أذنتُ لزوجتي بخيانتي

أحبَبتُ سارة زوجتي إلى حدّ الجنون، ولقد أمضَينا سنوات سعيدة معًا، لكنّنا لَم نُنجِب. لَم يهمّني الأمر قط، ولَم أفعل كباقي الرجال وبحثتُ عن زوجة أخرى قادرة على إعطائي ذريّة، بل حضَنتُها وعملتُ جهدي لأنسيها مُشكلتها وعشنا للحقيقة بهناء وحبّ.

لكنّ القدَر قرَّرَ أن يضرِبَ علاقتنا، فحصَلَ أنّني لَم أعُد قادرًا على القيام بواجباتي الجنسيّة تجاه سارة. الأمر بدأ خفيفًا وردَدناه إلى تعب في العمَل، فالجدير بالذكر أنّني كنتُ مُديرًا في شركة ضخمة، وعليّ أن أديرَ عددًا كبيرًا مِن الموظّفين في مناخ تنافس دائم وتحدّيات جسيمة. ثمّ صارَت جلساتنا الحميمة قصيرة الأمد. حاولَت سارة أن تحملني على الابتعاد فكريًّا عن أجواء العمَل، لكنّ ذلك كان يدفعُني أكثر إلى كثرة التفكير.

وحصَلَ أخيرًا أن استسلمتُ، فلَم يعُد مُمكنًا أن أكون بالفعل زوجًا. رحتُ وسارة إلى أطبّاء عديدين أجمعوا على أنّي لا أشكو مِن أي خطب جسديّ أو هورمونيّ بل مِن اضطراب نفسيّ ليس بليغًا. إطمأنّ بالُنا وقرّرتُ الانتظار ريثما تهدأ الأمور في الشركة وأنتهي مِن معالجة تلك الملفّات الهامّة. أرادَت زوجتي أن أرى طبيبًا نفسيًّا لكنّني رفضتُ، فلَم أكن مِن الذين يؤمنون بالعلاج الشفهيّ بل فقط بالأدوية والجراحات.

لكن للأسف حالتي لَم تتحسّن، بل صرتُ أخافُ مِن الاخفاق كلّما استلقَيتُ وزوجتي في السرير. لِذا بدأتُ أبقى في الشركة قدر المُستطاع، وأتحجّج بالتعب حين أعود. لكنّ سارة لَم تكن غبيّة، ففهمَت أنّني لا أُريدُ أن أبدو كالفاشل أمامها بل الحفاظ على صورتي كرجُل قويّ وطبيعيّ.

 

مرَّت الأشهر وثمّ السنة وبقينا على حالنا. للحقيقة، كنتُ قد تعوّدتُ على العَيش مِن دون تقارب جسديّ، إلا أنّني أسِفتُ لسارة لأنّها بسببي لن تحصل على حقوقها كزوجة، أو على تلك الأوقات الحميمة التي تربطُ بين الزوجَين. قرّرتُ مُراقبة مزاجها للتأكّد مِن أنّها لا تُعاني كثيرًا لكنّني رأيتُ كيف أنّها كانت دائمة الحزن. بعد أشهر إضافيّة وبعد أن أصابَ سارة اكتئاب لَم أستطِع تجاهله، بدأَت تخرجُ مع صديقاتها وتعودُ سعيدة وفرِحة. وأوّل شيء فكّرتُ فيه طبعًا هو أنّها وجدَت سعادتها مع شريك آخَر. ألَم يكن ذلك ما يفعله كلّ رجُل لا يحصلُ على مُتعة في بيته؟ أسفتُ كثيرًا أنّ تكون نهاية زواجنا قد دنَت، فلَم يكن أبدًا مِن المُمكن أن أتقبّل وجود إنسان غيري في حياة سارة... إلا إذا كنتُ مَن يقرِّر ما سيحدث! لِذا قلتُ لسارة يومًا:

 

- لقد فكّرتُ بالأمر كثيرًا، وارتأيتُ أنّه يحقّ لكِ بحياة جنسيّة سليمة، وأنا أُعطيكِ الآن الإذن، لا بل البركة، بإقامة علاقة مع رجُل آخَر. نعم، سمعتِ جيّدًا ولستُ أمزَح أو أُراوِغ، وهذا ليس فخًّا أو اختبارًا لوفائكِ. لكن عليكِ إخفاء تلك العلاقة عنّي مهما كلّفَ الأمر. قومي بذلك بطريقة لا تجرح كبريائي.

 

حاولَت زوجتي حَملي على تغيير رأيي، وأكّدَت لي بقوّة أنّها لا تُريدُ سوايَ بل أنّها مُستعدّة للعَيش مِن دون علاقة حميمة حتى آخِر أيّامها، وأنّها لن تفعل شيئًا يُقلّلُ مِن احترامها لي. لَم أصدّقها فكنتُ مُتأكّدًا مِن أنّ يومًا سيأتي وتُعاشِر غيري حتى ولو كانت صادقة الآن.

تغيّرَت علاقتنا بعد ذلك الحديث، فصارَت سارة قليلة الكلام وتتفادى قدر المُستطاع التواجد معي. ولَم أعلَم حقيقة الأمر مع أنّني حاولتُ إيجاد تفسيرات لتصرّفها. لكنّني قرّرتُ المضيّ في حياتنا كما هي، بعد أن اطمأنّ بالي إلى أنّني مَن أعطى لها الضوء الأخضر لخيانتي. ألَم يكن ذلك أفضل؟ ثمّ أخبرَتني زوجتي بأنّها وجدَت عمَلاً في شركة إعلانات وكانت بذلك ستستفيد أخيرًا مِن شهادتها الجامعيّة التي وضعَتها جانبًا يوم تزوّجنا لتتفرّغ لبناء عائلة... عائلة لَم تبصر النور. سُعِدتُ لها، لكنّ الهمّ أكَلَ قلبي بعد أن صارَت سارة تُغادرُ البيت صباحًا معي وتعودُ أحيانًا مِن بعدي إلى البيت. شعرتُ أنّها تتصرّف وكأنّها هي الرجُل، خاصّة عندما قبضَت راتبها الأوّل ودعَتني إلى المطعم. هل هي كانت ستتّخِذ أيضًا لنفسها عشيقًا كما يفعلُ الرجُل غير المُكتفي جنسيًّا في بيته؟ طردتُ تلك الأفكار مِن رأسي حين ذكّرتُ نفسي بأنّني أمسكُ زمام الأمور، ألَم أكن مَن أذَنَ لها بخيانتي؟

بدَت سارة بغاية السعادة في عمَلها الجديد، وصارَ لها أصدقاء وصديقات تلتقي بهم بعد العمَل أو في فرصة نهاية الأسبوع. هي كانت تدعوني للتواجُد معها، لكنّني لَم أكن أُريدُ أن أراها تضحكُ مع غيري أو تتبادَل النظرات مع أحَد زملائها.

لكن ذات يوم هي أطلعَتني على نيّتها دعوة شلّتها الجديدة إلى العشاء في البيت، فرفضتُ بقوّة. إلا أنّها قالَت:

 

- هذا بيتي أيضًا وأدعو إليه مَن أشاء، فلا يسعُنا أن نعيش على الدوام بعيدَين عن الناس ومِن دون أصدقاء.

 

عندها قرّرتُ أن أتغيّب حين يأتي موعد ذلك العشاء، لكنّ الناس بدأوا يأتون باكرًا ولَم يسعَني ترك المكان، فبقيتُ معهم. إمتلأ البيت بسرعة، وأعترفُ أنّني أحبَبتُ تلك الأجواء التي غابَت عنّي منذ زمَن بعيد... إلى حين قرَعَ بابنا شابّ وسيم استقبلَته زوجتي بحرارة. شعرتُ بنار تجتاحُ جسدي، وبدأ قلبي يدقُّ بقوّة. هل هو عشيقها؟ هو نفسه الذي تخونُني زوجتي معه؟ ألَم أطلُب منها إبقائي خارج علاقاتها الحميمة؟ بقيتُ جالسًا وبالكاد ألقَيتُ التحيّة على الذي اسمه رامي بل بدأتُ أراقبُه. صحيح أنّه طويل القامة وجذّاب، لكنّه كان أصغَر مِن سارة سنًّا، ثمّ تذكّرتُ أنّ الرجال الذين يخونون زوجاتهم يختارون سيّدات صغيرات. يا إلهي... لماذا قبِلتُ بأن تُقيمَ سارة ذلك العشاء اللعين؟!؟

تفادَت زوجتي النظَر إليّ طوال العشاء وشعرتُ أنّني لستُ موجودًا، فجميع الحاضرين كانوا يضحكون سويًّا ويتبادلون القصص الطريفة. وكان رامي يتصرّفُ وكأنّه ضيف الشرَف لا بل صاحب البيت، خاصّة أنّ سارة أجلسَته إلى جانبها. لَم أستطِع تحمّل المزيد، فتحجَّجتُ بألَم حاد بالرأس ورحتُ إلى غرفة النوم. وهناك بكيتُ. بكيتُ لأنّني بفقداني لرجوليّتي كنتُ قد فقدتُ كرامتي.

بعد ذلك العشاء صرتُ كالتائه، ولَم أعُد قادرًا على التركيز على عمَلي أو أيّ شيء آخَر، ففضّلتُ أخذ إجازة لجَمع أفكاري. عرضتُ على سارة مُرافقتي إلى جهة تختارُها لكنّها رفضَت بسبب عمَلها. آه، هي لا تستطيع الابتعاد عن رامي...

أمضَيتُ إجازتي أُحلِلّ وأفكّر في ما تفعله زوجتي بعيدًا عن البيت وأطلقتُ العنان لمُخيّلتي، فتصوّرتُها في أحد الفنادق الرخيصة التي تستقبل العشاق، مُستلقيةً على سرير مع رامي. يا إلهي... أبعِد عن رأسي تلك الأفكار!

وبعد أيّام، وجدَتني سارة فاقِد الوعي في أرض الحمّام وأسرعَت بنقلي إلى المشفى. إستعَدتُ وعيي، وعلِمتُ أنّني وقعتُ ضحيّة أزمة أعصاب حادّة فبدأوا بعلاجي. بكَت سارة كثيرًا مِن شدّة خوفها عليّ فقلتُ لها:

 

ـ تبكين حتمًا لأنّني لَم أمُت. فمِن الأفضل لكِ أن أذهب مِن هذه الدنيا لتتفرّغي لعشيقكِ الشابّ. لا تنكري! لقد رأيتُ كيف اهتمَمتِ به خلال ذلك العشاء وكيف أنّكِ تهامستِ حوله مع زميلاتكِ. هنيئًا لكِ به فما عساني أفعَل، لقد أصبحتُ مهزلة لديكِ، شبه رجُل لا منفعة له خاصّة بعدما صرتِ سيّدة عاملة.

 

ـ لمعلوماتكَ، رامي ليس عشيقي. صحيح أنّني أعطَيتُه اهتمامًا خاصًّا خلال العشاء، لكن لسبب آخَر. ولو لَم تكن مشغولاً بأفكاركَ السوداء، للاحظتَ تلك الصبيّة التي أجلستُها بالقرب منه بمُحاولة منّي وزميلاتي جمعهما، لأنّ تلك الصبيّة مولعة به.

 

ـ لا أُصدّقُكِ!

 

ـ أنظر إلى محادثاتنا على هاتفي! وسترى أنّ رامي أُعجِبَ بالفعل بالصبيّة وهما بدآ بالتواعد.

 

أرَتني زوجتي المُحادثات كلّها، وكانت بالفعل تقول الحقيقة. ثمّ هي أضافَت:

 

ـ هل صدَّقت أنّني قادرة على إقامة علاقة مع غيركَ حتى لو أذنتَ لي بذلك؟

 

ـ لقد ضحّيتُ برجوليّتي وكرامتي مِن أجلكِ، لأنّني أُحبّكِ.

 

ـ هذا ليس صحيحًا. هذا هروب مِن الواقع وأنانيّة.

 

ـ أنانيّة؟!؟

 

ـ أجل، لو تُحبُّني فعلاً، لرحتَ إلى طبيب نفسيّ، أليس ذلك أفضل مِن أن تقبَل بأن تخونكَ زوجتكَ؟ أُنظُر أين أنتَ الآن، في المشفى لأنّكَ لَم تعُد تحتمِل الوضع.

 

ـ يا إلهي ... أنتِ على حقّ! يا إلهي... كيف فعلتُ ذلك؟!؟ كدتُ أخسركِ وأعيشُ مذلولاً وتائهًا وغاضبًا على أن أعترف لنفسي أنّني بحاجة إلى علاج! أعدُكِ بأنّني سأفعل المُستحيل لاستعادة رجوليّتي.

 

ـ لطالما كنتَ رجُلاً يا حبيبي، فالرجوليّة ليست بممارسة الجنس وحسب. أُريدُ أن نستعيد فرحنا سويًّا وحسب.

 

بعد حوالي السنة، إستعَدتُ كلّ قدراتي بفضل العلاج النفسيّ وأدوية الأعصاب التي أخذتُها. فمشكلتي كانت في الإرهاق الحاد الذي فرضتُه على نفسي في الشركة وبعض المشاكل النفسيّة التي كانت قابعة في ثنايا عقلي. لا أزال أجدُ صعوبة في تصديق ما فعلتُه بنا، وكيف أنّني بالرغم مِن شهاداتي الجامعيّة وثقافتي الواسعة رفضتُ أن أتعالج، بل فضَّلتُ التخلّي عن كرامتي وفقدان سارة إلى الأبد. ولقد أخذتُ الإذن منها بمُشاركة قصّتنا كي يتّعظ الآخرون مِن تجربتنا، ليس فقط في المواضيع الحميمة بل في كلّ نواحي الحياة الزوجيّة. فالمشاكل تحصل دائمًا بين الثنائيّ، والمُهمّ أن نجِد الحلّ المُناسب وإلا دمَّرنا زواجنا إلى غير عودة.

 

حاورته بولا جهشان

المزيد
back to top button