أُغرِمتُ بها ووقَعتُ بالفخّ

هناك إعتقاد عام بأنّ المرأة تحبّ أكثر مِن الرجل الذي هو أنانيّ لا يفكرّ سوى بحاجاته الجنسيّة. وأنا خير مثال على أنّ هذا الكلام لا صحّة له. أنا نفسي لم أكن أتصوّر يوماً أن أقع في حبّ منال إلى درجة لا توصف ولكن عندما تسيطر العواطف على عقلنا ومنطقنا نفعل أشياء غير متوقّعة. وأظنّ أنّني أُغرمتُ بتلك المرأة لحظة ما جاءَت إلى محليّ وتنشّقتُ رائحتها الجميلة. قد يقول بعض علماء النفس أنّ تلك الرائحة ذكّرَتني بأمّي أو بإمرأة شعرتُ تجاهها بأوّل إحساس جنسيّ ولكن ما فائدة هذه التحليلات الآن بعدما فقدتُ كل شيء.

وهكذا عندما إقترَبَت منّي منال وسألَتني عن فستان تبحث عنه كنتُ مستعدّاً لإعطائها كل فساتين العالم لإبقائها ثانية إضافيّة معي. ولكنّني كنتُ لا أزال قادراً على إستملاك نفسي فأرَيتُها ما عندي مِن هدوم وعملتُ جهدي أن تكون ممنونة مِن البضاعة والسعر وقبل كل شيء منّي. ولأنّها لم تجد مقياسها وعدتُها أن أبعث الفستان إلى الخيّاط وأنّه سيكون جاهزاً في اليوم التالي. شكَرَتني ورحَلَت وعشتُ مع خيالها أربعة وعشرين ساعة. وعادَت وإبتسمتُ لها مِن كل قلبي فضَحِكت وقالت:

 

ـ أراكِ سعيداً لرؤيتي.

 

ـ أجل... جدّ سعيد... مع أنّكِ أطَلتِ الغيبة.

 

ـ كنتُ هنا البارحة!

 

ـ وإن يكن... فهذا يُعتبر وقتاً طويلاً... على الأقل بالنسبة لي.

 

وإبتسمَت لي وأخذَت فستانها الذي أعجبَها كثيراً وقبل أن تغادر إستدارَت وقالت لي:"سأعود... قريباً." أيّ رجل آخر كان سينسيها بعد يوم أو إثنين خاصة أنّ محلّي كان دائماً مليئاً بالنساء ولكنّني لم أفعل. وإنتظرتُها كل يوم مِن لحظة بدء العمل حتى موعد الإغلاق. ولم أفقد الأمل حتى بعد مرور أسبوعَين على وعدها لي. وحين عادَت إليّ شعرتُ وكأنّ قلبي سيتوقّف مِن قوّة خفقاته. ألقَت التحيّة عليّ وفحَّت رائحتها في المحل كلّه وأصبحتُ أسعد الرجال على الأرض. إختارَت منال هدوماً جديدة وحين وصَلَت إلى الصندوق قلتُ لها:

 

ـ عليّ أخذ رقم هاتفكِ... لإبلاغكِ عن الخصومات وقدوم ثياب جديدة... هذه سياسة المحل.

 

ـ حسناً... ولكن...

 

ـ هل يُزعجكِ الأمر؟

 

ـ أنا لا... ولكن زوجي رجل يغار كثيراً...

 

وإمتلأ قلبي بالحزن لأنّ حبيبتي كانت متزوّجة وحين رأت حالتي أضافَت بسرعة:

 

ـ ولكنّني لا أبالي... هذا رقمي.

 


وبدأتُ أبعث لها رسائل تخصّ الألبسة ثم تحوّلَت إلى غَزَل ومِن بعدها إلى كلام في الحب. وهي أصبحَت بدورها تردّ عليّ بنفس الكلام حتى أن شاركَتني شعوري الجميل. ولكنّني لم أرَها شخصياً إلاّ بعد شهرَين حين سافَرَ زوجها وإستطاعَت المجيء إلى محلّي قبل دقائق مِن الأقفال وبعد أن رحلَت الموظّفات. عندها أسدَلتُ الستار الحديديّ وجلسنا لوحدنا لأوّل مرّة. تكلّمنا عن أنفسنا وقلتُ لها أنّني شاب وحيد لأهل مَيسورين وأنّني أملك تجارة ضخمة بالملبوسات أوزّعها على أنحاء البلاد وحتى وراء الحدود. أمّا هي فكانت قد تزوّجَت بالقوّة مِن رجل يكبرها سنّاً وأنّها لم تكن سعيدة معه وتحاول بشتّى الطرق عدم الإنجاب منه خوفاً مِن أن تصبح سجينة زواج فاشل.

وبعد أن إنتهينا مِن الكلام قبّلتُها بشغف وعادَت إلى منزلها. وبالطبع لم أنَم تلك الليلة وأنا أفكرّ بطعم شفاتَيها ورائحة شعرها ونعومة أناملها في شعري. وبدأنا نتقابل سرّاً ولكنّنا لم نمارس الجنس إلاّ مرّة واحدة حين كنّا قد أصبحنا جاهزَين لذلك وواثقَين مِن حبّنا. كانت ليلة رائعة لا مثيل لها في حياتي.

ولكن بعد حوالي أسابيع جاءَت منال إليّ والخوف بانٍ في عينَيها. جلَست بصمت وقالت لي بصوت خافت:

 

ـ أظنّ أنّني حامل منكَ...

 

كنتُ سأطير مِن الفرح لولا تذكرّتُ أنّها متزوّجة وأن زوجها عائد بعد أيّام قليلة. أخذتُ يدها وسألتُها ما تنوي فعله فأجابَت:

 

ـ سأسقط الجنين.

 

غضبتُ جدّاً منها لأنّها كانت تنوي قتل طفلي ولكنّني أدركتُ بسرعة أنّها ربمّا على حق. سألتُها إن كان بإمكانها إقناع زوجها بأنّ الجنين منه ضحِكَت وقالَت:


ـ كيف أفعل ذلك ولم أدعه يعاشرني مِن أشهر.

 

كنّا فعلاً أمام مصيبة كبيرة. وقبِلتُ معها وعلى مضَضَ أن تُسقط الطفل وبحثَت المسكينة عن قابلة تفعل ذلك سرّاً. أرَدتُ الذهاب معها لأكون إلى جانبها ولكنّها رفضَت كي لا يرانا أحد سويّاً وهي تُجهِض. ولكن حين قصدَتها قيلَ لها أنّ المرأة متواجدة الآن في السجن بعد أن فُضِحَ أمرها وأُلقيَ القبض عليها. وأصيبَت حبيبتي بالهستيريا لسماع الخبر وبدأَت تصرخ وتبكي وبعد جهد جهيد إستطعتُ أن أهدِّأها ووعدتُها أنّني سأقف إلى جانبها مهما حدثَ لها. حتى أنّني عرضتُ عليها الهرب معي وأخذها بعيداً. أجابَتني أنّها ستفكرّ بالأمر جديّاً. ولكن الظروف عاكسَتنا فبعدَ أن عاد زوجها عرَضَ عليها الذهاب إلى اليونان لأسبوعَين بمحاولة منه لإصلاح الوضع بينهما. حاولَت منال التهرّب مِن الرحلة ولكنّه بقيَ مصرّاً عليها حتى أن قبِلَت. وإنقطَعَت أخبارها فلم تكن قادرة على مخاطبتي أو الردّ على رسائلي بسبب وجود زوجها معها وحين عادَت بعثَت لي أنّها تودّ رؤيتي وبسرعة. طلبَت منّي أن أذهب إلى منزلها وإستغربتُ للأمر لأنّها لم تدعوني مِن قبل إلى بيتها ولكنّها قالت لي أنّها ليست بخير وأن زوجها لن يكون موجوداً. وبالطبع ركضتُ لأراها وأطمئنّ عليها. وحين فتحَت لي الباب وأدخلَتني رأيتُ رجلاً واقفاً في الصالون يقول لي:

 


ـ أهلاً بالعريس!

 

لم أفهم قصده وحين نظرتُ إلى منال ورأيتُ تلبّكها إستنتجتُ أنّه زوجها. وشعرتُ بالخجل وأرَدتُ الرحيل ولكنّه إستبقاني:


ـ إجلس... علينا التكلّم.


وجلستُ وجلَسَت منال بقربي وكأنّنا تلمذَين مشاغبَين قد إستدعاهم المدير إلى مكتبه. ثم تابع الزوج:

 

ـ إكتشَفتُ أنّ زوجتي حامل مِن غثيان الصباح الذي أصابها في اليونان ومِن رفضها شرب القهوة والكحول... وكما تعلم ليس هناك مِن إتصال جسدي بيننا... فأخذتُ أستجوبها فإعترفَت لي بالحقيقة وقالَت أنّكَ مستعدّ لأخذها وتربية طفلكما...

 

ـ أجل... هذا صحيح.

 

ـ إسمعني... لا أريد هكذا زوجة تمارس فجورها كلّما أدرتُ ظهري... وبالطبع لا أريد إبنكَ... ولكنّني لن أدعَها ترحَل هكذا...

 

ـ ماذا تريد؟

 

ـ أريد تعويضاً عن كل الذي صرفتُه عليها منذ زواجنا وتعويضاً لتكاليف الطلاق وتعويضاً معنويّاً بسيطاً...

 

ـ كم تريد؟

 

وقال لي كم يطلب وكان مبلغاً كبيراً جدّاً. حاولتُ المساومة ولكنّه رفض قائلاً:

 

ـ أستطيع إبقاءها معي وفضحها وتعذيبها وتعذيب الذي في بطنها.

 

عندها قبلتُ لأنّني شعرتُ أنّه قادر على تنفيذ تهديداته. ورحلتُ أجمع المبلغ بعد بَيع كل ما لديّ بِدأً بالمحل وصولاً إلى بضاعتي كلّها الموجودة عند الزبائن وفي المستودعات. ودفعتُ ما طُلِبَ منّي حتى آخر قرش. عندها قال لي الزوج:

 

ـ ستكون حبيبتكَ عندكَ بعد يومَين ريثما ترتّب أمورها.

 

لكنّها لم تأتِ. لا بعد يومَين ولا بعد سنتَين لأنّها كانت قد رحَلَت بعيداً مع زوجها ليتمتّعا بمالي. وإستنتَجتُ طبعاً أنّ منال لم تحبَّني يوماً ولم تكن حتى حاملاً والله وحده يعلم كم مِن مرّة لعِبَت هي وشريكها هذه اللعبة على مساكين مثلي.

 

حاورته بولا جهشان

المزيد
back to top button