من محرّرة في قسم الموضة إلى رائدة أعمال وصاحبة أكبر شركة استشارية في مجال الأزياء.. سعت مريم مصلي جاهدة إلى إنشاء جسر يربط بين الموضة المحليّة والموضة العالمية. روّجت لقطاع الأزياء السعودية خارج البلاد، وجلبت إلى الداخل أرقى العلامات التجارية وأشهرها، فاستطاعت أن تضع المملكة على خريطة الموضة العالمية. كرّمتها ميشال أوباما حين كانت سيّدة البيت الأبيض، وصُنّفت بين أكثر 50 امرأة تأثيراً في السعودية.
في هذا الحوار، تخبرنا مريم مصلي عن مشوار التحدّي الذي سلكته، والصعوبات التي رافقتها في رحلتها، وعن أبرز الإنجازات التي حقّقتها لغاية اليوم.
أنت الشخصية الأكثر تأثيراً في الموضة السعودية. ماذا يعني لكِ هذا التصنيف وما هي المسؤولية التي يضعها على عاتقك؟
هذا امتياز أعتزّ به، وإنه لشرف كبير لي أن أمثّل وأدعم صناعة الأزياء المحليّة في الداخل والخارج. وأنا ممتنة لجميع الفرص التي أحصل عليها والتي تمكّنني من إحداث تغيير إيجابي في صناعة الأزياء السعودية. مهمّتي هي أن أستمر في دعم المبدعين المحليين والنساء السعوديات وأن أتأكد من حصولهم على المصادر والفرص التي يحتاجون إليها، وذلك عبر المنصّات التي أنشأتها خلال مسيرتي المهنية.
أول عرض أزياء مختلط في السعودية كان من تنظيمك. أخبرينا عن هذه التجربة وعن الصعوبات التي واجهتها
أشعر بفخر كبير لسعيي إلى تطوير مجال الموضة في المملكة. ولا شك بأن الجهود التي أبذلها تكون مرفقة بالكثير من التحدّيات، إلا أن النتيجة التي أحصدها والتي تتجسّد بالتغيير وبوضع معايير جديدة، أمر يستحق العناء. فما يهم هو تحقيق الأفضل وليس الوصول إلى القمّة فحسب. وعرض الأزياء المختلط الذي نظّمتُه في المملكة كان أبرز مثال على هذا التحدّي، وقد حرصت على احترام ثقافتنا ومعتقداتنا من خلال تقديم تصاميم محتشمة بلمسة عصرية، ففي نهاية المطاف، أنا أسعى إلى دمج التقاليد والأعراف بالعصر الحديث لا إلى الخروج عنها. وهو برأيي ما يؤمن به أيضاً الشباب السعودي، فنحن نفتخر بثقافتنا وبما نؤمن به، وتقاليدنا متأصلة في كل أعمالنا.
أصدرت نسختين من كتاب "تحت العباءة". كيف تقيّمين هذه التجربة وهل من الممكن أن تتكرّر؟
نحن نعمل بالفعل على إصدار الطبعة الثالثة، والحمد لله!
بالنسبة إلي، "تحت العباءة" هو تجسيد للمجتمع، وإنشاء منصّة تُظهر للعالم المجتمع النسائي السعودي الذي يدعم بعضه البعض، بالإضافة إلى إظهار الصورة الحقيقية للمرأة السعودية وطموحاتها.
في العام 2011 أسست شركة Niche Arabia. كيف تقيّمين أعمال الشركة بعد مرور 12 عاماً على تأسيسها؟
هذا المشروع ينتجه أشخاص وشركات عملنا معهم لسنوات عدّة، وهو أكبر دليل على نجاحه، بالإضافة إلى نوعية الزبائن التي نتعامل معها. تتميّز الشركة بديناميكيتها، حيث إن أي موظف، مهما كانت مسؤوليته، يساهم في تقديم الأفكار والاقتراحات التي تساعد في تطويرها. بعد انقضاء كل هذه السنوات، وعندما أعيد النظر في ما أنجزته رغم كل العراقيل، أستطيع أن أجزم بأنني كنت سأتخذ القرارات نفسها لو عاد الزمن بي إلى الوراء.
حققت إنجازات كثيرة في حياتك لغاية اليوم. ما هو الإنجاز الأقرب إلى قلبك؟
تأتسيس Niche Arabia. فهو ليس مجرّد مشروع تجاري، بل هو امتداد لنفسي، وما زرعته حصدته أضعافاً مضاعفة من خلال دعم كبير استطعت أن أقدّمه بدوري إلى مجتمعنا.
هل كان لعملك كمحّررة موضة أيّ دور في إنجاح مسيرتك؟
بالتأكيد! فمهنة الصحافة منحتني القدرة على تسليط الضوء على الجوانب التي تخلق أفضل انعكاس للعلامة التجارية. فهذه الأخيرة هي مجرّد كيان، ويأتي السرد أو القصّة ليمنحاها الحياة.
ما هي الأعمال التي قدّمها مجلس الأزياء السعودي منذ تأسيسه لغاية اليوم؟
خلال الأشهر الأولى من تأسيسه، أنتج المجلس أغلفة ومواد تحريرية لمطبوعات عالمية بمشاركة مبدعين محليين وناشئين. حتى أننا قدّمنا مادة تحريرية لموقع Elle Arabia في مدينة نيوم بالتعاون مع علامات تجارية سعودية متخصّصة بالموضة المستدامة. بالإضافة إلى ذلك، شكّل المجلس جسر تواصل بين خبراء المظهر الناشئين والعلامات التجارية، من أجل تنسيق إطلالات المشاهير والمؤثرين على السجادة الحمراء في المناسبات السعودية. وأنا فخورة بكوني جزءاً من تطوير النظام البيئي المبتكر ودعم المواهب المحلية.
كرائدة أعمال سعودية، ما هي نصيحتك لمن يرغب بتأسيس مشروعه الخاص من الجيل الجديد؟
أقول لهم إن فتح أبواب الفرص هو خطوة سهلة في مسيرتهم، أما الخطوة الأصعب فتكمن في قدرتهم على إثبات انتمائهم للمكان الذي وصلوا إليه. كما أن هناك الكثير من التحدّيات، ومع التغيير الذي تشهده بلادنا فإن فرصاً وافرة ستُفتح أمامهم وهذا هو الوقت المناسب لاغتنامها وتحقيق أهدافهم.
هل أنت راضية عن كل الخطوات التي اتخذتها، وهل هناك ما تندمين عليه؟
الندم الوحيد الذي أشعر به هو لعدم التقاط ما يكفي من الصور التي توثّق مسيرتي.