أحمد المحسن وصناعة الفخامة

رجل الأعمال الإماراتي هذا لا يضع تصاميماً للمساحات فحسب؛ بل إنّه ينظّم التجارب. فبالنسبة لصاحب الرؤية وراء "فيلا أوميدان"، إنّ الفخامة الحقيقية لا تتعلّق بالثراء فقط ـ بل بخلق مساحات تبدو شخصية للغاية، ومتجذّرة في التراث، ومتّصلة بوعي إبداعي عالمي. يشاركنا رؤيته للأماكن التي لا تُرى فقط، بل التي نشعر بها بعمق، ويخبرنا كيف أنّ مزجه للتراث والحداثة يشعل ثورة ثقافية في التصميم.

 

لقد أنشأت مساحات تحتضن الفنّ، والتصميم، والجماعة ـ كيف تحدّد "الفخامة" في عالم يتحوّل بعيداً عن العلامات التقليدية للثروة؟

بالنسبة لي، تتعلّق الفخامة بالغاية وبالخبرة والتجربة أكثر منه بالبزغ والإفراط. يتمحور الأمر حول المساحات التي تبدو شخصية، ومدروسة، وغامرة ـ حيث يخدم كلّ تفصيل غرضاً معيّناً، ويكون لكلّ تفاعل عمقٌ وبُعد. مع ابتعاد العالم عن الثراء المادي، أرى الفخامة الحقيقية كشيء متجذّر في الأصالة، والحرفية، والشعور بالانتماء، وهذه أمور يُشعر بها أكثر مما تُرى.

 

غالباً ما يسدّ عملك الفجوة بين تراثك الإماراتي والوعي الإبداعي العالمي. كيف تجمع بين أفضل ما في العالمين في مشاريعك؟

أؤمن بسرد القصص من خلال المساحات، وتراثي جزء أساسي من هذا السرد. الثقافة الإماراتية غنية بالضيافة، والحرفية، والاتصال العميق بالطبيعة، وهي جميع العناصر التي أنسجها في كلّ مشروع. في الوقت نفسه، أشارك باستمرار في حركات التصميم العالمية، وأستقي الإلهامات من ثقافات مختلفة، وأترجمها إلى تجارب تبدو مألوفة، وجديدة، ومنعشة. الأمر يتعلّق بخلق حوار، ليس فقط بين الجماليات بل أيضاً بين التقاليد والحداثة.

 

"فيلا أوميدان" هي أكثر من مجرّد منزل خاص لأعضائه ـ إنّها مساحة تعزّز حسّ الإبداع والجماعة. كيف تقوم بتنظيم التجارب والتفاعلات التي تجري هناك؟

إنّ التنظيم في "فيلا أوميدان" عضوي وهادف للغاية. تمّ تصميم المنزل ليبدو وكأنّه امتداد لأعضائه ـ أشخاص هم فنّانون، ومفكّرون، وروّاد ثقافيون. إنّ الطريقة التي ننظّم بها التفاعلات، سواء من خلال اللقاءات والصالونات الحميمة، أو العشاءات التي يديرها فنّانون، أو التعاونات غير المتوقّعة، تهدف إلى تشجيع الروابط العرضية. فنحن لا نوفّر مساحة فحسب؛ بل نعمل على تشكيل إيقاع من التجارب الملهمة والممتعة.

 

من استوديو الزهور إلى استوديو البيلاتس، يروي كلّ عنصر من عناصر "فيلا أوميدان" قصة فريدة. لو كان عليك اختيار جانب واحد من الفيلا يشعرك بأنّه الأكثر ارتباطاً شخصياً برحلتك الخاصة، فما هو هذا الجانب ولماذا؟

استوديو الزهور، بلا شكّ. فنّ تنسيق الزهور هو سرد القصص في أنقى صوره ـ عابر، وعاطفي، ومرتبط ارتباطاً وثيقاً بالذاكرة. لطالما كانت رحلتي الإبداعية تدور دائماً حول ترجمة المشاعر إلى تعبيرات ملموسة، سواء من خلال التصميم، أو الضيافة، أو الفنّ. يجسّد استوديو الزهور هذه الفلسفة: فهو متغيّر باستمرار، وتعاوني، ومتجذّر في جمال اللحظة الآنية.

 

"فيلا أوميدان" هي أكثر من مجرّد مساحة؛ إنّها مركز ثقافي. كيف تعتقد أنّ مستقبل المساحات الفاخرة سيبدو في مدن مثل دبي، وكيف تساعد في تشكيل هذه الرؤية؟

إنّها تتّجه نحو الحميمية، والتخصيص، والعمق الثقافي. إنّها تتمحور أقلّ حول العظمة وأكثر حول خلق بيئات تبدو هادفة وجذّابة عاطفياً. في "فيلا أوميدان"، نعيد تعريف الفخامة من خلال التركيز على التصميم القائم على التجربة، حيث يأتي الناس ليس فقط ليُرَوْا في المكان ولكن ليشعروا فيه بشيءٍ ما.

 

إن كان عليك اختيار شيء واحد من أسفارك غيّر بشكل جذري الطريقة التي تنظر بها إلى التصميم أو الضيافة، فماذا سيكون؟

إيطاليا بلا شكّ. فالطريقة التي يتشابك بها التصميم والضيافة بسلاسة هناك، مع التركيز على الحرفية، والتراث، والأناقة السهلة، غيّرت وجهة نظري تماماً. لقد أثّرت فلسفة sprezzatura ـ وهو فنّ جعل شيء معقّد يبدو سهلاً ـ على الطريقة التي أتعامل بها مع مشاريعي. إنّها تتعلّق بالأصالة، وبالسماح للمواد والتفاصيل بسرد قصة، وفهم أنّ التطور الحقيقي يكمن غالباً في التوازن بين التقليد والابتكار.

 

أنت تسعى للحصول على درجة الماجستير في الإدارة الإبداعية بينما تدير مشاريع متعدّدة. كيف توازن بين الأكاديمي وريادة الأعمال؟ هل أحدهما يؤثّر على الآخر؟

التوازن يكمن في الحوار بين الاثنين. يوفّر عملي الأكاديمي البنية، والبحث، والنظرية، بينما تختبر مشاريعي باستمرار الأفكار في الوقت الفعلي. ما أتعلّمه في الإدارة الإبداعية ـ سواء عن القيادة، أو الاتجاهات الثقافية، أو سلوك المستهلك ـ يغذّي بشكلٍ مباشر كيفية تشكيل علاماتي التجارية. والعكس صحيح، فإنّ التحدّيات العملية لريادة الأعمال تجعل عملي الأكاديمي أكثر دقّة وقابلية للتطبيق في العالم الحقيقي.

 

تلعب الموضة، والطعام، والتصميم أدواراً محورية في مشاريعك ـ لو كانت حياتك عبارة عن مجموعة أزياء، فماذا سيكون موضوعها أو توقيعها المميّز؟

ستكون مجموعة تحتضن الفخامة الهادئة ـ الصور الظلية الخالدة، والملمس الخام ولكن المصقول، ولوحة الألوان المستوحاة من الطبيعة. أفكّر في التفاصيل المصنوعة يدوياً، والقطع التي تبدو شخصية للغاية، والمزيج السهل بين التقاليد والحداثة. نوع خزانة الملابس التي تحكي قصة مع كلّ خيط.

 

إن كان بإمكانك قضاء ٤٨ ساعة فقط في مدينة واحدة لاستلهام أفكار لمشروعك القادم، فأين ستذهب ولماذا؟

فرنسا. هناك شيء مميّز في الطريقة التي ينْحَبِكُ التاريخ، والحرفية، والثقافة معاً، لخلق نسيج الحياة اليومية التي تبدو ملهمة للغاية. سواء كان ذلك سحر بروفانس الهادئ، أو الطاقة الفنّية للريفييرا، أو الأناقة الخالدة لوادي Loire، فإنّ كلّ منطقة تقدّم درساً مختلفاً في التصميم والضيافة. إنّ الطريقة التي يتمّ بها تصميم وإنشاء المساحات بحيث تبدو هادفة وسهلة ـ التوازن المثالي بين التقليد والحداثة ـ تترك لديّ دائماً أفكاراً جديدة حول كيفية تشكيل التجارب ذات المعنى والأصالة.

 

لقد أصبحت مساحات المقاهي الخاصة بك، مثل If You Know You Know Café و Tomorrow Morning Café، بسرعة نقاط جذب. ما الذي برأيك يجعل مكاناً ما يبدو "حيوياً"؟ وما الذي يميّز طاقة المكان الذي يجذب الناس؟

يشعرنا المكان بالحيوية عندما يكون له روح ـ عندما لا يخدم وظيفة فحسب بل يخلق شعوراً أيضاً. يأتي ذلك من خلال وضع تفاصيل حسيّة متعدّدة: دفء الإضاءة، والطريقة التي تشكّل بها الموسيقى الحالة المزاجية بمهارة، وملمس المواد، والتفاعلات بين الناس. أفضل المساحات تبدو سهلة ولكنّها في الواقع هادفة للغاية. ينجذب الناس إلى الأماكن التي يشعرون فيها بأنّهم مرئيون، حيث تبدو الطاقة طبيعية وغير مفروضة. هذا ما أهدف إلى خلقه في جميع المقاهي الخاصة بي. وبالنسبة لمقهى IYKYK في دبي الذي يقع في "فيلا أوميدان"، فهو الآن منزل خاص بالأعضاء، وهو مخصّص فقط للأعضاء الذين ينتمون إليه.

المزيد
back to top button