أخبرَني زوجي بكل بساطة أنّ لديه عشيقة

عندما سألتُ أحمد زوجي إن كان لديه عشيقة وإن كانت تلك الشائعات التي سمعتُها صحيحة، أجابَني بكل بساطة: "نعم وإسمها سُهى." ولولا جديّته عندما قال ذلك، لظننتُ أنّها مزحة وضحكتُ. ولكنّه كان يعني ما قاله بكل وقاحة، فلم يحاول كما يجري عادة إخفاء الموضوع وتبرير تصرّفاته وطلب السماح منّي بل نظرَ إليّ مباشرة وكأنّه يتحدّاني. جلستُ على الأريكة وحاولتُ فهم ما يحصل. إقتربَ منّي ومسكَ يدي وتابع:

 

- مضى على زواجنا أكثر من عشرين سنة وأنتِ تعلمين أنّ علاقتنا العاطفيّة والجنسيّة لم تعد كما كانت... لا أريد أن تنتهي حياتي هكذا، فما زلتُ قادراً على التمتّع بها...قصدي ليس إهانتكِ... بل أريدكِ أن تقبلي الوضع كما هو... لديّ علاقة مع إمرأة أخرى وحسب... ولديكِ كل ما تتمنّيه... أقدّم لكِ حياة جميلة ومريحة وأعطيتكِ أولاداً ناجحين... أرجو منكِ ألا تنكّدي عليّ أيّامي.

 

وخرجَ من المنزل لملاقاة حبيبته كما تعوّدَ أن يفعل كل ليلة. أمّا أنا فذهبتُ إلى الفراش لأبكي قدر ما أشاء على زواج خلتُه مثاليّاً وإفتخرتُ به أمام العالم كله. ظننتُ أنّ زوجي رجل محترم وها هو يركض وراء شهواته غير مباليّاً بشعوري وكرامتي، مسكتاً ضميره بأنّه يوفّر لي جميع وسائل الراحة. وبالطبع سكتتُ وقرّرتُ متابعة حياتي دون أن أوجع رأسي وقلبي في موضوع خيانة وأن أدوس على كرامتي المجروحة حفاظاً على تماسك العائلة.
ولكنّ أحمد ومن بعد أن أخبرَني بوضوح أنّه يخونني، أصبح مرتاحاً أكثر في تحرّكاته ولم يعد يعبأ بإخفاء علاقته عنّي وكأنّ الأمر بات طبيعيّاً بالنسبة لي وأصبحَت علاقتنا تقتصر على تبادل بعض الكلمات في الصباح وعلى إعطائي المال الذي أحتاج إليه للمنزل ولمصروفي الشخصي وكأنّ ذلك هو ما أطلبُه منه. ولم أخبر أحداً بالذي يجري إلا صديقتي الحميمة التي كانت أوّل من شكّ في خيانة زوجي لي بعد أن سمعَت من قريب لها أنّه رأى أحمد بصحبة إمرأة في أحد المطاعم. وعندما أكّدتُ لها الخبر قالت لي:

 

- هكذا هم الرجال... يسمحون لأنفسهم ما لا يقبلون أن تفعله زوجتهم بهم

 

- ماذا تقصدين؟

 

- أعني أنّني متأكّدة أنّ زوجكِ لا يقبل حتى فكرة خيانتكِ له

 

- لأنّه يعلم أنّني لا أستطيع فعل ذلك بسبب أخلاقي وقيَمي العالية...

 

- تماماً! ولكن لو فعلتِ ماذا ستكون ردّة فعله؟

 

- لستُ أدري... خاصة أنّه على ما أظنّ متيّم بتلك المرأة... قد يرتاح باله إن ظنّ أنّني أيضاً على علاقة مع أحد

 

- أو يغضب كثيراً...

 

- لم أرَ أحمد غاضباً ولو لمرّة واحدة... طبعه هادئ جداً ويعرف كيف يعالج الأمور بتروّي.

 

- لم لا توحين له بأنّكِ أيضاً قررتِ عيش حياتكِ كما يفعل هو؟

 

- هل فقدتِ عقلكِ؟ لا يمكنني فعل ذلك!

 

- قلتُ "توحي له" أيّ أنّكِ ستتظاهرين بذلك.


ومع أنّني كنتُ أرفض حتى التفكير بما نصحَتني به صديقتي، بدأت الخطّة تعجبني أكثر وأكثر. وبعد حوالي الشهر، إرتأيتُ أنّ لا ضرر أن أحاول إثارة غيرته عليّ طالما لم يكن هناك من شيء أخسره. وأوّل خطوة لي، كانت أن أذهب إلى مصفّف الشعر لأغيّر لون وقصّة شعري فمن إمرأة سمراء تحوّلتُ إلى شقراء. وحين رآني أحمد صرخ من شدّة تفاجئه وسألَني عن سبب هذا التغيير الجذري، فأجبتُه أنّني مللتُ من مظهري الذي لم يتغيّر خلال سنين. عندها قال لي:

 

- إذا كنتِ تعتقدين أنّني أحبّ الشقراوات وأنّكِ بذلك ستقنعينني بالرجوع إليكِ فأنتِ مخطئة... عشيقتي سمراء...

 

- ليس هذا أبداً السبب... لم أفعل ذلك من أجلكَ أنتَ

 

- ومن أجل من إذاً؟

 

لم أجب على سؤاله وإكتفيتُ ببسمة صغيرة تحمل معناً كبيراً. نظرَ إليّ بتعجّب ثمّ رحلَ إلى عمله. علمتُ أنّني أثرتُ فضوله، فتابعتُ الخطّة كما نصحَتني صديقتي، فقصدتُ أخصّائيّة تجميل التي علّمَتني كيف أضع المساحيق وما يليق لبشرتي وتكاوين وجهي. ومن بعدها إبتعتُ الملابس الجذّابة وخاصة الداخليّة منها ووضعتُها على مرأى من زوجي الذي فوجئ بها:

 

- لمن هذه الملابس؟

 

- لي... لماذا؟

 

- إنّها مثيرة... ونحن لا... أعني أنّ حياتنا الحميمة لم تعد...

 

- لم تعد موجودة لأنّكَ لم تعد تكترث لذلك... على الأقل معي... ولكن هذا لا يعني أنّني لم أعد إمرأة مثيرة...

 

- ولمن هي مخصّصة؟

 

- لي...

 

ورأيتُ على وجهه علامات الإستياء ولكنّه لم يصرّ على معرفة المزيد. أمّا أنا فكنتُ أضحك في سرّي لأنّه كان من الواضح أنّه بدأ يشكّ في أمري. وقرّرتُ التصعيد قليلاً، ففي ذات ليلة، عندما كان أحمد يستعدّ للخروج كعادته مع عشيقته، أخذتُ أحضّر نفسي أيضاً للخروج ما أثار إستغرابه:

 

- أنتِ خارجة؟

 

- اجل... وأنتَ؟

 

- أنا أيضاً... إلى أين أنتِ ذاهبة؟

 

- أنا مدعوّة إلى العشاء... هل هناك أيّ مانع في ذلك؟

 

- أبداً... أبداً... ومع من أنتِ ذاهبة؟

 

- مع بعض الأصدقاء... سأتأخّر في العودة... لا تشغل بالكَ عليّ.

 

ووضعتُ اللمسات الأخيرة على مظهري وأدرتُ له ظهري وخرجتُ. ولكنّني لم أذهب سوى عند صديقتي حيث تناولنا العشاء وحضرنا فيلماً على التلفاز حتى أن بلغَت الساعة الواحدة صباحاً وإرتأينا أنّ الوقت حان لأعود. وعاودتُ تلك المسرحيّة كلّ ليلة حتى أن حصلَ تغيّراً في عادات أحمد. ففي ذات مساء، عندما كنتُ أتحضّر للخروج، وجدتُ زوجي جالساً على الأريكة يقرأ الجريدة. سألتُه إن كان مريضاً، فأجابَ بأنّه بألف خير:

 

- أقرء الصحيفة... لم أفعل ذلك هنا منذ وقت طويل

 

- ألن تخرج الليلة؟

 

- لا... وأنتِ؟

 

- أصدقائي في إنتظاري

 

- وإن طلبتُ منكِ أن تبقي هنا معي؟

 

- يا ليتَ ذلك ممكناً... لقد وعدتُهم...

 

- أنا زوجكِ

 

- وأنا زوجتكَ وهذا لم يمنعكَ من أخذ عشيقة علناً والخروج معها كل مساء وتركي لوحدي في البيت... أليس ذلك صحيحاً؟

 

- بلى... ولكن...

 

- ولكن ماذا؟ هل لأنّني إمرأة عليّ الدوس على أحاسيسي وكرامتي وقبول أيّ شيء يفعله الرجل. هل لديكَ حاجات خاصة بكَ أمّا أنا فمجرّدة منها؟ هل إعطائي مصروفي هو كإعطائي الحب والحنان والإحترام؟

 

- معكِ كل الحق... أظنّ أنّني فقدتُ صوابي... شعرتُ أنّني أستطيع فعل ما أريد وأنّكِ ستقبلين بذلك لأنّكِ إمرأة عاقلة ومحبّة... لم أتصوّر أنّني أؤذيكِ إلى هذه الدرجة إلا عندما رأيتكِ تخرجين أيضاً... الأمر أصعب ممّا تصوّرته... هل ستبقين هنا معي الليلة ونقضي المساء سويّاً كما كنّا نفعل فيما مضى؟

 

- سأبقى إن كنتَ ستعدني بأن تترك عشيقتكَ وأن تعود الرجل الذي أحببتُه والذي لطالما إحترمَني وعاملَني بحبّ.

 

- موافق!

 

حاورتها بولا جهشان

المزيد
back to top button