أصبحت ظاهرة معاكسات الشباب للفتيات موضة قديمة وربما شبه معدومة في مجتمعنا، بفضل القوانين الصارمة والعقوبات الكابحة التي تفرضها الجهات الأمنية في الدولة على كل من يجرؤ على ارتكابها، ولكن مع التطور التكنولوجي المتمثل في طرق التواصل الحديث ومنها الإنترنت والهاتف المتحرك المجهز بكاميرات عالية الدقة، أدى إلى ظهور ما يسمى بجرائم إبتزاز الفتيات التي يلجأ لها بعض الشبان في المجتمع، بهدف تحقيق مصالح خاصة، ومنها احتياجات مادية أو جنسية وربما نفسية.
حول واقع إبتزاز الفتيات في دولة الإمارات، يقول سعادة خبير اللواء خليل إبراهيم المنصوري مساعد القائد العام لشؤون البحث الجنائي: "إن الجرائم الإلكترونية في ازدياد مستمر في جميع أنحاء العالم وذلك بسبب الزيادة المطردة في أعداد المستخدمين ونظراً لتزايد لمواقع الالكترونية على شبكة الانترنت وقيام المنافسات المشروعة وغير المشروعة ونشير إلى أن إدارة المباحث الالكترونية عملها غير مقتصر على متابعة مواقع معينة بل يشمل جميع أنواع المواقع الإلكترونية من أجل تنظيم آلية لتفادي جرائم السرقة، والاحتيال، والغش المعلوماتي، والابتزاز من أجل الحصول على المال ومن أجل أهداف أخرى غير أخلاقية وقد تم رصد الكثير منها والوصول إلى مرتكبيها وتقديمهم للعدالة مع كآفة البراهين والأدلة، كون الإدارة تسعى لتحقيق توازن أكبر واستخدام آمن مما يؤدي إلى الشعور بالثقة والأمان.
أدوات الإبتزاز
تنوعت وتعددت الطرق التي يستخدمها المجني عليه في إبتزاز الفتيات، لكن في النهاية تبقى التكنولوجيا الحديثة، هي الأداة الأساسية والأولى في الإبتزاز، ويتحدث المنصوري عن الطرق المتبعة في إبتزاز الفتيات، ويقول: "أغلبية تلك الوسائل مكبلة بالتقنيات الحديثة، وهي: (الهواتف المتحركة، كاميرات التصوير الحديثة، المواقع الاجتماعية) وغيرها من الأجهزة والوسائل التي لا يكاد بيت من البيوت يخلو منها في وقتنا الحاضر والتي وجدت لخدمة الناس وتسهيل التواصل مع العالم الخارجي لا لتكون وسيلة تجلب الهموم والتعاسة للآخرين من خلال الاستخدام الخاطئ".
لا يمكن تحديد فئة عمرية للقائمين على عملية الابتزاز، لكن ذلك يعتمد على الهدف من هذا السلوك الخاطئ، ويوضح المنصوري: "إذا أردنا تحديد المواصفات الديموجرافية للجهة المبتزة التي يصدر منها السلوك الغير أخلاقي فيمكن القول أن ذلك يعتمد على الهدف من الابتزاز فكثير من الشباب يعمد إلى استخدام تقنيات المعلومات الحديثة ووسائل الاتصال المتطورة في ممارسة التهديد المباشر ضد الفتاة وتحريضها على ممارسة الرذيلة ومنهم من يستغل تلك التقنيات للحصول على المال وهنا يشترك في هذا التصرف الإجرامي غالبية الفئات العمرية ولا ينحصر على فئة معينة. على سبيل المثال الشباب من فئة 17 إلى 30 سنة الهدف من ابتزاز الفتيات معروف وواضح، ألا وهو الاستغلال الجنسي، وهذا لا يمنع وجود أسباب مادية في ذلك، وفي النهاية الأسباب تختلف على حسب الشخص القائم على هذا السلوك الغير أخلاقي".
تحصين الشباب
تشير الدراسات أن الأنثى أقدر على كبح رغبتها دون الذكر "العجول". لكن ماذا لو زل أحدهم في الحرام؟ من هنا يقدم الباحث الاجتماعي والتنموي عبد الله العطر، مجموعة من التوجيهات والنصائح إلى كل شاب، ويقول: "في البداية على كل شاب أن يدرك بأن الكون دائري ومكافئ، فكل ضرر لأنثى هو "عائد سلبي" عليه قد يصيبه مباشره أو يكون في قريب (ابنته أخته زوجته ..) وكلا الإصابتين مؤلمة. من جهة أخرى إذا حاولت فتاه تغريره عليه ان يرد عن ذلك الفعل بتكيفه مع معطيات الحياة، فالمغريات موجودة قدم الزمن، ولا يسلم منها إلا متكيف برا الشيء في أصله، فتلك الأنثى المنحنية ما هي إلا إنسان تدفعنا رغبه غير مدركة تجاه خيال جنسي يكون الخطوة الأولى في طريق الزلل، فانظر الشيء مجردا دون "خيالات وأحلام".
وينصح العطر، الشباب في حال غرتهم فتاه ممارسة رياضة مجهدة كالجري السريع، ثم توقف وراقب أفكارك أهي مثلها قبل أن تجري، استمر حتى تقل حدة تلك الأفكار إلى أقصاها، قم باستخدام الماء البارد في الاستحمام مركزا على منطقة أدنى الظهر، وبعدها تناول شراباً حامضا كالليمون والبرتقال وغيرها...
إن قضية توجيه الشباب على استغلال الإنترنت بالطريقة الصحيحة، مشكلة يعاني منها معظم أولياء أمور الشباب، وخاصة في مرحلة المراهقة، لذلك يقدم الباحث الاجتماعي، عبد الله العطر، مجموعة من النصائح الموجهة إلى أولياء الأمور، التي تساهم في تعويد الشباب على استخدام الإنترنت بالطريقة الصحيحة، وهي:
- يجب على الوالدين تحديد أهداف من تصفح الانترنت.
- تحديد وقت مناسب لا يتجاوز الساعتين في اليوم وعلى أن لا يكون ذلك الاستخدام ليلا.
- الاستمرار في سؤال الشاب حول استفادته من التصفح.
- محاولة إيجاد قدوة حسنة استفادت من الانترنت، وتشجيعه على التشبه به.
الأم مدرسة الفتاة
إن وقوع الفتاه في فخ الابتزاز، مشكلة تقع على عاتق الفتاه وعائلتها سوياً، لذلك على الأم التعامل مع ابنتها بطريقة مثالية ترشدها وتوجهها لتجنب الوقوع في فخ الإبتزاز، ويوضح العطر، الأسلوب الذي يجب ان تتبعه الأمهات مع بناتهن، ويقول: "على الأمهات زراعة الثقة في نفوس بناتهن، كما يجب معاملة بناتهن كصديقة من هنا يزال جدار الخوف والخجل، ويجب على الأمهات مراقبة حديث بناتهن، فإذا لاحظت الأم أن ابنتها تتحدث عن الحب أو الغرام أو الزواج أو أحد المشاهير، هذا يدل على وجود أفكار ما وتحتاج إلى مناقشة مستعجلة، يجب على الأمهات مشاركة بناتهن تصفح الإنترنت وتوجيههن إذا كن ليهن خبرة في التعامل مع الإنترنت، أو طلب المساعدة منهن في تعلم الإنترنت، كما يجب تخصيص وقت محدد لاستخدام الإنترنت، وتجنب استخدام الإنترنت في أوقات متأخرة من الليل، حيث تجول الذئاب، ويجب على الأم متابعة ابنتها وسؤالها حول استفادتها اليومية من استخدام الإنترنت".
لماذا الفتاه معرضة للابتزاز؟
ثمة أسباب اجتماعية وأخرى نفسية تجعل الفتاه عرضة للابتزاز من قبل بعض الشباب، يحددها عبد الله العطر، وهي:
1- عدم وجود الحضن الدافئ والمشاعر الصادقة التي تحتاجها الفتاة من المنزل.
2- العاطفة العالية لبعض الفتيات، التي يستغلها بعض ضعفاء النفوس.
3- رعب الفتاة من شبح العنوسة حتى وإن كانت صغيرة بالعمر.
4- إعتقاد بعض الفتيات بأن العلاقة مع الجنس الآخر هي عبارة عن تسلية لا غير.
5- الفراغ وعدم وجود أهداف في الحياة.
6- ضعف الوازع الديني.
تحقيق رنا إبراهيم