بمناسبة يوم المرأة الإماراتية، تُسلّط مجلة Elle Arabia الضوء على هند الهويدي، الرئيسة التنفيذيّة للتطوير في شركة «بيئة»، التي تميّزت مسيرتها المهنية بتكاملها القوي بين رعاية البيئة والتنمية البشرية. هند، المناصرة الشغوفة للاستدامة والتعليم، بدأت مسيرتها في "بيئة" بتطوير برامج مجتمعية غرست الوعي البيئي لدى الطلاب والمجتمعات. واليوم، تقود مبادرات لا تقتصر على بناء ثقافة الاستدامة في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة فحسب، بل تُعدّ الجيل القادم من القادة للنجاح في عالم سريع التطور.
يحتفي يوم المرأة الإماراتية هذا العام بالنساء اللواتي يُشكّلن المستقبل. كيف ترين رحلتكِ في برنامج «بيئة» مُجسّدةً هذا الشعار؟
لطالما انسجمت رحلتي في "بيئة" مع روح المؤسسة، وهي السعي لبناء مستقبل مستدام يضع الإنسان في صميمه.
عندما بدأتُ العمل في "بيئة"، بدأتُ العمل على مستوى القاعدة الشعبية لرفع مستوى الوعي وغرس روح المسؤولية البيئية، بدءًا من تطوير مناهج دراسية للطلاب في المدارس وصولًا إلى حملات ميدانية في المجتمعات. واليوم، يستمر هذا العمل في إطار أكاديمية الاستدامة، التي تُشرك مئات المعلمين والمدارس للوصول إلى أكثر من 252,000 طالب في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة. كما تُدير الأكاديمية برنامجنا الرائد لمنح الشهادات، وهو برنامج "رواد الشباب من أجل الاستدامة"، الذي يُهيئ طلاب المرحلة الثانوية بأساس متين في مبادئ الاستدامة لدعم تعليمهم العالي ومسيرتهم المهنية المستقبلية. وقد أظهرت لي هذه التجربة مدى قوة التعليم في إحداث تغييرات إيجابية بين الشباب، ومساعدتهم على تبني الاستدامة كأسلوب حياة. لقد أصبح هذا، بطبيعة الحال، أساسًا لكل ما قمت به منذ ذلك الحين. على مدار السنوات القليلة الماضية، طوّرتُ أيضًا جائزة رواد المستقبل، وهي مبادرة عالمية سنوية أُطلقت برعاية معالي الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، تُكرّم وتُكافئ رواد الاستدامة، أفرادًا وجماعات، في المدارس والشركات، وتشمل جميع الفئات العمرية والمهن. وتنمو جائزة رواد المستقبل كمنصة لتسليط الضوء على الابتكارات في مجال الاستدامة لإلهام التغيير الإيجابي على نطاق واسع. بصفتي الرئيس التنفيذي للتطوير، يُشرفني أيضًا التركيز على تطوير مواهبنا وقوانا العاملة بما يتماشى مع استراتيجية المؤسسة وأجندة التنويع والتوطين في دولة الإمارات العربية المتحدة. ومن خلال برامج تدريبية متخصصة، مثل برنامج قيادة المستقبل، نُعدّ الجيل القادم من القادة لمواجهة تحديات الغد الفريدة، في وقت تُعدّ فيه الاستدامة والابتكار أساسًا للنجاح الاقتصادي طويل الأمد. تؤدّي المرأة الإماراتية دورًا بارزًا في رسم مستقبل وطننا. من خلال تعزيز التقدم في التعليم والابتكار والاستدامة والقيادة، تُسهم المرأة الإماراتية في نمو دولة الإمارات العربية المتحدة، وتُلهم الأجيال الجديدة لقيادة مستقبل البشرية. تُرسّخ برامج "بيئة" الاستشرافية مكانة المرأة الإماراتية كعنصر فاعل في المجتمع، لأن مرونتها ورؤيتها الثاقبة تُسهمان في تنشئة قادة الغد.
يُمكّن برنامج «بيئة» التدريبي للقيادة المستقبلية الإماراتيّين من استكشاف مسارات مهنية متنوعة. ما هو التغيير الأكثر تأثيرًا الذي شهدته في مسيرة أحد المشاركين؟
من خلال برنامجنا الرائد للتطوير التنفيذيّ، حظيتُ بشرف أن أشهد بنفسي التحول الاستثنائيّ للمرشّحين الإماراتيّين، حيث تطوّروا من محترفين ذوي إمكانات عالية إلى قادة واثقين في مناصب متنوعة مؤثرة. أكثر ما يُلهمني هو رؤية رحلة النمو هذه، حيث يُجهّزون بالاستراتيجيات والأدوات المُستعدة للمستقبل التي يحتاجونها للتطور إلى قادة استراتيجيين مرنين، خبراء في التعامل مع أكبر تحديات العالم. شهدت دورة البرنامج 2025-2026 إنجازًا مميزًا، حيث رحبنا بمرشحين إماراتيين من مؤسسات شريكة خارجية في مجموعتنا لأول مرة منذ انطلاق البرنامج. من المهم جدًا بالنسبة لي أن يخرج كل مشارك من هذا البرنامج بمعرفة شاملة، بالإضافة إلى الثقة والشجاعة اللازمة لإحداث التغيير في المشهد المؤسسي، والاستفادة من التعاون والشراكات ذات التوجهات المُماثلة على طول الطريق. من خلال تنمية جيل من القادة المتعاونين الذين يجمعون بين الخبرة الحادة والاستراتيجية، فإننا نساعد في خلق تأثير تموجي من التأثير الإيجابي الذي يمتد إلى ما هو أبعد من البرنامج، وبرنامج BEEAH، وإلى العالم الأوسع، أينما ذهبوا بعد ذلك.
لطالما كانت الاستدامة جوهر عملكِ. برأيكِ، كيف تُساهم المرأة الإماراتية بشكلٍ فريد في مناصرة البيئة؟
من واقع تجربتي الشخصية، ومن خلال تفاعلاتي مع العديد من المؤسسات الرائدة، تُرسي المرأة الإماراتية مسار مستقبل مستدام. يُجسّد احترام البيئة جزءًا لا يتجزأ من حياتها اليومية، بدءًا من تكريم الجذور الثقافية الإماراتية التي تُركّز على الانسجام مع الطبيعة، وصولًا إلى الدعوة إلى نماذج أعمال مستدامة كجزء من مسيرتها المهنية. من المُلهم أن نرى المرأة الإماراتية تُبادر في مجال لم يكن يومًا أكثر أهمية مما هو عليه اليوم. في «بيئة»، تُعدّ المرأة الإماراتيّة جوهر حركة الاستدامة لدينا. فهي تقود الابتكار من خلال البحث والتكنولوجيا وريادة الأعمال، وتُبدع وتُطوّر حلولًا عملية للتحديات البيئية. من خلال عملي، أتيحت لي أيضًا فرصة التعاون مع مواهب إماراتية شابة لعبت دورًا حيويًا في البرامج التي أُديرها، مُظهرةً التزامها بتمكين المجتمعات على المستوى الشعبي، وتعزيز الوعي، وتشجيع المزيد من أساليب العيش المُستدام. تساهم المرأة الإماراتية في تشكيل اتجاه الاستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتثبت أن القيادة الحقيقية تتمثل في خلق التغيير المستدام على كافة مستويات المجتمع.
قيادتكم متجذرة في كلٍّ من الصحة البيئية والتنمية البشرية. كيف يتقاطع هذان الشغفان في اتخاذكم للقرارات اليومية؟
الصحة البيئية والتنمية البشرية أمران أهتم بهما بشدة. كلاهما جزء من رسالة واحدة. عندما نقلل من النفايات، ونحمي الموارد، ونطبق ممارسات أنظف، فإننا لا نحسّن البيئة فحسب، بل نبني أيضًا مجتمعات أكثر صحة ومرونة. وفي الوقت نفسه، من خلال الاستثمار في الأفراد وتزويدهم بالمعارف والمهارات وفرص القيادة، نضمن استدامة التقدم. في قراراتي اليومية، أبحث عن هذا التقاطع: كيف يمكن لمبادرة ما أن تُحسّن حياة الناس اليوم، وفي الوقت نفسه، بناء القيادة اللازمة لحماية مستقبلنا. هكذا تلتقي التنمية البيئية والتنمية البشرية عمليًا. بالنسبة لي، التنمية البشرية أكثر من مجرد إعداد للقيادة؛ بل هي أيضًا تمكين الطلاب والمعلمين والمهنيين بالمهارات والوعي اللازمين للنجاح في المستقبل. عندما نزود الأفراد بالمعرفة والأدوات، فإننا ندعم نموهم ونُنشئ جيلًا واعيًا بتأثيره على البيئة. لبناء مستقبل مستدام حقًا، أعتقد أننا يجب أن نغير العقليات. وهذا يعني معالجة السلوكيات من جذورها، وإلهام الناس للتفكير بطريقة مختلفة، وغرس شعور بالمسؤولية يتجاوز ذواتهم إلى العالم من حولهم.
تتوافق رؤية «بيئة» مع الأجندة الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة لتنمية المواهب. ما هي الخطوة الجريئة التي تعتقدين أن على الدولة اتخاذها لإطلاق العنان لإمكانات قياداتها النسائية الكاملة؟
لقد رسّخت دولة الإمارات العربية المتحدة مكانتها كدولة رائدة عالميًا في تمكين المرأة، وتُحدث المرأة الإماراتية اليوم تأثيرًا ملحوظًا في جميع القطاعات. وأعتقد أن الخطوة الجريئة تكمن في أن تصبح برامج تنمية المرأة جزءًا لا يتجزأ من أهداف كل مؤسسة، بما يضمن دعم المرأة على جميع المستويات في نموها. فهذه البرامج تُمهّد الطريق وتُهيئ الظروف اللازمة للمرأة للابتكار، والمساهمة في الأولويات الوطنية، والريادة في الصناعات الناشئة. في «بيئة»، لا تتوقف مبادراتنا التنموية عن التطور والتوسع، مستوعبةً الأفكار الجديدة ومتكيّفةً مع البيئة سريعة التغير. ومن خلال هذا النهج الديناميكي، نضمن أن تظل المرأة الإماراتية محورًا أساسيًا لدفع عجلة التقدم، مع تعزيز صورة الإمارات العربية المتحدة كوجهة تزدهر فيها المواهب وتزدهر فيها القيادة.
على الصعيد الشخصي، ما هي أكثر لحظات فخركِ كامرأة إماراتية تقود التغيير، وما هو التحدي الذي شكّل مرونتكِ؟
أكثر لحظات فخري كامرأة إماراتية تقود التغيير هي رؤية الأثر الدائم لعملي ينعكس على من حولي. سواءً من خلال التحولات السلوكية، أو كلمات التشجيع، أو النتائج المبهرة، أو النمو المطرد للأفكار على مر السنين، فإن رؤية التغيير يتجذر كان مجزيًا للغاية. وبعيدًا عن النتائج، يأتي فخري الأكبر من كوني قدوة للجيل القادم، مُلهمًا الشابات لإدراك أن أصواتهن وأفعالهن يمكن أن تُشكّل مستقبلًا أكثر استدامة للجميع. التحدي الذي شكّل مرونتي هو التعامل مع مسؤولية قيادة التغيير المستمرة في عالم تتزايد فيه التوقعات باستمرار. ليس من السهل أبدًا تجاوز الحدود وتحدي العقليات، ولكن من خلال المثابرة تُكتسب الثقة ويُحرز التقدم. لقد تعلمتُ أن أرى هذه التحديات فرصًا للنمو والتكيف، وإثبات أن المرأة الإماراتية قادرة على القيادة بقوة وشجاعة ورؤية ثاقبة.