ما هي العواقب الوخيمة لغياب الأم عن طفلها؟

عندما يولد الطفل، يكون الشعور بدفء الأم، واهتمامها، وعاطفتها، من أعظم التجارب العاطفية التي تؤثر على نوعية وثبات حياته على المدى الطويل. ومع ذلك، يبقى دائماً أول خوف عنده، هو الشعور بفقدان الأمان بسبب غياب الأم التي لا تأتي للمساعدة عندما يحتاج إليها. فلنقلها بكل وضوح: إذا تخلت الأم عن طفلها - نحنا لا نتكلم فقط عن الغياب الجسدي، بل أيضاً عن الغياب المعنوي وعن أدائها دورها الفعلي كأم- فلا شيء في العالم يمكن أن يعوضه عن هكذا غياب!

 

ولأن الطفل يخشى بشكل خاص أن تتركه أمه في السنوات الأولى من حياته، فهو قادر على قبول كل ما تفعله، حتى لو كان ذلك انتقاداتها بقسوة له أو التقليل من شأنه. علاوة على ذلك، لا يجرؤ الطفل حتى على التشكيك في الطريقة التي تعامله بها أمه، حتى أنه يميل إلى لوم نفسه اذا كانت غاضبة.

 

ما معنى أن تكون الأم غائبة؟

كما قلنا سابقاً، إذا عاش الطفل أول سنوات حياته مع غياب أمه وعدم تواجدها معه، فهذا سيؤثر عليه بشكل سلبي. مثلاً، يصل بعض الناس إلى سن الرشد وهم يشعرون بالرعب في أي موقف يجب أن يتواجدوا فيه بمفردهم، وهذا يخلق عندهم حالة من الخوف والقلق الشديد. أيضًا، يمكن أن يكون غياب الأم في الطفولة، سببًا للعديد من اضطرابات النوم والأكل.

من ناحية أخرى، يمكن للأم التي تتغيب بشكل متكرر ولفترات طويلة أن تسبب حالة شديدة من القلق لدى طفلها. فيظهر الخوف عندما تغادر، ولكن أيضًا عندما تعود، لأن الطفل لا يعرف متى ستغادر من جديد. والأمر الأخطر هو عندما تستخدم بعض الأمهات هذا التخويف "للسيطرة" على أطفالهن، فيهددن بالتخلي عنه اذا لم يطعهن.

 

 

ما هي العواقب الوخيمة لغياب الأم عن طفلها؟

يطور الطفل الذي يعيش مع أم غائبة سلوكًا تجاهها يتبع تسلسلاً نموذجيًا: الإحتجاج واليأس والبعد. فالغياب لا ينمي المودة، ويصبح الولد غير قادر على السيطرة على مشاعره، وينتهي الأمر بمنع تطور المشاعر الرومانسية عند الشخص. يمكن أن يولد هذا الغياب أيضًا كراهية لأن عندما كان الطفل بحاجة لأمه فهي لم تلبي هذه الحاجة مرارًا وتكرارًا.

 

يمكن للأم الغائبة أن تجعل من طفلها إنساناً غاضبًا وحزينًا لا يحب التعاطي مع الآخرين، ويتعلم بأصعب الطرق أن عليه مواجهة العالم بمفرده.

 

الثقة في الآخرين هي ما يفقده الطفل في النهاية مع غياب أمه! وأيضًا، الأمل في أن يتمكن شخص ما من تلبية احتياجاته أو حتى أن يحبه فعلاً. فنرى أشخاصاً يحاولون أن يعيشوا الحب في سن الرشد، ولكن (دون أن يعلموا) يعيشون روابط من التبعية المطلقة، والتي ستفشل بكل تأكيد. بالإضافة إلى ذلك، تظل العلاقات مع الآخرين أحيانًا مليئة بالشك، أو يتطلب منهم أموراً مستحيلة.

 

في النهاية، يهمنا أن نقول أن الأم الغائبة تترك وراءها إنسانًا يعيش روابط سيئة مليئة بالغضب والقلق، وقبل كل شيء بعدم الثقة! فأيتها الأم، إنتبهي الى نوعية علاقتك بطفلك، وتذكري أن القاعدة الذهبية لنموه بتوازن، هي بإشعاره بوجودك الدائم قربه، إن كان ذلك جسدياً أو معنوياً (المحبة، الدعم، الإستماع، التفهم...): فبالنهاية هذا كل ما يطلبه منك!

المزيد
back to top button