تحسين هذه المهارة من خلال الإدراك المتزايد والالتزام بالتغيير".
7 أنواع للذكاء العاطفي
ثمة 7 أنواع للذكاء العاطفي، تحددهم فاخوري، وهم كالتالي:
1- اللغوي: وهو القدرة على التعبير عما يدور في أفكارنا بالكلمات سواء كانت مكتوبة أو محكية.
2- المنطقي: وهو معرفة العلاقة بين السبب والنتيجة من خلال استخدام المنطق أو المبادئ الرياضية والأرقام.
3- السمعي والموسيقي: يتمثل في فهم العلاقة بين الصوت والإحساس من خلال الإصغاء للأصوات والإيقاعات المحيطة بغض النظر عن عما إذا كانت أصوات موسيقية أو أصوات أخرى.
4- الإحساس بحركة الجسم: ويكون من خلال البراعة في ضبط حركات الجسم وتنسيق حركة العين والجسد.
5- المساحي البصري: ويشمل الإدراك المرئي بحيث يرى الإنسان العلاقة بين معاني الصور والرموز في المساحة المحيطة ويطلق العنان للمخيلة.
6- تبادل العلاقات الشخصية: وتعني فهم العلاقات الإنسانية من خلال الملاحظة والإدراك الحسي لمشاعر الآخرين؛ مع القدرة على الارتباط ذهنيا مع الآخرين وتفسير السلوك وتبادل الأفكار.
7- داخل الذات: وتعني قدرة الشخص على اكتشاف ذاته، وإدراك علاقته مع البيئة المحيطة به.
فوائد الذكاء العاطفي
تؤكد فاخوري أن جميع البشر يتمتعون بميزة الذكاء العاطفي ولكن بنسب متفاوتة وبمجالات مختلفة. فليس بالضرورة أن يتمتع الأشخاص الذي يمتلكون ذكاءً عاطفياً في علاقتهم بأسرتهم، المهارات المطلوبة لاستخدام هذا النوع من الذكاء العاطفي في العمل. ولكن الأمر الجيد بأن الذكاء العاطفي من الممكن أن يكون مكتسباً، فمن خلال التدريب والتوجيه الصحيح يستطيع الإنسان الوصول إلى مستويات عالية من الذكاء العاطفي.
تحدد فاخوري فوائد الذكاء العاطفي، وتقول:"عندما يكون الإنسان على وعي بذاته ويستطيع التحكم بمشاعره ويراعي مشاعر الآخرين، سيؤثر ذلك حتماً على علاقته مع الأشخاص المحيطين به سواء على الصعيد الشخصي أو في العمل، وبالتالي بإمكاننا القول بأن الذكاء العاطفي يلعب دوراً حاسماً في تحديد شكل علاقتنا بالآخرين.
لتربية الأبناء:
غالباً ما يواجه الوالدين صعوبة في التعامل مع أولادهم، ويلقون باللوم على الطفل بأنه لا يستجيب لتعليماتهم وأوامرهم، في هذه الحالات بالذات يكون الذكاء العاطفي للأهل عاملا مهماً يساعدهم على تنشئة أطفالهم وفق طرق تربوية سليمة. توضح فاخوري أساليب تربية الطفل بالذكاء العاطفي، وتقول: " من الضروري أن ينتبه الوالدين لنبرة صوتهم عند التحدث مع أطفالهم، وتشجيعهم عند قيامهم بأمور جيدة ولكن في المقابل من الضروري معاقبتهم بطريقة معينة كأن يتم حرمانهم من مشاهدة برنامجهم المفضل عندما يسيئون التصرف. كما يجب أن يكونوا على وعي بمتطلبات كل مرحلة عمرية والتغيرات والحالة النفسية التي يمر بها أطفالهم والتعامل معهم بناء على ذلك. ففي مرحلة معينة يصبح الأطفال حساسون لاسيما في فترة المراهقة، ويرون في النصائح المقدمة لهم على أنها نقداً، لذا من الضروري المحافظة على علاقة مميزة معهم وأن يتخذهم الطفل مرجعاً وملاذا له عند الحاجة".
لحياة زوجية سعيدة:
يعد اختيار شريك الحياة الخطوة الأولى في الارتباط، ومن الخطأ أن تعتمد عملية الاختيار على العقل فقط، حيث تلعب المشاعر دور مهم أيضاً. تقول فاخوري: "أثبتت الدراسات العلمية أن الأزواج السعداء، يتميزون بامتلاكهم لذكاء عاطفي يميزهم عن أقرانهم، مما يجعلهم قادرين على بلورة علاقتهم وتفادي المشاعر السلبية التي قد تطغى على علاقتهم، لذا من الضروري أن يكون كل من الزوجين على وعي ودراية بأهمية تفهم مشاعر الآخر، وعلى الرغم من أنه لا يوجد علاقة زوجية خالية من المشكلات، إلى أن الزواج يكون مكتوب له النجاح لأن الزوجين لا يسمحان لهذه المشكلات بأن تؤثر على العلاقة بينهما فنجاح الحياة الزوجية يتوقف على الأخر".
يتمحور الذكاء العاطفي حول القدرة على قراءة مشاعر الذات ومشاعر الآخرين والتعامل معها بشكل ايجابي. وهناك إستراتيجية معينة لقراءة العواطف، توضحها فاخوري، وتقول: "يستطيع الزوج الذكي عاطفياً التعامل مع الحالة العاطفية والمزاجية التي تمر بها الزوجة بهدوء، لتجنب حدوث صدامات أو خلافات. وكذلك الأمر بالنسبة للزوجة التي تتمتع بذكاء عاطفي، حيث أنها بنظرتها الثاقبة للأمور، تقدر الوقت المناسب لإخبار زوجها بطلباتها وتقدر الحالة النفسية التي يمر بها بسبب ضغوطات العمل والحياة، فتترك له حيزاً من الحرية للقيام بالأمور التي يحبها والتي تساعد بدورها على تحسين الحالة المزاجية للزوج وبالتالي سينعكس ذلك على علاقتهما الزوجية".
لتحقيق النجاح المهني
تشير فاخوري إلى أن استخدام الذكاء العاطفي في العمل يساهم في تحقيق النجاح، ويكون ذلك من خلال تحويل السلبيات إلى إيجابيات، وتعزيز العلاقة مع كل من زملاء العمل والمدراء، وإبداء روح التعاون والسعي الجدي لحل المشكلات التي قد تواجهنا في العمل. كما أن الشخص الذي يتمتع بالذكاء العاطفي يمتلك القدرة على التحكم بمشاعره ويتحمل مسؤولية أفعاله. كل تلك الأمور مطلوبة لتحقيق نجاح على صعيد العمل.
القيادة بالعاطفة
من الأسهل على الشخص الذي يمتلك ذكاء عاطفي أن يتمتع بمواصفات قيادية. توضح فاخوري: "عادة الشخص الذي يمتلك الذكاء العاطفي، يكون قادراً على التحكم بعواطفه، ويمتلك القدرة على العمل تحت الضغوطات كما يقوم بتنظيم وقته وأولوياته بما يتناسب مع توجهات قادته، وإذا ما وضع بموقع قيادي، يطمح لأن يقود فريقه للأفضل، ولا يجعل عواطفه تتحكم بالأمور اليومية أو تؤثر على سير العمل".
أكدت فاخوري أن هناك العديد من الاختبارات الموجودة على شبكة الإنترنت والتي نستطيع من خلالها قياس نسبة الذكاء العاطفي، كما توجد عدة طرق لتحسين الذكاء العاطفي. فبحسب الدراسات الحديثة أصبح بالإمكان رفع نسبة الذكاء العادي الذي يولد به الإنسان، والذي كان غير قابل للتطوير فيما سبق. أما بالنسبة للذكاء العاطفي فعن طريق التدريب المتواصل وبإتباع إجراءات وتعليمات معينه ممن الممكن الوصول لأعلى نتيجة ممكنة من الذكاء العاطفي.