من معابد راجستان إلى شواطئ اليونان، تحمل حقائب الرافيا أكثر من مجرّد مستلزمات الصيف الأساسية، بل تحمل قصصاً، وحرفاً يدوية، وسحراً خالداً.
بما أنّني أعيش في المملكة العربية السعودية، أصبحت عطلة الصيف الطويلة في الهند شبه طقس من الطقوس المقدّسة للانتقال إلى هناك ـ وقت لرؤية العائلة، والاستمتاع بعطلات قصيرة داخل البلاد وحولها، وزيارة المعابد. غالباً ما كانت هذه الزيارات تأخذنا إلى مناطق أكثر هدوءاً في راجستان. داخل تلك الأزقّة الضيّقة والمتاجر الصغيرة، كنت أجد أجمل الحقائب المنسوجة ـ الجوت والحرير جنباً إلى جنب ـ حيث يحتلّ النسيج اليدوي مكانة بارزة. وهكذا بدأ شغفي بحقائب اليد.
استُخدمت الألياف الطبيعية، مثل القش والرافيا والجوت وأوراق النخيل، لأغراض عملية في جميع أنحاء العالم على مدى قرون عديدة. حمل المصريون القدماء سلال القش للتخزين والنقل؛ واستخدمتها مجتمعات البحر الأبيض المتوسط في الزراعة وصيد الأسماك والسفر؛ واستخدمت الثقافات الآسيوية نسج القش لتغطية الطعام والديكور؛ واستخدمت الثقافات الأفريقية ـ وخاصة في مدغشقر ـ الرافيا في كلّ شيء، من ضرورات الاستخدام إلى متطلّبات الجمال؛ واستخدمت مناطق حوض الأمازون والأنديز في أميركا الجنوبية لآلاف السنين الألياف النباتية المحلية بطرقٍ لا حصر لها.
تروي هذه الألياف قصة قديمة قدم الزمان. تُصنع من خلال الحصاد اليدوي والنسيج المعقّد، وهي تقنيات متوارثة عبر الأجيال. تاريخياً، كانت هذه المواد متجدّدة وقابلة للتحلّل البيولوجي، وغالباً ما تُحصد بشكلٍ مستدام.
عندما نفكّر في الرافيا، نفكّر في سلال Paula’s Ibiza من Loewe. لطالما كانت حقائب القشّ هذه أكسسوارات صيفية عصرية للنساء في مناطق البحر الأبيض المتوسط وأوروبا منذ العصور الوسطى. ومؤخّراً، برزت حقائب القشّ في خمسينيات القرن الماضي. فأصبحت رمزاً للمكانة الاجتماعية ـ دلالات خفية على مدى غنى الأثرياء ـ وتطوّرت تدريجياً إلى قطع أصغر حجماً على شكل سلال نزهة عصريّة.
ثم جاءت Jane Birkin. قبل أن تجتاح حقيبة Hermès Birkin العالم، كانت جاين معروفة بجاذبيتها، وذكائها، وجمالياتها البوهيمية العفوية. غالباً ما كانت تُرى وهي تحمل حقيبة على شكل سلة من الخوص ـ وهي قطعة أزياء يومية مميّزة. سلة ضخمة مليئة بالمفاتيح ومستحضرات التجميل والأشياء التي تجدها في السوق، وأحياناً خبز باغيت. كانت الحقيبة الكبيرة تُزيّن أحياناً بوشاحٍ مربوط حول المقبض.
منذ ذلك الحين، بدأت مجموعات الصيف من جميع دور الأزياء الكبرى بدمج القشّ والرافيا وتقنيّات النسيج اليدوي. واليوم، يبتكر المصمّمون أنماطاً تتجاوز بكثير حقائب البحر الكلاسيكية: تصاميم مهيكلة، وحقائب ماكسي منحوتة، وحقائب كلاتش مضغوطة، وحقائب دلو، وحقائب كروس بودي ـ غالباً ما تمزج الرافيا أو القشّ مع الجلد والمعادن وعناصر فاخرة أخرى. وقد دفعت الابتكارات في التصميم وفي الواقية من تقلّبات الطقس هذه القطع إلى ما هو أبعد من الاستخدام الموسمي.
تبدو هذه الحقائب جذّابة لأسباب مختلفة: سحرها الطبيعي، وتعدّد استخداماتها الجمالية الريفية والعضوية التي تنضح بطابعها اليدوي والحرفي؛ والشعور المريح والسهل لإطلالة صيفية؛ والقدرة على التكيّف ـ بفضل التنوّع الواسع في الأشكال والألوان والأنماط المتاحة الآن. وفي الأحاديث الدائرة اليوم حول الاستدامة، ومع تزايد وعينا كمستهلكين، تتوافق طبيعة القشّ والرافيا القابلة للتحلّل الحيوي والمتجدّدة مع شعورنا المتزايد بالمسؤولية في الاستهلاك.
لذا، بينما تستعدّين لحزم أمتعتك الصيفية في حقيبة سفرك، ستصبح هذه المنتجات المميّزة بلا منازع قطعاً مميّزة ـ سواءً لحمل خبز الباغيت من مخبز صغير في جنوب فرنسا، أو الليمون الطازج من أسواق الفاكهة في صقلية، أو مستلزماتك الأساسية للحماية من أشعّة الشمس على شواطئ اليونان.