حبّي لِزوجة عمّي سبّبَ لنا فاجعة

"إنتِقامي منكَ ومِن أمّكَ سيكون عظيماً! لاتنسى ذلك أبداً!" هذا ما قالَته لي صونيا قبل أن تختفي مِن حياتي، وعلمتُ أنّها لم تكن تمزح وتحضرّتُ لكل شيء إلاّ للذي فعلَته بنا تلك المرأة. والأفظع، هو أنّني كنتُ السبب بما حلّ بنا.

كل شيء بدأ منذ سنين عديدة، عندما كنتُ صغيراً وتزوّجَ عمّي مِن صونيا التي كانت آنذاك صبيّة جميلة. ورغم فارق العمر بيننا، أتذكرّ جيدّاً إعجابي بها عندما أتَت لزيارتنا في أوّل مرّة. جلستُ قربها ووضعَت يدها على رأسي وإبتسمَت لي بحنان. ومنذ تلك اللحظة لم أعد أفكرّ بسواها، فباتَت تجسّد بالنسبة لي، صورة المرأة المثاليّة. ولكنّه كان مجرّد حبّ بريء ولم يتصوّر أحد أنّ يوماً سيأتي ونصبح فعليّاً سويّاً. وكان عمّي رجلاً قاسياً لا يحسن التصرّف مع الناس وخاصة مع النساء ورغم تدخلّ أبي لتوجيهه، بقيَ الرجل يسيء معاملة زوجته حتى أن طفح الكيل معها وطلبَت منه أن يُطلق سراحها. ولكنّه رفضَ خوفاً على سمعته التي كانت مهمّة بالنسبة له وإرتأى أنّ أفضل طريقة لِجعل صونيا ملزمة على البقاء معه، هي ان تحمل منه. وهكذا حصل وإرتاح عمّي. ولكنّ زوجته لم تكن تنوي الرضوخ له، فقرّرَت أن تُسقط الطفل الذي لم يكن نتيجة حبّ شخصَين لِبعضهما. ويوم ذهابها إلى القابلة التي كانت ستساعدها على الإجهاض، أخذَتني معها لكي لايشكّ أحد بشيء. وقبل دخولنا إلى منزل المرأة، جعَلَتني أقسم لها بألاّ أخبر أيّ كان بالحقيقة وأنّ الأمر سيبقى سرّنا نحن الإثنين. وكنتُ فخور بأنّها إختارَتني أنا بالذات لِهكذا مهمّة ووعدتُها بالصمت. وحين خرجَت مِن الغرفة، أخذَت ذراعي وساعدتُها على المشي ومسحتُ دموعها. وولِدَت بيننا مودّة خاصة كانت ستكبر مع الوقت لِتتحوّل لاحقاً إلى حبّ قوي.

فبعد أن يئسَ عمّي على جعل زوجته تقتنع بالبقاء والرضوخ إليه، أصبحَ يهملها ويغيب عن المنزل لأيّام ليذهب مع نساء أخروات. وبقيَ الأمر هكذا لمدّة سنين وكنتُ خلالها سلوة صونيا الوحيدة. كنا نقضي ساعات نتحدّث عن أشياء كثيرة وكنتُ أقضي معظم الليالي عندها. ولكن لم يحدث شيء بيننا في تلك الفترة لأنّ مشاعرنا لِبعضنا لم تكن واضحة بعد. وجاءَ خلاص صونيا عن يد سائق ثمل حين صدَمَ عمّي وهو يعبر الطريق في ذاك ليلة وأصبَحت بلحظة أرملة حرّة. ولم أعلم بحقيقة مشاعرها تجاهي إلاّ بعد مراسيم الجنازة، حين جاءَت إليّ وطلبَت منّي أن أنام عندها لأنّها تخاف مِن فكرة البقاء لِوحدها. وفي تلك الليلة بالذات إعترفَت لي بأنّها لا تفكرّ سوى بي وبأنّها مغرمة بي. وحين سمعتُها تقول هذا، قبّلتُها بحرارة وأقسمتُ لها بأنّ حبّي لها سيكون على قدر توقعّاتها وأنّني لن أترك جانبها أبداً. نظرَت إليّ مطوّلاً، ثم قالت:

 

 

ـ هناك فرق كبير في السنّ بيننا... وأنا زوجة المرحوم عمّكَ...

 

ـ وإن يكن!

 

ـ سيحاول الناس التفريق بيننا... هل أنتَ قويّ كفاية؟ إن لم تكن فأرجوكَ أن ترحل الآن... لن أتحمّل خيبة أمل ثانية...

 

ـ صحيح أنّني لم أبلغ الثامنة عشر بعد ولكنّني أقوى مِن ألف رجل! لن يستطيع أحد إبعادي عنكِ!

 


وتعانقنا وفي تلك الليلة تعرّفتُ بِفضلها على ملذّات الجسد وخلتُ نفسي في الجنّة. وبقيَت علاقتنا سريّة، حتى جاء يوم وطلبَت أمّي أن تكلّمني في موضوع خاص. دخَلت غرفتي وجلسَت على سريري وقالت لي:

 

ـ حبيبي... أصبحتَ رجلاً الآن ولا يجوز أن تذهب إلى منزل زوجة عمّكَ هكذا... الناس...

 

ـ وما دخل الناس؟

 

ـ ربما لا تقدّر بعد تأثيرهم على حياتكَ... لاتزال صغيراً

 

ـ لستُ صغيراً!

 

ـ أعني أنّه ليس لديكَ الخبرة اللازمة بعد... صونيا أرملة شاّبة وجميلة وأخشى أن...

 

ـ لا أريد أن أتكلّم بالموضوع! سأظلّ أذهب إلى بيتها ولن يقف بوجهي أحد! كانت صونيا على حقّ!

 

وحين قلتُ ذلك، أدركَت أمّي أنّ شيئاً يجري بيني وبين صونيا وقرّرَت طبعاً أن تضع حدّاً لعلاقتنا. ولِصغر سنيّ، لم أقدّر خطورة الوضع وإعتقدتُ أنّني سأتابع حبّي بسلام لولا زيارة والدتي لحبيبتي. فبعد أن جلستا سويّاً، طلبَت أمّي منها أن تكفّ عن التعاطي معي وأنّ ما تفعله ليس مقبولاً لأنّه مِن الواضح أنّها تستغلّني لإشباع رغبات جنسيّة شاذة. لم تجاوبها صونيا، بل إكتفَت بالإستماع إليها وحين وافيتُها أخبرَتني عن الذي حصل. غضبتُ كثيراً وعرضتُ عليها أن نهرب سويّاً إلى مكان بعيد. عندها سألَتني:

 

ـ وهل ستتزوّجني؟

 

ـ بالطبع! فأنا مُغرم بكِ إلى أقسى درجة ولا أتصوّر حياتي مِن دونكِ

 

ـ حسناً... لأنّني حامل منكَ وأنوي إبقاء الطفل هذه المرّة... لن تعرف أبداً كم كان من الصعب علي إجهاض جنيني الأوّل... لا يدرك ذلك مَن لم يذق طعم مصيبة كتلك التي مررتُ بها.

 

وخطّطتُ بتمعّن للهروب مع حبيبتي ولكن قبل الموعد بيومين، كلّمني أبي قائلا:

 

ـ يا بنيّ... أخبرَتني أمّكَ بالذي يدور بينكَ وبين صونيا... إنّها زوجة المرحوم أخي وأعرفها جيدّاً... إنّها إمرأة سيّئة وعانى منها زوجها كثيراً... كانت تقيم العلاقات مع كل مَن يقرع بابها...

 

وأخبرَني فظائع عنها وصدّقتُها كلّها وعدَلتُ عن مشروعي. وإنتظَرتني صونيا ولم آتي ولم أعد أجيب على مكالماتها حتى أن وجدَت نفسها مُرغمة على الإجهاض مجدّداً خوفاً مِن الفضيحة. ولم تسامحني على ذلك أبداً، فكانت قد خسِرَت طفلها الثاني ما جرحَها إلى أقصى درجة. وتحوّلَت إلى وحش ضارٍّ وصمّمَت على الأنتقام منّي ومِن الذي فرّق بيننا أي والدتي. وقبل أن تنفذّ ما كان يدور برأسها، جاءَت إلى بيتنا وقرَعَت الباب بقوّة وحين فتحتُ لها أخبرَتني أنّها لن تسكت عن الذي فعلناه بها. ولم يمرّ على مجيئها أسبوع حتى أن وقعَت الفاجعة. كنتُ قد ذهبتُ مع والدي إلى الجبل لمساعدته في بيع محصولنا وكنّا مجبورَين على قضاء الليل هناك حين جاءَنا الخبر. وركضنا إلى منزلنا كالمجانين لنجده محروقاً بأكمله وأمّي ميّتة بعدما خنقَها الدخان الكثيف في سريرها. ولم أصدّقهم عندما قال لنا رجال الأطفاء أنّ ما حدث كان نتيجة إهمال، بل كنتُ متأكدّ أنّ لِصونيا يد بالذي حصل ولكنّني لم أكن أملك إثباتاً على ذلك. وشيء بداخلي قال لي أنّني مسؤول عمّا حصل وتمنيّتُ لو كانت أمّي لا تزال حيّة وكنت أنا الذي مات بدلاً عنها. وفي اليوم التالي علِمتُ أنّ صونيا غادرَت منزلها دون أن تقول لأحد إين هي ذاهبة. ومنذ ذلك الحين لم أعرف عنها شيء وبقيتُ أسأل نفسي ما كان قد حصل لو لم أسمع مِن أهلي وأخذتُ حبيبتي ورحلنا بعيداً نعيش حبّنا بسلام مع طفلنا.

 

حاورته بولا جهشان

المزيد
back to top button