زاد وزن زوجتي بعد الحمل، فخجلتُ بها

عندما تزوّجتُ من مُنى، كان قوامها جميلاً وملامحها لطيفة ولكن الذي شدّني إليها، كانت طيبتها وتفانيها لي. فأنا ككل الرجال، أحبّ أن تهتمّ بي المرأة لأنّني أعتبر هذا واجباً تجاهي كوني رجلاً مميّزاً بكل شيء: بوسامتي وذكائي وبنجاحي الإجتماعي. وبما أنّ مُنى لم تكن غبيّة أبداً، فهمَت أنّ عليها مجاراتي بكل شيء والتنحّي أمام رغباتي.
تزوّجنا وإرتأيتُ أنّ علينا أن نرزق بطفل فوراً ليكون لديّ عائلة ووريث يحمل إسمي ومزايايَ الحميدة. كانت مُنى تفضّل الإنتظار لتتمتّع بحياتها الزوجيّة معي ولكنّني أقنعتها أنّ الوقت ثمين ولا يجب هدره. وهكذا حمِلت بسرعة وبعد تسعة أشهر، أعطتني وسيم. كنتُ ممنوناً منها، فإشتريتُ لها سيّارة جميلة كمكافأة لها. ولكنّ وزنها كان قد زاد كثيراً من جرّاء حملها ولم تعد الإنسانة الرفيعة التي أحببتها. حاولتُ إقناعها بإنزال هذا الوزن الزائد ولكنّها لم تستطع، لأنّها كانت ترضع إبننا. كان بإمكاني الإنتظار أو القبول بالوضع ولكنّني غضبتُ منها، لأنّني معتاد على أن أنال مرادي وبسرعة. جلبتُ لها مساعدة لكي يكون لديها الوقت الكافي للإهتمام بنفسها ولكنّها كانت دائماً مشغولة بإبننا تحت ذريعة أنّه بحاجة إليها، بينما كنتُ أريدها أن تكون متألّقة معي في العشوات التي كنتُ مدعوّ إليها. ولأنّها أصبحَت سمينة، بدأتُ أخجل من أن يراني أحد معها. لذا لم أعد أصطحبها معي وباتَت تبقى لوحدها في البيت. لاحظَت أنّني أتفادى أن يرانا الناس سويّاً وحزنَت كثيراً، لكنّها لم تقل شيئاً، ربما خوفاً مِن أن تسمع الحقيقة منّي، فإنصبَّت كليّاً على تربية وسيم وكأن لا شيء آخر يهمّها. وهكذا دخلنا دوّامة، فأصبحَت حياتي حياة رجل أعزب لا يأبه لشيء وأصبحَ كل ما يتعلّق بالبيت يزعجني حتى الولد الذي أردتُه بشدّة. ولسوء حظّي، كان جميع الذين يحيطونني أناساً مثلي لا يهمّهم سوى نفسهم، فلو كان لي صديق عاقل، للَفَتَ نظري على ما يحصل، أي أنّني أتجه بسرعة إلى الهاوية.
وإنقطعَت علاقتي الجنسيّة مع مُنى، أوّلاً لأنّها لم تعد تجذبني بقوامها الضخم وثانيّاً لأنّني لم أسامحها على عدم طاعتها لي بإنزال وزنها. وبما أنّني كنتُ أفتقد للمسة إمرأة، بحثتُ عمّن يعطيني ما كان ينقصني. ووجدتُ منال التي لم تكن تتحلّى بأيّة ذرة أخلاق ولكن بقوام لا يقاوم وجعلتُ منها عشيقتي. وأصبحَت هي التي تجلس بقربي في اللقاءات الإجتماعيّة دون أن يشكّل لي هذا أي تأنيب ضمير. فبنظري، كنتُ أفعل الصواب، لأنّني أستحقّ أن أعيش الحياة الذي أختارها. أجل كنتُ بغيضاً وكنتُ أحبّ هذا الشعور. ولكنّ منال كانت متطلّبة لا ترضى إلّا بما هو الأفضل والأغلى ثمناً ولم أرفض لها طلباً. ولكي أحتفظ بها كان عليّ إشباع رغباتها وكان الثمن غاليّاً. فأوّل شيء أرادَته كان سيّارة زوجتي. قلتُ لها أنّني سأشتري لها واحدة اخرى أجمل وأحدث منها ولكنّها أصرّت على تلك بالذات، ربما لإثبات مكانتها في حياتي. ودون أي خجل أخبرتُ مُنى أنّني سآخذ مركبتها منها لأنّها لا تستعملها ولا عازة لها بها. نظرَت إليّ بأسف وهزّت برأسها ولكنّها لم تتفوّه بكلمة واحدة. قامَت من مكانها وجلبَت لي المفاتيح والأوراق ودخلَت غرفة طفلنا وأغلقت الباب وراءها. وفي تلك اللحظة لم أشعر بأي أسف، بل فرحتُ لأنّها لم تسبّب لي أي شجار. حمدتُ ربّي لأنّني إخترتُ زوجة هادئة ومطيعة وركضتُ أعطي السيّارة لمنال وأحصل على مكافأتي منها. وقضينا ليلة تُذكر ونمتُ والبسمة على وجهي.
في هذه الفترة كنتُ كمن فقدَ عقله، أقضي وقتي كلّه خارج المنزل وحتى خارج مؤسّستي، ما سبّب لي بفقدان مبالغ كبيرة. فإلى جانب المال الذي كنتُ أصرفه على عشيقتي، لم أكن أجني كفاية لتغطية العجز. وبدأت منال تشتكي من هدايايَ ومن قلّة المصروف الذي كنتُ أعطيها إيّاه شهريّاً لكي تشتري لنفسها الفساتين الجميلة لترتديها عندما كنّا نخرج سويّاً. ومن جرّاء هذا الوضع، أصبح مزاجي بشعاً جداً أصبّ غضبي على زوجتي وطفلي. وإستمرّ الوضع هكذا حتى أن قررتُ أن أترك نهائيّاً البيت لأتحرّر من هذا الإرتباط الذي كان يخنقني، على أمل أن أرتاح قليلاً وأفكّر بطريقة لجني المال.
لم تمنعني مُنى من الرحيل، لأنّها هي الأخرى لم تكن تريد أن تكون معي بعدما سئمت من حياتها كزوجتي وطلبَت منّي الطلاق. وأحد شروطها كان أن تحتفظ بالولد والمنزل فأعطيتها ما طلبَته بكل سرور. وإستأجرتُ شقّة صغيرة جداً وبالطبع لم تعجب منال التي لم تكن معتادة على هكذا وضع ولكنّني طلبتُ منها أن تصبر قليلاً ريثما تسمح لي ظروفي بالإنتقال إلى مكان يليق بها. ولكنّ صحّتي تدهوّرت من جرّاء حياتي الفاحشة وإفتقدتُ الحيويّة اللازمة لإعداد المشاريع المربحة وأصبتُ باليأس، خاصة أنّني كنتُ أدرك أنّ عشيقتي لن تبقى طويلاً معي، إذا لم أفعل شيئاً وبسرعة. ولم يكن أمامي سوى الميسر لأحصل سريعاً على المال وبدأتُ أقصد منزل أحد معارفي حيث كانت تقام سهرات البوكر والروليت. في البدء وكما يحصل عادة، كنتُ أربح فتشجّعتُ وبدأتُ ألعب بمبالغ أكبر وخسرتُ الكثير. ثمّ أخذتُ ديناً من أحد اللاعبين وخسرته أيضاً وتراكمَت الديون عليّ وأصبح من المستحيل تسديدها. وذهبتُ لعشيقتي وطلبتُ منها أن تعطيني ما إشتريته لها لكي أبيعه ولكنّها رفضَت:

- أنا آسفة ولكنّني لستُ مسؤولة عن ديونكَ.

- ولكنّني مديون بسببكِ!

- لم أجبركَ على شيء... لقد إستمتعتَ برفقتي وهناك ثمن لهذا...

- قد أدخل السجن أو أُقتل على يد هؤلاء المرابين!

- هذا ليس شأني... على كل حال بدأتُ أسأم منكَ... هناك رجلاً جديداً في حياتي... إنّه سخي جداً على عكسكَ... الوداع!

وهكذا وجدتُ نفسي في حالة مذرية بعدما فقدتُ كل شيء. كم كان بعيداً زمن الرخاء والسعادة! كان لي زوجة وولد وعمل مربح ومنزل جميل وها أنا أعيش كالجرذ مختبئاً لكي لا يجدني من أقرضني المال. وفي ذات ليلة ربحتُ مبلغاً كبيراً على طاولة القمار وركضتُ أسدّد ديوني خوفاً من أن ألعبه وأخسره. وإرتحتُ قليلاً من هذا الهمّ الكبير وبدأتُ أفكّر بوضوح أكثر. كان قد مرّ على طلاقي أكثر من سنة وكنتُ قد إشتقتُ لعائلتي الصغيرة. فقررتُ أن أذهب إلى منزلي القديم لأرى إن كانت مُنى قد تقبل بي مجدّداً. وعندما فتحَت لي الباب نظرتُ إليها بدهشة لأنّها كانت تبدو رائعة الجمال. إبتسمَت وقالت:

- ما الأمر؟ ألا يعجبكَ ما تراه؟

- بالعكس! لقد فقدتِ كل وزنكِ الزائد!

- أجل... كنتُ أحتاج إلى بعض الوقت ولكنّكَ...

- أعلم... لم أصبر... إقترفتُ أخطاء كثيرة... أكره ذلك الإنسان الذي لم يكن يقدّر شيئاً ويحسب أنّ الناس تحصيل حاصل له... كيف وصلتُ إلى هذا الكمّ من الأنانيّة لا أعلم...

- وماذا تريد؟ لماذا جئتَ؟

- أعلم أنّكِ تأذيتِ منّي كثيراً ولكن إعلمي أنّني ما زلتُ أحبّكِ...

- أنتَ لم تحبّني يوماً! لن تستطيع إقناعي بعكس ذلك... وإلّا ما فعلتَ بي وبإبني كل هذا...

- أعطني فرصة واحدة فقط وسترين كم أنا جاد!

وقبل أن أكمل جملتي، ظهر رجل في الباب وسأل مُنى من أكون فأجابَته:

- إنّه أب ولدي... أتى ليطمئن عليه وهو راحل الآن.

نظرتُ إلى مُنى بتعجّب فقالت لي:

- هذا زوجي... ساعدَني لأجتاز وحدتي وحزني ويعامل وسيم وكأنّه ولده... وأخيراً أصبح لإبني أب حقيقيّ.

وأقفلَت الباب بوجهي ووقفتُ أنظر إلى المنزل الذي كان مِن المفترض به أن يكون عشّنا الصغير نعيش فيه نحن الثلاثة إلى الأبد.

حاورته بولا جهشان

المزيد
back to top button