في كتابه الأول، يغوص سفيان سي مرابط، الصوت وراء "العربي الحائر"، عميقاً في تعقيدات الهوية العربية، ويمزج بين السرد الشخصي والسياق التاريخي. ويشاركنا كيف يمكن أن يكون قبول الحيرة مصدراً للقوّة والفخر.
ما الذي دفعك إلى تأليف كتاب؟
أعتقد أنّنا جميعاً نريد سرّاً أن نناقش جزءاً آخر من أنفسنا، وثقافتنا، وتساؤلاتنا... والكتاب هو شيء عظيم للقيام بذلك. إنّه يبقى ويدوم ويمكّنك من الرجوع خطوة إلى الوراء واستدراك الأشياء بشكلٍ مختلف تماماً عن لحظية وسائل التواصل الاجتماعي. لقد بدأت بالفعل في القيام بذلك على إنستغرام وكنت أشارك الأفكار على حسابي، حتى اتصلت بي دار نشر Belfond في فرنسا التي كانت مهتمة بطريقتي في التساؤل واستجواب نفسي وهويتي.
هل كان القرار سهلاً؟ وهل استغرق العمل عليه وقتاً طويلاً؟
لقد كان الأمر طبيعياً جدّاً بحيث رأيته كخطوة مكمّلة لشخصيتي على وسائل التواصل الاجتماعي، "العربي الحائر". لكن الأمر الأصعب كان تخصيص الوقت وكما قلت، تقبّل أنّني كنت أعمل على كتاب سيظلّ متاحاً مقابل منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي لها عمر محدود. استغرق منّي جزء البحث بعض الوقت إذ أردت التحقّق من الكثير من المعلومات. في المجمل، احتجت لعامين ونصف لكتابة الكتاب، وقد تطلّب انضباطاً معيّناً للتأكّد من أنّني سألتزم بالكتابة.
يستكشف كتابك الهوية من خلال مزيج فريد من السّرد والمقالات. هل يمكنك مشاركتنا كيف يعزّز هذا النهج الهجين النقاش حول الهوية العربية وكيف يختلف عن أشكال السرد التقليدية؟
لقد تعاملت مع تحرير هذا الكتاب بنفس الطريقة التي تعاملت بها مع هويتي العربية: أولاً كتجربة شخصية للغاية في عائلتي في فرنسا. ثمّ عندما كبرت بدأت أتساءل عن القصص العائلية وأتعامل مع موضوع الهوية بطريقة فكرية أكثر، وأربطها بالتاريخ وعلم الاجتماع. إنّ وجودنا جزء من سياق سياسي وتاريخي. إنّ تجاهل ذلك لا يساعد بأي حال من الأحوال في بناء هوية كاملة. إذَن، يحتوي الكتاب بالفعل على جزء سردي، خفيف أحياناً وجانب سياسي أكثر عمقاً يساعد العرب على إعادة صياغة ما مررنا به على المستوى الشخصي أو المجتمعي. غالباً ما تشاركنا قصصنا من خلال الروايات أو المقالات السياسية، لكن في الواقع لم يتمّ استكشاف المزيج بين قصصنا الشخصية والتاريخ، بينما نحن كعرب غالباً ما نجد نفسنا على مفترق طرق بين الاثنين.
لقد ذكرت أنّ "الحيرة" لا تتعلّق بالخجل، بل تتعلّق بالفخر بتعدّديتنا. كيف يؤثّر هذا المنظور على طريقة تناولك لمفهوم الهوية في كتابك؟
كانت الحيرة أمراً أساسياً بالنسبة لي لبناء هويتي. إنّها عملية مستمرّة لذا ما زلت في حيرة من أمري بشأن عدّة عناصر ولكنّها صحية. إنّها طريقة لإظهار أنّك لا تزال على قيد الحياة، وتبحث عن إجابات أو تسأل نفسك أكثر من مجرّد التأكيد أو التفكير في أنّك تعرف كلّ شيء. بناء نفسك ليس مشروعاً يتحقّق بين ليلة وضحاها، والسماح لنفسك بالشكّ والسؤال هو أمر مريح للغاية بالنسبة لي.
في سياق كتابك، كيف ترى دور الحنين في تشكيل فهمنا لمن نحن؟
الحنين ليس للخاسرين! الحنين هو خيار نتخذه لنتذكّر حلقات معيّنة من حياتنا أكثر من غيرها، وهو يعمل كمصفاة. هذا الاختيار هو الذي يشكّل من نريد أن نكون، أو على الأقل من سنكون. لبناء المستقبل "أنت"، عليك أن تختار ما ستتذكّره، وما ستحتفظ به من تراثك وثقافتك وغير ذلك الكثير. وهذا أقوى بالنسبة للعرب، حيث حدث هذا للكثير منّا من خلال الهجرة أو الجاليات. كم منّا يجد الحنين مريحاً لأنّه يذكّرنا بالأماكن التي نشأنا فيها، أو نشأ فيها آباؤنا.
يهدف عملك إلى المساهمة في نقاش أوسع حول الجاليات العربية ومستقبلها. ما هي بعض الأفكار أو الحجج الرئيسية من الكتاب والتي تأمل أن تلقى صدىً لدى القرّاء من خلفيات مختلفة؟
كان الكتاب، وهو صدىً لحساب "إنستغرام"، عبارة عن نقاش في البداية حول الهويات العربية للعرب. وهذا لا يعني استبعاد غير العرب، ولكن كان من المهم بالنسبة لي أن أعطي عناصر فكرية لأعضاء الجاليات العربية وكذلك للعرب في "أرضهم الأم". عناصر لمناقشة من نحن في بيئة آمنة، مما يؤدي إلى المزيد من حبّ الذات وفهم هوياتنا، وأنّ هناك عدّة طرق لنكون عرباً وليس هناك طريقة أكثر أهمية من غيرها. تنطلق كلّها من المكان الذي تعيش فيه وصولاً إلى دينك أو أبعد. أنا مقتنع حقّاً أنّه من خلال النظر إلى التجارب الرئيسية من تاريخنا، سنتعلّم الكثير عن قبول الذات، والتعامل مع التنوّع ولكن أيضاً سنكون أكثر حزماً بشأن موقفنا مقارنة بالأشخاص الآخرين في العالم. لكي نكون قادرين على محاربة الكليشيهات والاعتداءات التي نواجهها، نحتاج إلى معرفة من نحن بشكلٍ أفضل، وخاصةً من الناحية الثقافية.