يحبان بعضهما... يعشقان بعضهما. تعرّفا ببعض منذ استفاقت مشاعرهما في صباح ذات يومٍ على ولادة حبّهما. أسماء وكامل يخططان للزواج. كل شيء بينهما يسير على خير ما يرام، بيد أن غيمة صغيرة تلبد سماء حبّهما: فطائرا الحب هذان قريبان. لذلك يعارض والدهما هذه المغامرة "غير المحسوبة جيداً". خصوصاً وأن عائلة كامل تضمّ ولدين يعانيان من الإعاقة. فهل يعدلان عن الزواج؟ هل يعدلان عن الإنجاب؟
جميلة وجاد، زوجا المستقبل، مصرّان على إجراء جميع الفحوصات المخبرية الممكنة قبل خوض مغامرة الحياة المشتركة. لسوء حظهما، جاءت نتيجة تحليل المنيّ التي أجراها جاد "سيّئة، لا بل سيّئة جداً"، كما قال الطبيب. فكيف إذا يفكران بالزواج والإنجاب وتعداد الحيوانات المنويّة يقارب الصفر؟
رنده وألبير يتحضرون للاحتفال بزفافهما. يكتشفان في نتيجة تحاليل ما قبل الزواج أمراً قادراً على إفساد فرحتهما، فألبير يعاني من نسبة ارتفاع الكرياتينين ، وهي بروتيين يعكس عمل الكلى. بعبارة أخرى، أظهرت الفحوصات المخبرية العديدة التي تلت أن ألبير يعاني من قصور في الكلى. فما العمل؟
في هذه الحالات الثلاث، كما في معظم الحالات الأخرى، يكون من الصعب إعطاء إجابة نهائية وجازمة. من ناحية ثانية، لا يجوز أن نطلب من الطب الإجابة بدلاً من الشخصين المعنيين. من شأن التحاليل المخبرية فقط تنويرنا وإعطاءنا أدلة وتوقعات بالأرقام والنسب المئويّة يترجمها لنا الطبيب بلغة مفهومة. أما القرارات والخيارات والخطوات التالية، فعلى العروسين، وعليهما فقط، تقع مسؤولية اتخاذها وتحديدها. فالزواج درب طويلة محفوفة بالحب، وبالأطفال، وبالجنس، وبالمشاريع، وبالمودّة، وبأمور أخرى كثيرة. لذلك لا يمكن حصره بعملية الإنجاب. فلا يمنع العقم، ولا العاهات الجينية، ولا "التحاليل المخبرية السيئة"، من الزواج. لا بل على العكس، تساعدهم في محاولة حل عددٍ من المشاكل، وتخطّيها، وخصوصاً في تجنّب بعض العقبات.
الفحوص الطبية الوقائية ما قبل الزواج
منذ بضع عقود، قام عددٌ من الدول بفرض التحاليل السابقة للزواج كشرط أساسي لكل من أراد الزواج. وأصبحت "الشهادة" ورقة لا مفر منها. "هيا، أنت صالحة للزواج". وينطلق مع هذه العبارة العيد، فقد اجتازت العروس العقبة الأولى بنجاح.
ويضم الفحوصات الطبية ما قبل الزواج، عدا الفحصين السريري والنفسي للعروسين، التحاليل التالية:
ـ تحديد بعض الوظائف الأساسية (عمل الكلى، عمل الكبد...)
وجدول نموذجي معروف يضمّ التركيبة الدموية وتَحَلوُن الدم (Glycémie).
ـ فحص الحميراء rubéole.
ـ فحص الطفيليات الهلالية toxoplasmose.
ـ تحديد فئة الدم.
ـ بحث عن الأجسام الضدّة غير الاعتياديةirréguliers anticorps حين يكون هناك احتمال وجود مناعة زائدة غير اعتيادية، أو إذا ما كانت المرأة قد خضعت آنفاً لنقل دم.
ـ فحوصات موجهة بحسب كل حالة.
ـ في كثير من البلدان، ليست فحوصات التهاب الكبد الفيروسي hépatite B/C، وفحوصات كشف الأمراض المنقولة جنسياً (السِفلِس، السيدا/الإيدز، الحميراء، إلخ...) غير إجبارية على الرغم من أنه يُنصح بإجرائها. في ما خص فحص كشف السيدا/الأيدز تحديداً، ونظراً للعواقب المحتمل وقوعها لجهة الفصل من العمل أو التهميش والوصم في المجتمع، فإن الخيار حول إجراء هذا الفحص يبقى بيد الشخص المعني مباشرة.
في بعض الحالات، ووفقاً لطلب الأشخاص المعنيين، يتمّ فحص الخصوبة لدى الرجل و/أو لدى المرأة. من جهة أخرى، يبقى من الصعب تقويم الوظيفة الجنسية لكثرة تعرّضها لعوامل شخصية متعددة. يطلب الكثير من الأزواج إلى الطبيب إجابة ليس بمقدوره إعطاؤها حول هذا الموضوع، في ما عدا حالاتٍ مرضيّة متقدمة نادرة، كغياب أي إفراز للهرمونات الذكرية... وحتى في هذه الحالة، يصعب إعطاء إجابة حازمة وقاطعة.
في بلدة قنفذة في مصر، دعا أحدهم إلى احتفال كبير. والسبب أنه قد اجتاز فحوصات ما قبل الزواج بنجاح، بحسب ما أوردت صحيفة الوطن المصرية. الرجل يبلغ الـ95 من العمر وما يزال "صالحاً" للزواج! وهو كان قد نجح في هذه التحاليل منذ 15 عاماً. ليس هناك من سن للزواج، ولا للاحتفال بنجاح ما خاصة إن كان ذلك يعني قدرة على الاستمرارية.
الأمراض المرتبطة بفترة الحمل
الحمل والحميراء
تبلغ عدد الإصابات بالحميراء في خلال فترة الحمل 1 إلى 4 من كل 10 آلاف ولادة. ويسهل تجنّب هذه الحالة المرضية بواسطة تلقيح كل امرأة شابة غير مصابة بمرض فقدان المناعة المكتسب(السيدا/الإيدز) قبل أو بعد حملها. وتكون أول إصابة بالحميراء للأم الحامل خطيرة بالنسبة إلى الجنين.
وتؤدي الحميراء إلى تشوهات تصيب الجنين بالإضافة إلى عاهات في القلب، والعين (خصوصاً الماء الأزرق)، والأذن الباطننية، والدماغ (ضمور الجمجمة). وقد تستمر إفرازات الفيروس لمدة تتعدى السنة.
مرض الطفيليات الهلالية toxoplasmose
هي أحد أكثر الالتهابات الطفيلية انتشاراً وينتقل إلى الإنسان بطرق مختلفة منها الاحتكاك بالقطط. وعلى الرغم من عدم خطورتها، فإن الإصابة بها في فترة الحمل قد يكون خطراً بسبب احتمال إصابة الجهاز العصبي المركزي للجنين بآفات عدة.
وتؤدي الإصابة الحادة بمرض الطفيليات الهلالية الوراثية إلى إصابة شاملة، وخصوصاً تدمير النسيج الدماغي. ويستند تشخيص المرض السابق للولادة على 3 عناصر: التصوير الصوتي échographie، فحص البلاسينتا (placenta) aminocentèse، وتحليل الدم الجنيني.
وتفتح الإنجازات الجديدة في مجال علم الأحياء (علم النماعة، علم الأحياء الذرّي) آفاقاً جديدة في مجال التشخيص والعلاج.
كشف السيدا/الإيدز، أخلاقية ومسؤولية
في فرنسا يتمنّى المجلس الوطني للسيدا أن يقترح العاملون في الحقل الصحي "كشفاً لفيروس نقص المناعة البشرية VIH بشكل طبيعي واعتيادي في كافة الظروف الحياتية الضروريّة، من خلال تقديم كافة المعلومات اللازمة لكل طالب استشارة من أجل الحصول على موافقته الحرة وبعد اطّلاعه على كل شيء. ويتضمن ذلك واجب إعطاء جميع الشروحات قبل القيام بالفحص، والتأكد من أنه تمّ إعطاء النتائج بشكل واضح إلى المستشير وأنه فهمها جيداً. ولاحقاً، تحمل ليس فقط المتابعة العلاجية والنفسانية لهذا الأخير في حال جاءت النتيجة إيجابية، وإنما أيضاً الشرح اللازم في حال جاءت النتيجة سلبية، لكي يستطيع الشخص الحفاظ على سلامة حالته".
التنبّه إلى فئة الدم
إذا كان ريزوس دم الرجل إيجابياً وريزوس دم المرأة سلبياً، فهناك احتمال كبير أن يكون ريزوس دم مولودهما الأول إيجابياً. ويتم الحمل والزلادة من دون مشاكل. بيد أنه في خلال الولادة، قد يمرّ دم الجنين الإيجابي إلى داخل دم الأم، فيشكل ذلك أجسام ضديّة مضادة للريزوس الإيجابي. وتظهر المشاكل في فترة الحمل الثاني، حيث تهاجم هذه الأجسام الضديّة الكريات الحمراء ذات الريزوس الإيجابي للجنين، ما قد يسبب إتلافاً لكرياته الحمراء، وهو ما يُعرف باسم انحلال الدم hémolyse. ويمكن تفادي هذه الحالة إذا تحلينا بالمعرفة. لذلك، على كل امرأة ذات ريزوس سلبي تلد طفلاً دمه ريزوس إيجابي أن تتلقّى حقنة مصل anti D عبر العضل، وذلك في خلال الـ72 التالية للولادة. ويدمر هذا المصل الكريات الحمراء البضع التي عبرت دم الأم ويمنعها من تكوين الأجسام الضديّة التي سوف تهددّ الحمل التالي.