أكتشفتُ ميول زوجي الشاذّة بعد سنين طويلة

ما حصلَ لي، وقَعَ بعد حوالي عشر سنوات على زواجي مِن فؤاد، وحتى ذلك الحين لم أواجه أيّة مشكلة معه، بل بالعكس كنتُ أعتقد أنّنا كنّا نؤلّف ثنائيّاً ناجحاً. ولكنّني إكتشفتُ أنّني لم أكن أعرف أبداً الرجل الذي تقاسمتُ معه كل شيء على صعيد يوميّ. فلَم يكن فؤاد رجلاً صعباً. حبّه لي كان عاديّاً ومِن دون أي تطرّف ولم يكن لديه متطلّبات خاصة مِن الناحية الجنسيّة، بل كانت ليالينا شبه هادئة.
وكبِرَ أولادنا بهناء وظننتُ أننّا عائلة كباقي العائلات. ولكنّني بدأتُ ألاحظ أموراً غريبة تحصل بين الحين والآخر وحين ربطتُها ببعضها، إكتشفتُ ما الذي كان يدور مِنذ زمن طويل وأنّ النفس البشريّة لها أوجه معقّدة وبشعة. الأمر الأوّل، كان الشغف الجديد الذي أبداه فؤاد للأنترنت. فلَم يكن حتى ذلك الحين مهتّماً أبداً بالتكنولوجيا ويرفض إستعمال الحاسوب. وأتذكّر أنّه كان يقول أنّ تلك الأمور معقّدة جداً وأنّه يفضلّ الوسائل التقليديّة كالورقة والقلم. وكنتُ على عكسه، خبيرة في إستعمال الحاسوب ولكن لم يبقى لي الوقت الكافي للجلوس ساعات أمامه. وإذ بزوجي يستعمل مفاتيح الطباعة وكأنّه كان يفعل ذلك طوال حياته. وعندما سألتُه عن سبب ولَعَه الجديد، أجابَني:"علينا أن نتماشى مع العصر."

وفرحتُ أنّه خرجَ أخيراً مِن قوقعتِه وتأمّلتُ أن يكون هذا التغيير مِن نواحي أخرى أيضاً. ولكن فرَحي كان قصيراً، لأنّ زوجي باتَ يقضي ساعات طويلة لا يبارح مكانه وصِرتُ أذهب إلى الفراش وحيدة ولم يعد يجلس معنا أو حتى يخاطب الأولاد ويسألهم عن أوضاعهم في المدرسة. حاولتُ التحدّث معه بهذا الشأن وأطلبَ منه أن يخفّف مِن إستعمال الأنترنت ولو بعض الشيء ولكنّه قال:

 

ـ إحترتُ بأمركِ... قضيتِ سنين تقنعينني بالتطوّر وها أنتِ توديّن إبعادي عن الحاسوب...

 

ـ أجل ياحبيبي ولكنّ خير الأمور أعدَلَها... أشتاق لِرفقتكَ وكذلك الأولاد...

 

ـ سأرى...

 

ولكنّه لم يغيّر شيئاً في عادته الجديدة، وقرّرتُ الإنتظار حتى يسأم منها لوحده. وبعد فترة، أصبح لِفؤاد مدخولاً جديداً، أي أنّه بدأ يشتري لِنفسه أشياء جديدة كهاتف متطوّر وثياب وأحذية ولشدّة إستغرابي للأمر، سألتهُ إن كان قد نال علاوة في عمله. سكتَ ثم أجاب أنّ هذا ما حدث بالفعل. ولا أدري لماذا ولكنّني لم أصدّقه. وبدا الأمر لي وكأنّه أخذ أمر العلاوة كعذر قدّمتُه له مِن دون قصد. وأصبح هاتفه يرنّ بإستمرار ويذهب إلى الغرفة لِيجيب ويعود منشغل البال أو بالعكس فرحاً. وكل هذه الأمور حملَتني للإعتقاد بأنّ لزوجي عشيقة وإحترتُ بكيفيّة معالجة وضع لم أتوقعّه أبداً، فلطالما كان فؤاد رجلاً وفيّاً بعيداً كل البعد عن النساء. وعندما تشاورتُ بهذا الخصوص مع صديقاتي، قالت لي إحداهنّ أنّ الإنترنت أصبح السبب الأوّل للطلاق، لأنّه سهّل على الناس فرصة التواصل والتعارف والإلتقاء. وخفتُ كثيراً على زواجي وعائلتي وقصدتُ والدتي للنصيحة. فطمأنَتني بعض الشيء:

 

ـ حبيبتي... يحصل أحياناً أن يمّر الرجل بِمراحل صعبة مِن حياته ويودّ إثبات رجولته والإطمئنان على أنّه لا يزال يتمتّع بكامل جاذبيتّه، فيقيم علاقات عابرة... والعلاج يأتي غالباً مِن الزوجة... كل ما عليكِ فعله هو أن تثيري غرائزه مِن جديد كما كنتِ تفعلين في بداية زواجكما... إلبسي له الثياب الداخليّة المثيرة... وضعي المساحيق والعطور الجميلة وسترين. 


أعجَبَتني أفكار أمّي، فقصدتُ محلاً للألبسة الداخليّة وإخترتُ ألواناً مثيرة ولبستُها بعد ليلة. والنتيجة كانت أيجابيّة، فأبدى فؤاد حماساً غير أعتياديّاً. وبعد أن مارسنا الجنس كأنّنا عرسان جدد، غرقنا بنوم عميق. وعندما إستفقتُ، كان زوجي قد رحلَ إلى عمله. ولكن عندما قررّتُ غسل ملابسي الداخليّة، لم أجد السروال. وفتشّتُ عليه في أنحاء الغرفة، ظانة أنّني ولكثرة حماسي كنتُ قد رميتُه بعيداً. ولكنّني لم أعثر عليه، الأمر الذي أدهشني جدّاً. وبقيتُ أفكرّ في الموضوع طوال النهار، محاولة إيجاد تفسيراً منطقيّاً. وحين عاد فؤاد في المساء، أخبرتُه بما حصل. قال لي أنّني سأجد السروال حتماً وأنّ لا داعي للقلق بشأن هكذا أمر سخيف وعرَضَ أن يشتري لي آخراً إن لزِمَ الأمر. عندها قلتُ له:

 

ـ الموضوع ليس متعلّقاً بِثمن السروال ولكن بِإختفائه... لم يدخل أحد سوانا إلى الغرفة ولقد خلعتُه أمامكَ... أمرٌ عجيبٌ.  

                        

وفي اليوم التالي، قررتُ أن أفعل ما بوسعي لإيجاد السروال، فأزحتُ الأثاث وقلبتُ الفراش وفتّشتُ حتى الخزانة وبحثتُ في الأدراج جميعاً. وحين فعلتُ ذلك، لاحظتُ أنّ عدداً لا بأس به مِن سراويلي ليس في مكانه في الدرج. ولم أنتبه للأمر مِن قبل لكثرتها ولأنّه لم يخطر على بالي أبداً أنّها ستنقص يوماً. عندها جلستُ على السرير لأستوعب الأمر وأفكرّ بسبب منطقي لهذا الأختفاء. في البدء، ظننتُ أنّ أحد الأولاد يلعب معي لو لا ما حصل قبل ليلة، أي أنّني كنتُ أنا وزوجي لوحدنا في الغرفة. فإستنتجتُ طبعاً أنّ لِفؤاد دخل بما يجري ولكنّني لم أفهم دافعه. ولأنّني إنسانة تتحلّى بالمنطق السليم، ربطتُ هذه الأحداث بتغيّر تصرّفات زوجي وولعَه بالأنترنت. لِذا توجهتُ إلى غرفة الجلوس وفتحتُ الحاسوب وبدأتُ أفتّش فيه عن أي شيء يدلّني على إهتمامات فؤاد. ومِن حسن حظّي أنّه لم يخطر على باله أنّني سأتحرّى يوماً عنه، فلم يتكبّد عناء إخفاء آثاره. وهكذا رأيتُ أمامي تاريخ الصفحات والمواقع التي زارَها وإنتسبَ إليها وكانت دهشتي كبيرة عندما وجدتُ أنهّا تتعلّق بأمور جنسيّة. وليس ذلك فحسب، بل تختّص بتبادل الأمتعة الداخليّة النسائيّة. ولكنّني لم أستطع الدخول إلى حسابه الخاص لأنّني لم أكن أملك كلمة السرّ، لِذا إنتظرتُ عودته لأواجهه. وحين فعلتُ، قال لي:

 

ـ كيف تتجسّسين عليّ؟

 

ـ أنا زوجتكَ ويحقّ لي أن أعرف كل شيء عنكَ... أريد أن تخبرني عن الذي يجري... هل إختفاء سراويلي له علاقة بهذه المواقع؟

 

سكتَ مطوّلاً وأجابَ بخجل:

 

ـ نعم... نحن مجموعة مِن الرجال نحب... ونهوى تجميع السراويل النسائّية...

 

ـ لماذا؟؟؟ ومنذ متى وانتَ كذلك؟

 

ـ منذ زمن بعيد... وحين علِمتُ أنّني لستُ الوحيد، بدأتُ أتراسل مع باقي هؤلاء الرجال ونتبادل... السراويل... وأحياناً نبيعها... وكلمّا كانت متّسخة كلمّا زاد سعرها.

 

ـ كيف تفعل هذا؟ تبيع سراويلي لِغرباء؟؟؟ أليس لديكَ شرف؟

 

ـ كانوا هم أيضاً يبيعونها لي... ولكنّني وجدتُ شخصاً يهوى رائحتكِ بشكل خاص وبدأ يدفع السعر الغالي للحصول على إثر منكِ....

 

وحين قال ذلك، شعرتُ وكأنّني إغتصبتُ. لقد خانّني أقرب الأشخاص إليّ والذي خلتُه سيحميني ويحافظ عليّ، قام بخيانة ثقتي وإستغلالي مقابل إشباع رغبة شاذة وبعض المال. عندها صرختُ به:

 

ـ أنتَ رجل مريض! أفهم أن يكون للمرء ميولاً خاصة ولكن هذا فلا! سآخذ الأولاد وأذهب عند أهلي لأنّني مشمئزّة منكَ إلى أقصى درجة... إن كنتَ تريد رؤيتنا مجدّداً فعليك أن تتعالج... الوداع.

 

وجمعتُ بعض الأمتعة وأصتحبتُ أولادي وتركتُه لوحده ليقرّر ما سيفعله بنا وبنفسه. ولكنّه لم يأتِ ليأخذنا، لأنّه فضّلَ الغوص بملذّاته البشعة ويواصل جمع السراويل النسائيّة وتبادلها. وبعد فترة إنفصلنا نهائيّاً ولم يعد يسأل عنّا بتاتاً.

 

حاورتها بولا جهشان    

المزيد
back to top button