ساهمت الأفلام بشكل كبير في احتقار وإهانة وظائف بعينها، كان لا بد أن تظهر بتلك الصورة لمعادلة مسار الأحداث داخل الفيلم، ثم ما لبثت أن تحولت تلك الوظائف إلى أيقونة يتم انتهاكها وتجريحها في أغلب الأعمال الفنية، ولو حتى على سبيل الدعابة والفكاهة في الأفلام الكوميدية، وهو ما انعكس سلباً على أرض الواقع.
ثنائية الممرضة والفتاة اللعوب
"ملاك الرحمة"، هكذا كان يطلق على الممرضة في المجتمع المصري، ولا عجب في أن السينما قديماً كان لها دور في تقديس الممرضة التي تسهر على راحة مرضاها. لكن شيئاً فشيئاً تغيرت النظرة إلى تلك المهنة، وأصبحت الأفلام تقدم صورة سلبية عنها، فأغلب الفتيات اللاتي يظهرن في الفيلم سيئات السمعة، ويؤكّدن على أن كل واحدة منهن تعمل ممرضة، وهو ما يضطرها إلى السهر ليلاً، والنوم خارج المنزل، أي استخدمت وظيفة الممرضة في عدد كبير من الأفلام للتغطية على سلوكيات تعتبر سيئة اجتماعياً. في فيلم "صباحو كدب"، وهو فيلم كوميدي من بطولة أحمد آدم وأميرة فتحي. يحب البطل "الأعمى" فتاة تعمل راقصة في ملهى ليلي، لكنها تخبره أن طبيعة عملها كممرضة، يستدعي السهر والنوم خارج البيت كثيراً.
لعبة السكرتيرة والمدير
منذ السبعينيات، ظهرت السكرتيرة في الأفلام كفتاة لعوب، كل هدفها السيطرة على المدير، وإقامة علاقة معه، ومن ثمّ الزواج به، ولا ضرر في الاستحواذ على شركته وأمواله. صورة نمطيّة ظلت السينما تعيدها سنوات وسنوات، وتأثّر المجتمع بها، حتى أن أغلب العائلات ترفض أن تعمل بناتها كسكرتيرات، باعتبارها وظيفة سيئة السمعة، في الوقت الذي تشدد فيه الشركات التي تريد تعيين سكرتيرة أن تكون "جميلة، أنيقة وحسنة المظهر". وهناك عدد من الأفلام التي شوهت وظيفة السكرتيرة منها "ملاكي إسكندرية"، بطولة أحمد عز، غادة عادل ومحمد رجب، تأليف محمد حفظي، إخراج ساندرا نشأت. وفيه تقيم السكرتيرة علاقة مع مديرها للحصول على الأموال، وبعد وفاته تقيم علاقه مع ابنه الذي أصبح مسؤولاً عن الشركة والأموال لنفس الغرض. وأيضاً، الفيلم الكوميدي "أنا وزوجتي والسكرتيرة"، من بطولة أحمد رمزي زبيدة ثروت وحسن مصطفى، وتأليف محمد أبو يوسف، وإخراج محمود ذو الفقار. وفيه تحاول السكرتيرة التقرُّب من مديرها، وجره إلى علاقة معها لابتزاز أمواله، وإعطائها إلى عشيقها.
"كيتش" الخادمة
أظهرت الأفلام الخادمة في صورة سيئة، بدءاً من السرقة، ووصولاً إلى إقامة علاقة مع رجل البيت. اعتمدت أغلب الأفلام على نمطين ساهما بشكل كبير في تشويه تلك المهنة، التي تضطر عدد من الفتيات والسيدات إلى امتهانها لكسب قوت يومهم. فبعض الأفلام أظهرت الخادمة سارقة، تسرق أي شيء صغيراً أو كبيراً وكأنها عادة أو طبيعة تخص أصحاب تلك المهنة. ومن الأفلام التي ساهمت في تشويه صورة الخادمة، فيلم "الباب المفتوح"، بطولة فاتن حمامة وحسن يوسف، تأليف لطيف الزيات، وإخراج هنري بركات. وفيه تقيم الخادمة علاقة مع ابن صاحبة المنزل الذي تعمل فيه.
