تزوّجتُ مِن إبنة عشيقتي

لم أحبّ زوجتي يوماً والسبب الوحيد الذي جعلني أختارها، هو أنّها إبنة المرأة الوحيدة التي إستطاعت دخول قلبي. بدأَت القصّة منذ سنين طويلة، عندما كنتُ ما زلتُ في العشرين من عمري. وفي ذلك الحين جاءَت ريحاب مع زوجها وإبنتها البالغة من العمر عشر سنوات للعيش في الشقة المقابلة لشقّتنا. رحّبنا جميعاً بهم وسرعان ما أصبحَت أمّي صديقتها، تقضيان وقتهما إمّا عندنا إمّا عندهم. لا أخفي أنّها لفتَت إنتباهي كثيراً رغم فارق العمر، لأنّها كانت إمرأة جميلة جداً وذكيّة ومثقّفة ورأيتُ فيها الأنوثة بحدّ ذاتها. في البدء كان الأمر مجرّد إعجاب كما يحصل لكل الشبّان في هذا السنّ ولولا تشجيع ريحاب لي، لنسيتُها بعد فترة وأحببتُ غيرها. ولكنّها لاحظَت نظراتي وإهتمامي بها عندما تأتي لِزيارتنا وصارَت تبادلني تلك النظرات وتضيف إليها بسمتها السحريّة ما جعل قلبي يخفق بسرعة بمجرّد التفكير بها. ولكنّني لم أصدّق أنّ إمرأة في الثلاثين من عمرها وبهذا الجمال قد تُعجب بي، فلم أتجرّأ على البوح لها بمشاعري.


ولكن في ذات يوم ووبينما كان زوجها مسافر وأهلي في الجَبَل، جاءَت ريحاب وقرعَت بابنا. فتحتُ لها وقلتُ:

- مرحباً... أنا آسف ولكنّ أمّي ليست هنا ولن تعود قبل المساء.

- أنا لم آتِ لرؤية أمّك... بل لرؤيتكَ... نحن لا نعرف بعضنا جيّداً فهناك دائماً أناس حولنا... هل ستعرض عليّ الدخول أم ستبقيني واقفة على الباب؟

- آسف... طبعاً... أدخلي...

- سمعتُ أنّ قهوتكَ لذيذة...

وأدخلتُها وحضّرتُ لها فنجان قهوة وبدأنا نتكلّم عن أنفسنا. أخبرَتني أنّها تعاني من غياب زوجها المستمرّ وعدم إهتمامه بها وأنّها تشعر بالوحدة رغم وجود إبنتها، لأنّ ما ينقصها هو حنان وحبّ رجل يفهمها ويقدّرها. لم أعلّق على الموضوع خوفاً من أن أقترف خطأ كبيراً، فتركتُها تكمل حديثها لأرى إن كنتُ قد فهمتُ قصدها. وجاءَني التأكيد بعد ثوان، عندما قامَت من مكانها وجاءَت تجلس بقربي. ثمّ وضعَت يدها على فخذي ونظرَت في عينيّ وسألَتني:

- هل أنتَ الرجل الذي أبحث عنه؟

- أتمُنى أن أكون هو...

وقبّلَتني على فمي وشعرتُ أنّ الأرض تدور بي لكثرة فرحتي، فكانت هذه أوّل مرّة أقبّل أحداً. ولم تكتفِ ريحاب بهذا بل أخذَتني إلى غرفة نومي وجعلَتني أخلع ثيابي ومارسنا الحب على سريري. أمضينا ساعات ممتعة جدّاً وإكتشفتُ عالماً جديداً مليئاً بالملذّات والمشاعر. وعندما إنتهينا ولبستُ ثيابي قالَت لي:

- أتمُنى أن يبقي ما حصل بيننا سرّاً... زوجي لا يمكنه أن يعرف بالأمر فقد يؤذيني... إقسم لي!

- أقسم لكِ أنّ لا أحد سوانا سيعلم شيء...

- حتى آخر يوم في حياتكَ؟

- حتى آخر يوم وحتى من بعد مماتي.

وعادَت ريحاب إلى شقّتها وأنا غرقتُ في النوم لكثرة التعب. وهكذا أصبحنا عشّاقاً نرى بعضنا عندما يكون الآخرين منشغلين وكلّما كانت تترك سريري كنتُ أشعر أنّ قطعة منّي رحلَت معها. فمعها عشتُ قصّة يحلم بها كل شاب وتعلّمتُ أسرار الجنس وكيف أعطي من نفسي لِمَن أحبّ. إستمرَّت علاقتنا سنيناً طويلة، فللحقيقة لم أرَ الوقت يمرّ لأنّها كانت دائماً موجودة ولم أشعر بالحاجة إلى البحث عن إمرأة غيرها. ولماذا أفعل؟ ولكنّ أهلي كانوا مصرّين على أن أتزوّج وأؤسس عائلة وفي كل مرّة كنتُ أختلق الأعذار. تارة كانت دراستي وتارة أخرى عملي المتعب ولكن الوضع تغيّر بعد أن نلتُ مركزاً مرموقاً في المصرف وأصبح راتبي العالي يمكّنني من الزواج والإنجاب. ووكّلَت أمّي ريحاب بالتكلّم معي في الموضوع. كان الأمر مضحكاً جداً، فكانوا قد إختاروا الشخص الغير مناسب لهذه المهمّة. وفي يوم من الأيّام قالَت لي عشيقتي:


- ربّما عليّ ترككَ... أو حتى ترك المبنى كلّه... ستستطيع حينها إكمال حياتكَ... لا أريد أن أكون السبب في تعاستكَ...

- إذا رحلتِ سأموت! سأقتل نفسي! أنتِ سبب فرحتي وليس تعاستي... ومنذ عشر سنين أعيش معكِ أجمل قصّة حبّ... ولولا أنّكِ متزوّجة ولكِ بنت لكانت العلاقة مثاليّة ولكنّني قبلتُ بوضعكِ منذ الأوّل وإعتدتُ عليه... أحبّكِ أكثر مما تتصوّرين...

- لديّ فكرة... وأرجو أن تسمعني حتى النهاية... أريدكَ بقربي إلى الأبد ولكنّ أهلكَ مصرّون على تزويجكَ... وأخشى أن أخسركَ...

- هذا لن يحصل أبداً!

- دعني أكمل... لما لا تتزوّج من إبنتي مُنى؟ بهذه الطريقة سنصبح عائلة واحدة لا يفرّقها شيء.

- مُنى؟ ولكن...

- لكن ماذا؟

- إنّها فتاة عاديّة... هادئة... لا رأي لها ولا طموح...

- ما يجعل منها الزوجة المثاليّة لِمَن يريد أن يعاشر غيرها...

- ولكنّها إبنتكِ... كيف تستطعين فعل هذا بها؟

- هذا لن يؤذيها... بل هكذا سأحميها من الرجال الآخرين الذين سيودّون إستغلالها، فإنّها كما قلتَ فتاة لا طعم ولا لون لها... ثِق بي... أنا أعلم ما أفعله.

وكالعادة عرِفَت ريحاب كيف تقنعني وتزوّجتُ فتاة لا أحبّها ولا تعني لي شيئاً. أمّا بالنسبة لِمُنى، فكان هذا أسعد يوم في حياتها لأنّها كانت مغرمة بي سرّاً ولم تتخيّل يوماً أنّني قد أصبح زوجها. الكلّ كان ممنوناً إلّا أنا، لأنّه كان عليّ العيش مع إنسانة لم أختارها وكنتُ مجبراً على القيام بواجباتي الزوجيّة معها وكان الأمر مستحيلاً. وفي ليلة زفافنا عندما دخلنا غرفة الفندق، تذكّرتُ ما قالَته لي ريحاب في الصباح:

- كل ما عليكَ فعله هذه الليلة هو إغماض عينيكَ والتخيّل بأنّني مكان مُنى وكل شيء سيسير كما يجب... سترى.

وفعلتُ بِنصيحتها وجرَت الأمور جيّداً وكلّما كنتُ أمارس الجنس مع زوجتي، كانت ريحاب تأخذ مكانها في عقلي وقلبي. ولكي أبقى قريباً مِن عشيقتي الغالية، كنتُ قد إنتقلتُ للعيش مع مُنى في شقّة تبعد دقائق قليلة عن منزلي القديم وهكذا كانت تأتي ريحاب علناً وسرّاً. وهكذا لم نتوقّف عن رؤية بعضنا وكانت هذه اللقاءات تعطي لحياتي معنى ولذّة. ولكن بعد فترة علمتُ أنّ زوج ريحاب يريد أن يأخذها معه للعيش بلندن. كدتُ أن أجنّ! حاولَت المسكينة أن تعارض هذا القرار ولكنّها لم تستطع، لأنّ زوجها كان قد أنهى جميع أعماله هنا لِنقلها إلى الخارج. حتى الشقّة أصبحَت برسم البيع. وشعرتُ أنّ عالمي ينهار. كانت ريحاب سترحل بعيداً ولن أراها مجدداً وسأعيش لباقي حياتي مع إمرأة لا أحبّها. حاولتُ إقناع ريحاب بأن نهرب سويّاً إلى مكان مجهول ولكنّها رفضَت. وكان الوداع. بكيتُ كالطفل أصرخ لها بألّا تتركني. حاولَت تهدئتي ولكن قلبي كان يتألم ولم أعد أرى سبباً للعيش. وسافرَت حبيبتي بعدما وعدَتني بأن تأتي خلال الصيف لقضاء بضعة أيّام.



وبعد بضعة أشهر ذهبتُ مع مُنى إلى المطار لإستقبال ريحاب وزوجها، تفاجأتُ بها آتية بِرفقة رجل لم أرَه بِحياتي. عرّفَته إليّ قائلة:

- زوجي الجديد.

في البدء لم أستوعب ما سمعته، ثمّ إستدرتُ نحو مُنى وسألتُها إن كانت على علم بِهذا فأجابَتني:

- أجل... لطالما كان أهلي غير متّفقَين وأظنّ أنّ طلاقهما هو قرار صائب.

- ولماذا لم يخبرني أحد؟

- إنّها أمور عائليّة خاصّة بنا.

ونظرتُ إلى ريحاب بَغضب وإستنكار وقَبلَ أن أقول أيّ شيء إقتربَت منّي وهمسَت في إذني:

- تذكّر وعدكَ لي...

ثمّ غادرَت المطار مع زوجها الثاني. وأنا عدتُ إلى منزلي وإلى حياة مملّة لا طعم لها ولا هدف، أسأل نفسي كيف إستطاعَت ريحاب إستغلالي هكذا. فبَعد أن عاشرَتني لتملأ فراغ غياب زوجها، أقنعَتني بالزواج بإبنتها التي حتماً كانت ستبقى عانساً طوال حياتها، ثمّ طلّقَت زوجها وأخذَت غيره دون أن تعبأ حتى بإعلامي. عندها قرّرتُ الرحيل بعيداً ولكنّني علمتُ أنّ مُنى حامل. فبقيتُ من أجل الطفل بإنتظار أن يكبر قليلاً ويفهم لماذا رحلتُ.

حاورته بولا جهشان

المزيد
back to top button