تتحدّث الأمينة العامة لـمؤسسة "الوليد للإنسانيّة، صاحبة السمو الملكي الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود إلى Elle Arabia عن دورها وما ينطوي عليه، وعن عناصر النمو الرئيسية في السعودية، وعن معالجة المفاهيم الخاطئة، والمزيد...
يرتكز عمل مؤسسة "الوليد للإنسانية" على الرؤية التي لدى رئيسها، صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال آل سعود، للمساهمة في عالم يسوده التسامح والقبول والمساواة والفرص للجميع. يطلق فريق العمل الخيري، المكوّن من ١٠ نساء سعوديات بقيادة صاحبة السمو الملكي الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود، مشاريعه استناداً لأربع ركائز رئيسية: تطوير المجتمعات، وبناء الجسور بين الثقافات، وتمكين النساء والشباب، وتقديم الإغاثة في حالات الكوارث. في الآونة الأخيرة، أطلقت مؤسسة "الوليد للإنسانية" ورش عمل إبداعيّة رائدة للحرفيّات السعوديّات في جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، أكبر جامعة نسائية في العالم. وستسهّل ورش العمل هذه المقامة في مركز الإنتاج المخصّص للسيراميك والشمع والجلود والمنتجات الخشبية المصنوعة يدوياً ولوج مئات الحرفيات.
أوضحت صاحبة السمو الملكي الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود أنّ "الاقتصاد الإبداعي يمثّل فرصة عظيمة لتطوير ورعاية جيل جديد من النساء السعوديات بحيث يصبحن مشاركات نشطات في الاقتصاد بشكل متزايد". "تتمثّل إحدى القناعات الرئيسيّة "للوليد للإنسانيّة" في تمكين المرأة من أن تكتسب الثقة بنفسها لتخطّ مصيرها. يعد تطوير مهارات جديدة في الصناعات الإبداعية والحرفية طريقة رائعة للمرأة للقيام بذلك، فضلاً عن تطوير هويتها الخاصة".
ELLE Arabia: في حين ينظر معظم الناس إلى ناطحات السحاب المتصاعدة والمدن المتوسّعة كدليل على النمو، ما هي برأيك عناصر النمو الرئيسية في السعودية؟
الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود: بيئة شاملة. يمكن تحقيق تقدّم هادف نحو التنمية البشرية المستدامة بشكل أفضل من خلال التدابير التي تعزّز حقوق الإنسان وتحميها، وتضمن المشاركة الفعالة للأقليات. البلدان التي تهمش مجموعات مختارة تقوّض وتضعف أداءها الاقتصادي. إن لم يُمنح جزء من سكان بلد ما الفرصة للحصول على تعليم ذي جودة عالية، ووظيفة آمنة، وإسكان مستدام، وإمكانية الولوج إلى الخدمات والسلامة، فسوف يتدهور الرأس المال البشري، وسيزداد عدم المساواة في الدخل، وسينشأ عن ذلك اضطرابات اجتماعية. كجزء من جهودنا لدعم تطوير اقتصاد مستدام، عقدنا شراكة مع Careem وتعهّدنا بتزويد Careem Captainahs بـ ١٠٠ سيارة. وقد قمنا بتسليم الدفعة الثالثة من السيارات في مارس ٢٠٢٠. من خلال مشروع Harakia، عملنا على تحقيق نفس الشيء لمن يعانون من إعاقات في الجزء السفلي من جسدهم. تمتلك "الوليد للإنسانيّة" تاريخاً يعود إلى ٤٠ عاماً من الدعم لريادة الأعمال من أجل المساهمة في اقتصاد مستدام. يدعم عملنا التزام المملكة العربية السعودية بضمان عدم تخلف أي سعودي عن حقوقه.
ELLE Arabia: ما هو دورك كأمينة عامة لـ "الوليد للإنسانيّة"؟
في "الوليد للإنسانيّة"، تقود عملنا رؤية رئيس مجلس الإدارة، صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود، للمساهمة في عالم يسوده التسامح والقبول والمساواة والفرص للجميع. وأنا ملتزمة شخصياً بضمان إنعكاس رؤية سموه في عملنا الخيري، لا سيما فيما يتعلق بالركائز الأربع للمؤسسة: تطوير المجتمعات، وبناء الجسور بين الثقافات، وتمكين النساء والشباب، وتقديم الإغاثة في حالات الكوارث.
ELLE Arabia: ما هي المفاجآت غير المتوقعة التي واجهتيها في مسيرتك؟
أثّر الوباء على العديد من الصناعات والأعمال في جميع أنحاء العالم، ولم يختلف الأمر بالنسبة للقطاع غير الربحي. كما فعلت على العديد من الكيانات، فقد وضعت أزمة Covid-19 ضغوطاً مالية إضافية على المنظمات والجمعيّات الخيرية في جميع أنحاء العالم. لمواصلة مواجهة القضايا الأكثر إلحاحاً في العالم بتفاني والتزام وذكاء لا يتزعزعان، ركّزت مؤسسة "الوليد للإنسانيّة" بشكل أقوى على الحلول المبتكرة، وعلى تسخير قوة الرقمنة لإيجاد طرق جديدة للتواصل والتعامل مع مجتمعنا.
من خلال العمل مع شركائنا ـ بدءاً من الهيئات الحكومية والمنظمات الخيرية وصولاً إلى منشئي المحتوى الرقمي ـ قمنا بإعادة تخصيص التمويل لأولئك الذين تأثروا بشدة، كل ذلك مع تأمين التواصل مع ذوي المصلحة والمجتمعات والجمهور، مما يضمن وصولنا إلى جميع المستفيدين، القريبين منهم والبعيدين. لدعم المعركة ضد Covid-19، خصّصت "الوليد للإنسانيّة" مبلغ ٣٠ مليون دولار أمريكي لمجموعة من المبادرات بالشراكة مع مؤسسة Bill & Melinda Gates Foundation و Gates Philanthropy Partners ومنظمة الصحة العالمية (WHO) و UN-Habitat و GAVI و Splash و منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (ICESCO) وصندوق END Fund. اتخذنا نهجاً شاملاً لتحقيق الأهداف القصيرة والطويلة الأمد، وعملنا مع ICESCO لدعم رواد الأعمال المحليين في جميع أنحاء إفريقيا لضمان حصولهم على دخل مستدام خاصّة خلال الأوقات الصّعبة. جزء لا يتجزّأ من العمل في المجال الإنساني هو توقُّع دائمم ما هو غير متوقّع والاستعداد لتقديم الدعم.
ELLE Arabia: ما هو أكثر ما تفتخرين به، من حيث الإنجازات وعمليّات التعاون الأخيرة؟
تدعم مؤسسة "الوليد للإنسانيّة" المبادرات العالمية المتنوعة التي تركّز على تحسين حياة الناس في جميع أنحاء العالم. وبقيامنا بذلك، ينبغي علينا إقامة شراكات ذات مغزى وتوفير الموارد للمحتاجين بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الدين. يقود مبادراتنا نهج مبتكر يهدف إلى تمكين المستفيدين، كأداة لتنمية اقتصاد مستدام. ما يتمّ قياسه يتمّ تحديد أولوياته، وما تمّ تحديده حسب الأولوية يتمّ إنجازه. أنا أعمل لتمكين المشاريع والبرامج من خلال الاستخدام الفعال لنهج قائم على البيانات لمعالجة أكثر القضايا الاجتماعية إلحاحاً. لقد تعاونّا مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة والهيئة العامة للإحصاء وجامعة الملك سعود لقياس أول مشاركة سعودية في دراسة التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي تكشف عن التحديات التي تواجه المرأة السعودية من منظور اجتماعي واقتصادي وصحي وتعليمي.
علاوة على معالجة الحاجة الملحة لزيادة توافر المعلومات الدقيقة حول المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة، فقد لعبت الدراسة دوراً أساسياً في إعلام استراتيجيتنا لتطوير حلول مبتكرة تركّز على معالجة القضايا الاجتماعية في الداخل والخارج. بناءً على هذه الأفكار، شرعنا في تعاون مثير لدعم الحرفيات السعوديات في المملكة العربية السعودية، وإطلاق علامة تجارية مستدامة لأسلوب الحياة، Mizwada، لدعم الحفاظ على التراث المحلي والفنون والحرف اليدوية مع المساهمة في تطوير اقتصاد مستدام.
ELLE Arabia: أخبرينا كيف تساعد مؤسسة "الوليد للإنسانية" في بناء جسور بين الثقافات؟
صور الإسلام الإيجابية تشكو من تمثيل ناقص بشكل صارخ في وسائل الإعلام. أرى الفن كمحفّز حقيقي للتغيير الاجتماعي. لتغيير السرد وبناء تفاهم بين الثقافات، تعمل "الوليد للإنسانية" على بناء الجسور، وتعزيز الحوار بين الثقافات والأديان داخل مراكز الأمير الوليد الأكاديمية في الجامعات الرائدة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك: جامعة جورج تاون، جامعة هارفارد، جامعة إدنبرة، جامعة كامبريدج، الجامعة الأمريكية في بيروت والجامعة الأمريكية بالقاهرة. من خلال التعاون، تقود مؤسسة "الوليد للإنسانيّة" المحادثات وتبادل الأفكار من أجل تحسين البشرية. تلعب هذه المراكز دوراً قوياً في تعزيز التفاهم بين الثقافات في المجتمع. إنها تنقل قصة تراثنا، والتي يمكن أن يساء فهمها في كثير من الأحيان. نحن فخورون بأن نكون جزءاً من المحادثة، وأن نصوّر بإخلاص حياة وتجارب الرجال والنساء المسلمين في جميع أنحاء المنطقة.
ELLE Arabia: ماذا عن المسألة الصعبة المتمثلة في معالجة المفاهيم الخاطئة؟
نحن ملتزمون بخلق مساحات تسهّل الأحاديث المنفتحة، وتحدّي المفاهيم الخاطئة، وتبادل الأفكار. في نهاية المطاف، الاعتماد على الفن والثقافة والبحوث والعلوم لتعزيز الفهم العالمي اللازم للسلام في عالم يزداد ترابطاً. وجدنا أنّ توفير مساحة للأشخاص لسرد قصصهم أمر حيوي. فأطلقنا مشروع Multaka عبر أوروبا، في متحف لوفر في باريس ومتحف Pergamon في برلين، ومؤخراً بالشراكة مع جامعة أوكسفورد. يقوم البرنامج بتدريب اللاجئين ليكونوا مرشدين سياحيين ويحفّز النقاش حول التاريخ الإسلامي. نحن فخورون بأنّ البرنامج قد حقّق بالفعل نجاحاً كبيراً بفتح أبوابه للاجئين ومساعدتهم في الاندماج في المجتمع المحلي من خلال قوة الفن والثقافة. إنّها شهادة حقيقية على قوة الفن ودور الصناعات الإبداعية في تعزيز التنمية الاجتماعية. عبر هذه المؤسسات الموقرة، رأينا أنّ الفن والثقافة يؤجّجان النقاش بين المجتمعات ويسلطان الضوء على أوجه التشابه، ويُغنيان الفهم الثقافي لدى الموظفين والمتطوعين وزوار المتاحف. وقد أثّر ذلك بشكل كبير على نوعية حياة اللاجئين، ودعم اندماجهم في مجتمعات جديدة؛ وساهم في معالجة المفاهيم الخاطئة في نفس الوقت.
ELLE Arabia: كامرأة سعودية، ما الذي تودين أن يعرفه العالم؟
التعاون هو المفتاح لسد الفجوة بين الجنسين. لقد حقّقنا العديد من الإنجازات في المملكة العربية السعودية لتمكين المرأة وتعزيز الفرص. نحن محظوظون كوننا نرى النساء بمثابة لاعبات رئيسيات لضمان اقتصاد مستدام. تجدر الإشارة إلى أنّ عدداً متزايداً من النساء في المملكة العربية السعودية يشاركن في القوى العاملة وهنّ أكثر استقلالية، لا سيما مع التخفيف من وطأة قانون الوصاية. أدّى التزام الحكومة السعودية والمنظمات الرئيسية إلى زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة، بما في ذلك زيادة التعيين في المناصب العليا والحكومية والشركات. لا يزال هناك الكثير بعد مما يتعيّن علينا القيام به، لكننا نسير في الاتجاه الصحيح. إنّ توظيف النساء على نفس المستويات مع الرجال في مختلف القطاعات يمكن أن يضيف ٢٨ تريليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي. عندما تستثمرين في تمكين المرأة، فإنّك تقومين بتمكين المجتمعات القريبة والبعيدة. مع زيادة التعاون بين القطاع العام والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية، أنا واثقة من أنّه يمكننا الاستمرار في رؤية معالم التقدّم في السنوات القادمة.
ELLE Arabia: كامرأة ناجحة، كيف ترغبين في التأثير على النساء الأخريات؟
قبل الانضمام إلى مؤسسة "الوليد للإنسانية"، كنت أدافع عن تمكين المرأة في جميع أنحاء المنطقة، وخاصة في مجال صناعة النشر حيث تعرّضت للعديد من القصص الملهمة. أدركت الحاجة إلى تسليط الضوء على الإنجازات والتحديات التي لم يلاحظها أحد في كثير من الأحيان، وأردت أن أشارك بشكل مباشر في دعم وتوجيه الجيل القادم.
يعتبر تمكين المرأة أحد الركائز الأساسية للمؤسسة. في "الوليد للإنسانيّة"، نكرّس جهودنا لتقديم برامج التدريب والتوظيف، ودعم خريجات معاهد الحقوق، وتمكين المرأة في القطاع الحكومي، وتشجيع الحرف اليدوية النسائية، وزيادة الوعي لناحية الحقوق القانونية للمرأة في المملكة العربية السعودية وخارجها. من خلال المعرفة الصحيحة، يمكن للمرأة بالتأكيد أن تصبح صانعة تغيير متمكّنة. أودّ أن أنصح النساء الأخريات بالبحث عن فرص للتعلّم والنمو، خاصة وأنّ الجيل الصاعد من القيادات النسائية سيعيش مع تأثيرات أهداف التنمية المستدامة وسيكون من قادة المستقبل للمساعدة في تشكيل عالم أكثر شمولاً.
ELLE Arabia: ما هو شعارك في الحياة؟
عندما نستثمر في تمكين المرأة، يكون لذلك تأثير مضاعف، حيث نساعد العائلات والمجتمعات والبلدان على تحقيق أفضل النتائج. في سن مبكرة جداً، علّمتني والدتي أهمية رفع مستوى الضعفاء وأن أكون صوتاً لمن لا يُسمع صوته. بسبب هذه القيم، شعرت دائماً بمسؤولية استخدام تأثيري من أجل الصالح الاجتماعي وكنت مدافعة قويّة عن النهوض بدور المرأة من خلال مجموعة واسعة من المجالات، سواء كان ذلك في وقت مبكر من حياتي المهنية أو اليوم، بصفتي الأمينة العامة لمؤسسة "الوليد للإنسانية". لقد جعلت من تمكين المرأة مهمّة حياتي، قريبة كانت أوبعيدة. اليوم، أنا فخورة بدعم وتوجيه الجيل القادم من القيادات النسائية.