"هرمون السعادة" عبارة سمعناها كثيراً وتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي وفي المجلات والبرامج التلفزيونية... ولكن قليلين هم الذي يعلمون بأن هذه العبارة ليست سوى وصف لهرمون موجود في الدماغ اسمه "الدوبامين" Dopamine. هذا الهرمون الذي تم الحديث عنه بشكل مسهب، صوّره كثيرون على أنه السرّ وراء تنشيط عمل الدماغ وتعزيز الشعور بالسعادة. فما هو الدور الحقيقي للدوبامين في الدماغ، وهل هو حقاً مفتاح السعادة؟
تعريف الدوبامين
الدوبامين هو جُزيء كيميائي صغير يعمل كناقل عصبي يحمل الإشارات في جميع أنحاء الدماغ. كما أن له دور آخر في الجسم خارج الدماغ، إذ يشارك في تنظيم ضغط الدم وعملية الهضم ووظائف الكلى. يتم إنتاج الدوبامين في ثلاثة أجزاء من الدماغ، المادة السوداء، المنطقة السقيفية البطنية (VTA)، ومنطقة ما تحت المهاد، وتوجد خلايا الدوبامين العصبية في واجهة VTA مع أجزاء من دماغنا التي تنظّم العواطف والإدراك عالي المستوى. كما تشارك في جوانب وظائف المخ، بما في ذلك السلوك والإدراك والحركة والتحفيز والنوم والذاكرة والتعلم... وغيرها من الوظائف.
3 اعتقادات خاطئة حول الدوبامين
حظي الدوبامين باهتمام واسع النطاق وبضجّة أدت إلى انتشار بعض المفاهيم الخاطئة حول حقيقة دوره.
المزيد من الدوبامين يعني المزيد من السعادة
أحد الاعتقادات الخاطئة الأكثر شيوعاً، تتعلّق بفكرة وصف الدوبامين بأنه إما جيّد أو سيء. والحقيقة هي أن الدوبامين هو جزيء رئيسي في تركيبة الجسم الطبيعية، ولكن الكثير أو القليل منه لن يؤدي إلى أي تغيّر في مزاجنا. لذا فإن الاعتقاد بضرورة تعزيز مستويات الدوبامين هي فكرة غير عملية ولا تدعمها أي تجارب علمية. باختصار، المزيد من الدوبامين لا يعني المزيد من السعادة!
الدوبامين هو هرمون السعادة
ينبع هذا المفهوم الخاطئ من الأبحاث القديمة التي أظهرت أن خلايا الدوبامين تنشط عندما يشعر الإنسان بالمتعة أو عندما يحصل على مكافأة ما، ما دفع بالاعتقا إلى أن هذا الهرمون هو السبب وراء هذا الشعور. إلا أن الأبحاث الحديثة أظهرت أن الدوبامين لا علاقة له بتجربة المتعة بقدر ما يتعلق بالتوقع والرغبة في شيء ما. فهو يساعد الدماغ للتحضّر إذا كان هناك شيء أفضل أو أسوأ مما نتوقّعه كي نتمكن من اتخاذ خيارات أفضل في المرّات المقبلة.
يمكن اختراق أو تسريع الدوبامين في الدماغ
يمكننا بسهولة تسخير أنظمة الدوبامين في دماغنا لنصبح أكثر نجاحًا وتركيزًا. في كثير من الأحيان، يتم تقديم هذا المفهوم ببساطة: من خلال الانسحاب من الأنشطة الممتعة والقيام بأشياء غير سارة، مثل الاستحمام بالماء البارد، يمكننا "إعادة ضبط" الدوبامين في دماغنا، وبالتالي تقليل التوتر والميول الإدمانية، وتحسين وظائف المخ بشكل عام. ولكن رغم ذلك، لا يوجد أي دراسة أو إثباتات علمية تؤيد هذا الاعتقاد.